أخطر خطاب يتم ترويجه وتعميمه في أوساط المجتمع، هو الخطاب الذي يأتي بأسلوب «الحق الذي يراد به باطل».

هذا الخطاب خبيث في مبعثه، لا يقدمه إلا صاحب الأجندة، والساعي لتحقيق هدف غير سوي، خطاب لا هدف من ورائه سوى إثارة الفوضى والبلبلة في أوساط الناس، وإشغالهم في قضية معينة، بحيث تكون تداعياتها تصب في اتجاه واضح، يستهدف شكل الدولة ونظامها.

تمعنوا جيداً في أساليب الجماعات الكارهة للبحرين، تمعنوا جيداً في عمليات الاستغلال للأحداث التي تقوم بها «فلول» الانقلاب الفاشل، ستجدون أن «تطريز» الخطاب يأتي بطريقة تقترب من نفوس البشر، بل وتدفعهم للتعاطف، وأيضاً إبداء التفاعل، لأنها تتحدث عن أمور مبدئية نتفق عليها، سواء أكانت في جوانب العدالة والإنصاف ومحاربة الخطأ، لكن «الخبث» الكامن وراء هذه الأساليب يتضح لك بسهولة، بمجرد النظر لكنه الأشخاص ومعرفة تاريخهم، وتحديد مواقفهم المسجلة بشأن دولتهم وثوابتها.

«نافخو الكير» يتجلون سريعاً ليتصدرون المشهد في أي مشكلة، خطابهم يبدأ ببناء على مبادئ ومفاهيم نتفق عليها مثلما أسلفنا، لكن ما يعقب ذلك يمكنكم أن تكتشفوه بسهولة، تصريحات وتلميحات تهدف إلى ضرب الدولة، تستهدف سياستها، تحرض الناس عليها، وتبدأ بـ«حرف» الموضوع إلى اتجاه آخر.

هؤلاء المتحينون للفرص لمهاجمة البحرين، هم من يأتون على رأس قائمة «التناقض» في المواقف، يحدثونك عن الطائفية وعن ضرورة محاربتها، وهم أول الطائفيين، بل هم من يحرضون الناس ليؤثروا عليهم طائفياً، وليقسموا الشارع إلى نصفين، وهذا ما فعلته «الوفاق» الانقلابية ومازالت تفعل، هذه الجمعية التي تعجز حتى اللحظة في تفسير «صمت القبور» الذي تمر به إزاء استهدافات إيران للبحرين من تصريحات وأفعال، لم تنطق بحرف وهي تعلم «أكثر من الجميع» ما هي الأجندة الإيرانية تجاه البحرين. هم يقولون ألا دخل لهم بإيران، طيب فلماذا لا تدينون ولو بحرف استهدافها البحرين؟!

ينظرون عليك بشأن التمييز والتقسيم المجتمعي، وهم أول من يقسم المجتمع ويصنفه على أساس «كانتونات» حزبية وطائفية، أوليست «الوفاق» وأذيالها من كانوا ومازالوا يصفون رجال الشرطة بأنهم «مرتزقة»؟! أليس هذا خطاباً تمييزياً وتسقيطياً؟! أليس هذا دعوة لمحاربة النظام والدولة؟! أوليسوا هم صنفوا من يختلفون معهم في الرأي والموقف على أنهم «عملاء للنظام» وأنهم «ضد الشيعة»، في تهم باطلة سقيمة تسعى لتأليب الناس على من يدافعون عن الوطن.

في الحادثة الأخيرة في الغرفة، والتي استنكرها كل البحرينيين، مارس نافخو الكير، ممن وقفوا على منصة الدوار ليطالبوا بـ«إسقاط النظام البحريني» لصالح إيران، وتحت ذرائع «سيقت بخبث» تدغدغ مشاعر الناس بشأن همومهم المعيشية، ممن أساؤوا لرموزنا بشكل صريح، مارس نافخو الكير هوايتهم في «حرف» الأمور لاستهداف البحرين كنظام ومكونات مجتمع تختلف معهم وتصد كيدهم، حينما تحدثوا عن التجنيس، وركزوا الموضوع في اتجاه واحد، ثم اتضح بأن المسيء الذي طبق عليه القانون ليس حاملاً للجنسية البحرينية أو متحصلاً عليها! فقط تمعنوا في «خبث» المسعى، وكيفية توجيه مجريات الأمور.

كلنا نرفض الطائفية، ونرفض العنصرية، ونرفض تقسيم المجتمع، ونرفض التمييز، ونرفض الأخطاء، ونرفض الفساد، لكننا في مقام أول نرفض محاولات الخبثاء وأصحاب الأجندات الانقلابية، والموالين لإيران، والخارسين عن انتقاد واستنكار الجهات التي تستهدف بلادنا، نرفض في مقام أول أن يخرج الذين «طعنوا» بلادنا في ظهرها، من حرقوها ورقصوا على رمادها، من هددوا المخلصين بالقتل واستهدفوهم بالتشويه، نرفض أن يخرجوا لينظروا علينا، وليطالبوا البلد بالعدالة والقانون ومكارم الأخلاق. وكلها أمور هم لا يمتلكون ذرة منها، بل هم أثبتوا بأن الولاء لديهم لهذا الوطن فيه شك كبير، واسألوا فلولهم الموجودين في إيران، اسألوا كبيرهم الموجود في ثكنة إيرانية في العراق، واسألوا «مرتزقة لندن» الموجودين في مدينة الضباب ويصرف عليهم من «التومان الإيراني».

تحاضرون وتنظرون بشأن الطائفية والعنصرية، وأنتم أساس الطائفية والعنصرية التي أضرت البحرين ومازالت.