الإنسان كائن اجتماعي، هذه حقيقة ثابتة. ما يعني أن هذا الكائن لا يمكن أن يعيش منعزلاً، الوضع الطبيعي يفرض عليه أن يعيش في جماعات، وينخرط في ممارسات اجتماعية متنوعة، إذ بحسب الدراسات السيكلوجية يعتبر الإنسان أخطر الكائنات من ناحية ردات الفعل الغريبة، إن عاش بمفرده، منعزلاً عن مجتمعه.

الانعزال يسبب أمراضاً عديدة، أخطرها الأمراض النفسية، وتتصدرها حالات الاكتئاب، وتتطور إلى الهوس والهلوسة، وتوارد الأفكار الخطيرة، التي تبدأ من عملية تعذيب النفس أو قتلها، أو التفكير بممارسة الأذى بحق الآخرين.

بعض البشر بات يفضل الانعزال عن البشر الآخرين، في ظاهرة غير اعتيادية، والسبب يعود إلى أن تجمعات البشر اليوم باتت في غالبيتها تجمعات «تقتل» البشر من الناحية النفسية والعقلية!

هل نبالغ بهذا القول؟! بالعكس، هناك أشخاص كثيرون يفضلون اليوم الابتعاد عن تجمعات كانوا يعتادون التواجد فيها، وكانت عملية التفاعل معها ومع مختلف أنشطتها جزءاً متأصلاً في نشاطهم اليومي، إلا أنهم اليوم يفضلون الابتعاد عن هذه التجمعات وعن من تضمهم من نوعيات بشرية فيها.

ألم نقل أن الإنسان كائن اجتماعي؟! ألم نقل بأن الانعزال قد يكون قاتلاً أو مؤذياً؟! فلماذا الرغبة في الابتعاد عن البشر، ولماذا السعي للانعزال؟!

البشر هم أنفسهم السبب، حينما تبدلت أخلاقياتنا، ودخلت سلوكيات سيئة على تلك التي اعتدنا عليها سابقاً، تلك التي تربينا عليها، وتم توصيتنا عليها من قبل آبائنا وأجدادنا.

الإنسان حينما يتحول إلى مصدر إزعاج، أو منبع للتأثيرات السلبية، بالضرورة سيتحول إلى «بؤرة طاردة» لمن حولها، فاليوم لن تجد إنساناً طبيعياً يحب أن يخالط بشراً سمتهم الغالبة «زرع الإحباط»، ولسانهم ديدنه «السلبية» الدائمة، ونظرتهم «سوداوية» لا تتغير، وفوق ذلك سلوكياتهم «منحطة»، هؤلاء «الانعزال» عنهم نعمة، والابتعاد عنهم أميالاً عديدة «وصفة» مفيدة للصحة.

أعرف نوعيات عديدة من البشر، باتت لا ترد على اتصالات، باتت تقاطع مجالس بعينها، باتت تتجنب أشخاصاً معينين، وكل هؤلاء كانوا جزءاً لا يتجزأ سواء من روتين يومي أو أسبوعي، بسبب «السلبية» التي تتحصل عليها من كل هؤلاء، «الشحنات» السالبة التي يحولها لك هؤلاء، بمقدورها أن تقلب كيانك، وتحولك من شخص إيجابي ينظر للحياة بتفاؤل إلى شخص يملؤه الإحباط، وتكون العصبية والشد النفسي سمات غالبة فيك.

لذلك كنا نقول دائماً، بأن عليكم الابتعاد عن هذه النوعية من البشر، من مصدري الإحباط والسلبية، من المتحلطمين والذين لا يعجبهم العجب، ممن يريدون أن يجروكم من أرجلكم إلى «ثقوب سوداء» من الكآبة، خاصة إن رأوا عليكم سمات الفرح والسعادة «والراحة» النفسية.

هذه النوعيات من البشر ليست «متصالحة» مع نفسها، بالتالي لا تسعد حينما ترى الآخر يسعد، بث سموم الإحباط والسلبية للآخرين بالنسبة لهم «متعة» بل «مهمة» مقدسة.

ابتعدوا عن هؤلاء السلبيين، البشر الذين يتحولون إلى «مصادر إزعاج»، هؤلاء قربهم «يقصر العمر»، والتعامل معهم «يضيق الصدر».