أول جريمة قتل عرفتها البشرية كانت من قبل أبناء آدم عليه السلام، حينما عمد قابيل إلى قتل أخيه هابيل، وكان السبب هو «الحسد»، ومن بعدها توالت جرائم البشر بحق البشر.
طبعاً تعددت الجرائم، لكن السبب لم يظل واحداً، بل بدورها تعددت الأسباب، وباتت مجتمعات الفضيلة ضرباً من المحال، ولذا حلم أفلاطون بالمدينة الفاضلة، حلماً أسطورياً يستحيل التحقق، لأن الرذائل إن زادت، فإن الفضائل تنقرض، كبئر لم ينتظر نضوب مائه، لأن نوعيات من البشر آثرت أن تردمه قبل أوانه، فخنق التراب الماء!
هل الفضيلة بالفعل غادرت هذا الكوكب للأبد؟! طبعاً لا، وإلا لتحولنا جميعاً كما «آكلي لحوم البشر» نقضي على بعضنا البعض، ولعل الرحمة التي مازالت تثبت وجودها، بروز أناس أفعالهم في أوساط مجتمعاتهم تكشف أن للفضيلة بقايا، أو بالأصح أفراداً أسوياء مازالوا يؤمنون بها.
أقرأ هذه الأيام في فلسفة الحياة، ولربما كان عامل التقدم في السن هو السبب، فكما كان جلجامش يبحث عن إكسير الخلود في أرض دلمون، كثيرون حينما يمضي بهم العمر يسعون للتعرف على الحياة أكثر، أمازال للفضيلة مكان؟! أمازال الإنسان قادراً على العيش مدركاً لنعمة العيش بمفهومها المجرد؟!
من ضمن ما قرأت جملة أثيرة، أسردها أدناه لواقعيتها، ولاختزالها المشهد الإنساني الطاغي، علكم تجدون في طيات سطورها ضالتكم، أيها الباحثون عن معنى الحياة، إذ تقول على لسان راويها، الذي مازلت أبحث عن هويته:
«لم يخلُ مكان أو وزمان اجتمع فيه البشر من استغلال بعضهم لبعض واعتداء بعضهم على بعض، واللافت للانتباه أن المستغِلين والمعتدين يستندون إلى أيديولوجيا ما مؤكدين أنهم على حق. فباسم الأديان ارتكبت جرائم، وباسم حقوق الإنسان ارتكبت جرائم، وباسم الشيوعية والرأسمالية ارتكبت جرائم، وباسم الأخلاق ارتكبت جرائم. المشكلة ليست في الأيديولوجيات لكنها في الإنسان، وقد صدق هوبز إذ أقر أن الإنسان ذئب للإنسان. وأجمل ما في هذه الحياة أن الإنسان قادر على الأسوأ وعلى الأفضل، هذا كله يؤكد أن هذه الحياة لا يمكن أن تكون إلا دنيا، وأن الفضيلة المطلقة لا توجد على هذه الأرض». انتهى الاقتباس!
السؤال، هل نحن ذئاب بشرية؟! هل بالفعل فضائلنا ماتت غرقاً في محيط سوءاتنا وسلوكياتنا غير السوية؟! الإجابة للأسف «نعم»، بشأن وصف الغالبية من البشر. إذ كل ما تضمنته الجملة تشخيص واقعي لما آل إليه الكثيرون من حسد وكره واستغلال للآخرين، وقبلها استغلال للدين والنفوذ، حتى باتت الثقة بين البشر كما المستحيل الذي لا يتحقق.
التحدي وسط هذا الوسط الذي تحول لميدان بشري متوحش، هو أنت تصر على إنسانيتك، وتحديداً مع من يستحق إنسانيتك، فلا تجرفك التفاصيل لتتحول إلى «مستذئب» لذته بشرب دماء الآخرين.
إنسانيتنا باتت مهددة بالانقراض، والحفاظ عليها أصبح أمراً لازماً، إن كنا نريد الاستمرار كبشر.
* اتجاه معاكس:
مقولة «الإنسان ذئب للإنسان» أوردها الفيلسوف البريطاني توماس هوبز، ويعد أبرز فلاسفة القرن السابع عشر، والمقولة استخدمها لوصف طبيعة العلاقة بين بني البشر، وبيان كيف أن الإنسان مطبوع على حب الذات والأنانية بالأخص حينما ينجرف في الفساد بأنواعه، خاصة الأخلاقي، وذلك في نظريته المعنونة بـ«العقد الاجتماعي»، وهي نظرية مثار جدل حتى الآن، إذ اعترض كثيرون على وصف غالبية البشر بأنهم فريسة سهلة للوصول لمرحلة أخلاقية دنيا، إلا أن الواقع المعاش بات يثبت بأن لهذه النظرية تحققاً فعلياً على الأرض، وللأسف!
طبعاً تعددت الجرائم، لكن السبب لم يظل واحداً، بل بدورها تعددت الأسباب، وباتت مجتمعات الفضيلة ضرباً من المحال، ولذا حلم أفلاطون بالمدينة الفاضلة، حلماً أسطورياً يستحيل التحقق، لأن الرذائل إن زادت، فإن الفضائل تنقرض، كبئر لم ينتظر نضوب مائه، لأن نوعيات من البشر آثرت أن تردمه قبل أوانه، فخنق التراب الماء!
هل الفضيلة بالفعل غادرت هذا الكوكب للأبد؟! طبعاً لا، وإلا لتحولنا جميعاً كما «آكلي لحوم البشر» نقضي على بعضنا البعض، ولعل الرحمة التي مازالت تثبت وجودها، بروز أناس أفعالهم في أوساط مجتمعاتهم تكشف أن للفضيلة بقايا، أو بالأصح أفراداً أسوياء مازالوا يؤمنون بها.
أقرأ هذه الأيام في فلسفة الحياة، ولربما كان عامل التقدم في السن هو السبب، فكما كان جلجامش يبحث عن إكسير الخلود في أرض دلمون، كثيرون حينما يمضي بهم العمر يسعون للتعرف على الحياة أكثر، أمازال للفضيلة مكان؟! أمازال الإنسان قادراً على العيش مدركاً لنعمة العيش بمفهومها المجرد؟!
من ضمن ما قرأت جملة أثيرة، أسردها أدناه لواقعيتها، ولاختزالها المشهد الإنساني الطاغي، علكم تجدون في طيات سطورها ضالتكم، أيها الباحثون عن معنى الحياة، إذ تقول على لسان راويها، الذي مازلت أبحث عن هويته:
«لم يخلُ مكان أو وزمان اجتمع فيه البشر من استغلال بعضهم لبعض واعتداء بعضهم على بعض، واللافت للانتباه أن المستغِلين والمعتدين يستندون إلى أيديولوجيا ما مؤكدين أنهم على حق. فباسم الأديان ارتكبت جرائم، وباسم حقوق الإنسان ارتكبت جرائم، وباسم الشيوعية والرأسمالية ارتكبت جرائم، وباسم الأخلاق ارتكبت جرائم. المشكلة ليست في الأيديولوجيات لكنها في الإنسان، وقد صدق هوبز إذ أقر أن الإنسان ذئب للإنسان. وأجمل ما في هذه الحياة أن الإنسان قادر على الأسوأ وعلى الأفضل، هذا كله يؤكد أن هذه الحياة لا يمكن أن تكون إلا دنيا، وأن الفضيلة المطلقة لا توجد على هذه الأرض». انتهى الاقتباس!
السؤال، هل نحن ذئاب بشرية؟! هل بالفعل فضائلنا ماتت غرقاً في محيط سوءاتنا وسلوكياتنا غير السوية؟! الإجابة للأسف «نعم»، بشأن وصف الغالبية من البشر. إذ كل ما تضمنته الجملة تشخيص واقعي لما آل إليه الكثيرون من حسد وكره واستغلال للآخرين، وقبلها استغلال للدين والنفوذ، حتى باتت الثقة بين البشر كما المستحيل الذي لا يتحقق.
التحدي وسط هذا الوسط الذي تحول لميدان بشري متوحش، هو أنت تصر على إنسانيتك، وتحديداً مع من يستحق إنسانيتك، فلا تجرفك التفاصيل لتتحول إلى «مستذئب» لذته بشرب دماء الآخرين.
إنسانيتنا باتت مهددة بالانقراض، والحفاظ عليها أصبح أمراً لازماً، إن كنا نريد الاستمرار كبشر.
* اتجاه معاكس:
مقولة «الإنسان ذئب للإنسان» أوردها الفيلسوف البريطاني توماس هوبز، ويعد أبرز فلاسفة القرن السابع عشر، والمقولة استخدمها لوصف طبيعة العلاقة بين بني البشر، وبيان كيف أن الإنسان مطبوع على حب الذات والأنانية بالأخص حينما ينجرف في الفساد بأنواعه، خاصة الأخلاقي، وذلك في نظريته المعنونة بـ«العقد الاجتماعي»، وهي نظرية مثار جدل حتى الآن، إذ اعترض كثيرون على وصف غالبية البشر بأنهم فريسة سهلة للوصول لمرحلة أخلاقية دنيا، إلا أن الواقع المعاش بات يثبت بأن لهذه النظرية تحققاً فعلياً على الأرض، وللأسف!