شهادة خبراء الأمم المتحدة ومسؤولي أجهزتها المختلفة خلال مؤتمر «مئوية التعليم» الذي أقيم بالأمس في البحرين، وحدها تكفي لتبين حجم الإنجازات العديدة والتطورات الكبيرة التي حققتها بلادنا في هذا القطاع على امتداد 100 عام.
من أهم ما كنا نتعلمه في مدراسنا الحكومية هو تاريخ التعليم في البحرين، وكيف كانت الهداية الخليفية منارة الإشعاع الأول قبل قرن من الزمان، لتسجل البحرين أسبقيتها في مجال التعليم النظامي بين شقيقاتها دول مجلس التعاون، وضمن الطليعة من الدول العربية والإسلامية.
من مدارس الكتاب، ومن حلقات تعليم القرآن في «الفرجان» عبر ما يلقنه «المطوع» من دروس، وعصاه بيده اليسرى يلوح بها لأجل الانضباط وتقييم السلوك، دون الحاجة لاستخدامها، إلى تعزيز هذه النواة الأولى، عبر بدء التعليم النظامي، ثم السبق أيضاً في مجال تعليم الفتيات، مروراً بالتطورات العديدة التي شهدها حقل التعليم، وبدء برنامج «محو الأمية» الذي كان له فضل كبير في تحويل كافة أفراد المجتمع البحريني لأفراد يعرفون القراءة والكتابة، وصولاً إلى يومنا هذا الذي بات فيه حقل التعليم وسطاً صعباً فيه من التحديات الكثير وفيه من التنافسية الأكثر، خاصة بين التعليم المجاني الذي تقدمه الحكومة، وبين التعليم الخاص الذي فتح المجال لإنشاء مدارس ذات الرسوم.
اليوم لا يمكن لأحد أن ينكر مكانة البحرين التاريخية والحديثة في مجال التعليم، ورغم أننا قطعنا 100 عام من هذه المسيرة المتعلقة بأحد أهم مقومات بناء الأوطان والمجتمعات، ووجود قضايا تبرز بين الفينة والأخرى معنية بقطاع التعليم، إلا أن المحصلة النهائية لا تخرج عن كون البحرين أثبتت تفوقها وقوتها في مجال التعليم، وباتت تجاربها التعليمية أنموذجاً يحتذى به من قبل بعض الدول، وحظيت بإشادة المنظمات الدولية على رأسها الأمم المتحدة، وبات للبحرين جائزة عالمية باسم جلالة الملك حفظه الله في منظمة اليونسكو، وربطت مدارسها الحكومية وحتى الخاصة ببرنامج المدارس المنتسبة لليونسكو، إضافة لحضورها القوي في منظمات «الإلكسو» و»الإيسيسكو»، إلى غيرها من إنجازات عديدة تظل على رأسها «مجانية التعليم» التي مازالت سمة بارزة للتعليم في البحرين.
هكذا مناسبة تستوجب الاحتفاء بها، لأننا لسنا نتحدث عن حدث عادي، نحن نتحدث عن تاريخ وحاضر ومستقبل بلد، كيف أكد حكام البحرين على أهمية التعليم وضرورته، وكيف مضت المسيرة لنجد تعزيز الاهتمام الكبير من جلالة الملك حفظه الله، وتضمين التعليم وتطويره وتحسينه والارتقاء أكثر بمخرجاته في الرؤية الاقتصادية، واعتباره أساس بناء المجتمع ومنبع تفجير قدراته وطاقاته.
مسيرة التعليم في البحرين قديمة جداً، ويرجعها بعض المؤرخين لأواخر القرن التاسع عشر، وبشكلها النظامي بدأت قبل النفظ وتحديداً مع إنشاء الهداية عام 1919، ومضت لتتأسس بشكل مؤسسي مبرمج عبر مجلس المعارف، والذي شهد جهوداً كبيرة من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان، والذي يذكر التاريخ ذهابه لبريطانيا في أغسطس 1956 وبقاءه 5 شهور للاطلاع على أساليب التعليم والبرامج الحديثة ونظم إدارة المدارس، ليعود ويتولى رئاسة مجلس المعارف في 13 يناير 1957، لينطلق معها العمل الجاد، وليتواكب على هذه الحقيبة عديد من الوزراء الكرام الأفاضل الذين تركوا بصمات مؤثرة، مثل الشيخ عبدالعزيز بن محمد رحمه الله، والدكتور علي فخرو، وعبدالعزيز الفاضل، والدكتور محمد الغتم، والوزير الحالي الدكتور ماجد النعيمي الذي يحمل مسؤولية هذه الوزارة الثقيلة لسنوات طويلة في ظل تحديات كبيرة وطموحات أكبر، وللأمانة يسجل له موقفه الوطني القوي خلال محاولة الانقلاب عام 2011، لتظل مدارسنا محمية بإذن الله وتحتضن كافة أبناء الوطن، ويعمل فيها المخلصون للبحرين المؤتمنون على أبنائها.
مرت 100 عام على انطلاقة تعليمنا، وبالأمس انهالت إشادات مسؤولي الأمم المتحدة على البحرين فيما يتعلق بالتعليم، وثمنوا ما يقوم به جلالة الملك من اهتمام خاص ومباشر بالتعليم، وكذلك جهود القائمين على الوزارة والعاملين فيها بالأخص المدرسين والمدرسات المربين ومصانع الأجيال المستقبلية، ولكن مع كل هذا هل يمكننا القول إننا انتهينا ووصلنا لسقف الطموح؟! كلا، فالتعليم حياة مستمرة للأبد، وطلب العلم من المهد إلى اللحد، وتطورات العالم والمتغيرات تفرض على القائمين على تعليمنا بذل مزيد من الجهود للارتقاء به، لتطوير منظوماته، لتحقيق رغبات الناس وتطلعاتهم، لحل مؤرقاتهم والوقوف على ملاحظاتهم.
المشاكل والمؤرقات طبيعي أن توجد في أي وسط فيه عمل وجهد مستمر، لكن الحقيقة يجب أن تقدم بصورتها الجلية، فالبحرين يحق لها أن تفخر بتجربتها التعليمية، يحق لنا ونحن خريجو مدارسنا الحكومية أن نفتخر اليوم بأن أجدادنا بدؤوا تعليمهم من مدارسنا قبل 100 عام، ومضى على دربهم آباؤنا ونحن من بعدهم والأجيال القادمة بعدنا، وكل هؤلاء ساهموا في إيصال البحرين لما هي عليه اليوم من تطور وتقدم.
حفظ الله البحرين وملكها وشعبها، وكتب لبلادنا الخير والصلاح والسداد.
{{ article.visit_count }}
من أهم ما كنا نتعلمه في مدراسنا الحكومية هو تاريخ التعليم في البحرين، وكيف كانت الهداية الخليفية منارة الإشعاع الأول قبل قرن من الزمان، لتسجل البحرين أسبقيتها في مجال التعليم النظامي بين شقيقاتها دول مجلس التعاون، وضمن الطليعة من الدول العربية والإسلامية.
من مدارس الكتاب، ومن حلقات تعليم القرآن في «الفرجان» عبر ما يلقنه «المطوع» من دروس، وعصاه بيده اليسرى يلوح بها لأجل الانضباط وتقييم السلوك، دون الحاجة لاستخدامها، إلى تعزيز هذه النواة الأولى، عبر بدء التعليم النظامي، ثم السبق أيضاً في مجال تعليم الفتيات، مروراً بالتطورات العديدة التي شهدها حقل التعليم، وبدء برنامج «محو الأمية» الذي كان له فضل كبير في تحويل كافة أفراد المجتمع البحريني لأفراد يعرفون القراءة والكتابة، وصولاً إلى يومنا هذا الذي بات فيه حقل التعليم وسطاً صعباً فيه من التحديات الكثير وفيه من التنافسية الأكثر، خاصة بين التعليم المجاني الذي تقدمه الحكومة، وبين التعليم الخاص الذي فتح المجال لإنشاء مدارس ذات الرسوم.
اليوم لا يمكن لأحد أن ينكر مكانة البحرين التاريخية والحديثة في مجال التعليم، ورغم أننا قطعنا 100 عام من هذه المسيرة المتعلقة بأحد أهم مقومات بناء الأوطان والمجتمعات، ووجود قضايا تبرز بين الفينة والأخرى معنية بقطاع التعليم، إلا أن المحصلة النهائية لا تخرج عن كون البحرين أثبتت تفوقها وقوتها في مجال التعليم، وباتت تجاربها التعليمية أنموذجاً يحتذى به من قبل بعض الدول، وحظيت بإشادة المنظمات الدولية على رأسها الأمم المتحدة، وبات للبحرين جائزة عالمية باسم جلالة الملك حفظه الله في منظمة اليونسكو، وربطت مدارسها الحكومية وحتى الخاصة ببرنامج المدارس المنتسبة لليونسكو، إضافة لحضورها القوي في منظمات «الإلكسو» و»الإيسيسكو»، إلى غيرها من إنجازات عديدة تظل على رأسها «مجانية التعليم» التي مازالت سمة بارزة للتعليم في البحرين.
هكذا مناسبة تستوجب الاحتفاء بها، لأننا لسنا نتحدث عن حدث عادي، نحن نتحدث عن تاريخ وحاضر ومستقبل بلد، كيف أكد حكام البحرين على أهمية التعليم وضرورته، وكيف مضت المسيرة لنجد تعزيز الاهتمام الكبير من جلالة الملك حفظه الله، وتضمين التعليم وتطويره وتحسينه والارتقاء أكثر بمخرجاته في الرؤية الاقتصادية، واعتباره أساس بناء المجتمع ومنبع تفجير قدراته وطاقاته.
مسيرة التعليم في البحرين قديمة جداً، ويرجعها بعض المؤرخين لأواخر القرن التاسع عشر، وبشكلها النظامي بدأت قبل النفظ وتحديداً مع إنشاء الهداية عام 1919، ومضت لتتأسس بشكل مؤسسي مبرمج عبر مجلس المعارف، والذي شهد جهوداً كبيرة من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان، والذي يذكر التاريخ ذهابه لبريطانيا في أغسطس 1956 وبقاءه 5 شهور للاطلاع على أساليب التعليم والبرامج الحديثة ونظم إدارة المدارس، ليعود ويتولى رئاسة مجلس المعارف في 13 يناير 1957، لينطلق معها العمل الجاد، وليتواكب على هذه الحقيبة عديد من الوزراء الكرام الأفاضل الذين تركوا بصمات مؤثرة، مثل الشيخ عبدالعزيز بن محمد رحمه الله، والدكتور علي فخرو، وعبدالعزيز الفاضل، والدكتور محمد الغتم، والوزير الحالي الدكتور ماجد النعيمي الذي يحمل مسؤولية هذه الوزارة الثقيلة لسنوات طويلة في ظل تحديات كبيرة وطموحات أكبر، وللأمانة يسجل له موقفه الوطني القوي خلال محاولة الانقلاب عام 2011، لتظل مدارسنا محمية بإذن الله وتحتضن كافة أبناء الوطن، ويعمل فيها المخلصون للبحرين المؤتمنون على أبنائها.
مرت 100 عام على انطلاقة تعليمنا، وبالأمس انهالت إشادات مسؤولي الأمم المتحدة على البحرين فيما يتعلق بالتعليم، وثمنوا ما يقوم به جلالة الملك من اهتمام خاص ومباشر بالتعليم، وكذلك جهود القائمين على الوزارة والعاملين فيها بالأخص المدرسين والمدرسات المربين ومصانع الأجيال المستقبلية، ولكن مع كل هذا هل يمكننا القول إننا انتهينا ووصلنا لسقف الطموح؟! كلا، فالتعليم حياة مستمرة للأبد، وطلب العلم من المهد إلى اللحد، وتطورات العالم والمتغيرات تفرض على القائمين على تعليمنا بذل مزيد من الجهود للارتقاء به، لتطوير منظوماته، لتحقيق رغبات الناس وتطلعاتهم، لحل مؤرقاتهم والوقوف على ملاحظاتهم.
المشاكل والمؤرقات طبيعي أن توجد في أي وسط فيه عمل وجهد مستمر، لكن الحقيقة يجب أن تقدم بصورتها الجلية، فالبحرين يحق لها أن تفخر بتجربتها التعليمية، يحق لنا ونحن خريجو مدارسنا الحكومية أن نفتخر اليوم بأن أجدادنا بدؤوا تعليمهم من مدارسنا قبل 100 عام، ومضى على دربهم آباؤنا ونحن من بعدهم والأجيال القادمة بعدنا، وكل هؤلاء ساهموا في إيصال البحرين لما هي عليه اليوم من تطور وتقدم.
حفظ الله البحرين وملكها وشعبها، وكتب لبلادنا الخير والصلاح والسداد.