لو تم جمع التصريحات التي أطلقها الحوثيون والمتحوّثون - الذين يرددون كل ما يقوله الحوثيون من دون تأخير وإن لم يفهموا معناه وظروفه وغاياته - في الشهرين الأخيرين فقط وتم تفكيك محتواها لصار ممكناً القول ببساطة إنه لم يتبق شيء من مطاري أبها وجيزان وأنهما صارا خردة ، بل لم يتبق أحد هناك للدفاع عن السعودية !

كانت التصريحات عن قصف المطارين تصدر مرة كل ثلاثة أو أربعة أيام ثم صارت تصدر مرة كل يومين، ثم يوماً وترك، وأخيرا صارت تصدر يومياً. حالياً لا يمر يوم إلا ويطلق الحوثيون فيه تصريحاً أو أكثر عن قيامهم بتدمير أهداف في هذين المطارين بالصواريخ وبالطائرات المسيرة، ولا يمر يوم إلا ويعلنون فيه بأنهم تمكنوا من قتل «أعداد كبيرة» من الجنود السعوديين وتدمير الكثير من المعدات العسكرية والأسلحة . أما المتحوّثون فيقومون بمهامهم على أكمل وجه حيث يرددون تلك التصريحات من دون تأخير وربما من دون حتى أن يقرؤوها ، ويحلفون بالله العظيم بأنها صحيحة وأنهم على ذلك من الشاهدين !

والأمر نفسه فيما يتعلق بالتصريحات التي يصدرها الحوثيون عن الإمارات وقواتها في اليمن وعن مطاراتها ، ويرددها المتحوّثون وهم منتشون، فلو تم جمع التصريحات التي أطلقوها في الشهرين الأخيرين فقط لصار ممكنا قول الكثير مما لا يسر عن أحوال الإمارات في الداخل وأحوال قواتها في اليمن .

ملخص ما يفعله الحوثيون والمتحوّثون هو أن الحوثيين يرفعون الكرة والمتحوّثون يكبسونها . الحوثيون يكذبون والمتحوّثون يرددون ذلك الكذب ويعملون على إقناع الناس بأن ما سمعوه من الحوثيين صحيح ودقيق وأن الحوثيين لا يمكن أن يكذبوا .

الحوثيون وبعد انتهائهم من جلسة معاقرة القات التي يعقدونها في كل ليلة يصدرون تصريحا يقولون فيه إنهم قصفوا جيزان وعسير وأبو ظبي ودبي بصاروخ واحد آزرته طائرة مسيرة واحدة فقط وأنها دمرت هذه المدن تدميرا وقتلت وجرحت الآلاف، فيأتي المتحوثون ليؤكدوا ذلك ويبصموا على صحته. رغم أنهم كانوا خارج تلك الجلسة ولا علاقة لهم بالقات ولا يعرفون التخزين!

المثال الأوضح على ذلك ما يردده ذلك الهارب من مجموعة الأحكام الصادرة ضده في دولة الكويت المدعو عبد الحميد دشتي، فمن يسمعه أو يقرأ ما يكتبه في حسابه في «تويتر» يعتقد بأنه يعمل وسط الحوثيين . فكل ما يصله من الحوثيين يعيد بثه من دون التيقن من صحته ومن دون التفكير حتى في منطقيته، فالحوثيون في نظره لا يكذبون ولا يدعون ولا يمكن أن يصرحوا ويعلنوا عن شيء لم يفعلوه ولم يتأكدوا من صحته ودقته!

في المقابل لا يمكن للمتحوّثين أن يسهموا في نشر أي خبر أو معلومة يعرفون أنها يمكن أن تضر الحوثيين . إن خبرا ملخصه أن «المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن تشهد انتهاكات ضد النساء وتشمل الاختطاف والتعذيب وتشويه السمعة» والذي يؤكده أهالي تلك المناطق لا يمكن للمتحوثين أن يشيروا إليه بل لا يترددون عن تكذيبه ونفيه والقسم بألف يمين بأنه غير صحيح رغم تيقنهم من أن الحديث هو عن عدد أكبر من النساء ، حيث الأكيد هو أن «أغلب الأسر اليمنية لا تقوم بالإبلاغ عن الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة في اليمن كي لا يتم التشهير بها ، فتفضل الصمت» .

والحال نفسه فيما يخص الأخبار عن قيام الميليشيات الحوثية ب»تعذيب النساء بشكل ممنهج نفسياً وجسدياً واتهامهن باتهامات غير أخلاقية منافية للأعراف والتقاليد التي تربى عليها اليمنيون» . المتحوثون مثلهم مثل الحوثيين ينكرون كل ما تتضمنه التقارير التي تصدر عن «منظمة سام للحقوق والحريات» والتي توثق انتهاكات الاعتقال التعسفي والتعذيب النفسي والجسدي للنساء في اليمن.