الذكاء الاصطناعي الذي تجاوز الإبهار في ما يمكنه تقديمه ليشكل رعباً لبعض البشر في ظل الشعور المتزايد من قبلهم بالتهديد الذي بات يشكله الذكاء الاصطناعي على حياتهم وخصوصياتهم بما في ذلك خصوصية الأفكار في حوارها مع الذات أو قبله، وبما في ذلك أدوارهم في الحياة والوظائف التي يتمتعون بها لكسب العيش، مازال يحقق حلولاً ناجعة وأسلوباً لحياة أفضل من خلال ما يقدمه من خدمات بمقدرات عالية، تجاوز في الحقيقة قدرة الإنسان على تحقيقها على نحو يجعل من الاستحالة الوصول لمنجزات معينة على المستوى البشري ما يعني القيمة الفعلية للذكاء الاصطناعي.

وبينما كنا نناقش لفترة من الزمن ما يمكن للذكاء الاصطناعي تقديمه للمؤسسات والحياة الشخصية عموماً، وما سيحققه من نفع اقتصادي جيد إذ من المتوقع أن يضيف حوالي 15.7 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي في العام 2030، فقد تميز في الآونة الأخيرة أيضاً بأدواره الصديقة للبشرية والبيئة أيضاً، من خلال عدة من المشروعات التي استثمرت الذكاء الاصطناعي في البحوث البيئية والدراسات المتعلقة بنماء البشرية.

لطالما كانت ثمة مخاوف من فقدان السيطرة يوماً على الذكاء الاصطناعي ما يعني أننا إزاء قوة مدمرة للبشرية وللعالم ككل، ولكن الجهود الأخيرة قد وظفت الذكاء الاصطناعي أيضاً في مشروعات تحمل شعارات نحو «الذكاء الاصطناعي لخير البشرية»، و»الذكاء الاصطناعي لأجل الأرض»، وهي مشروعات تدعمها مايكروسوفت بغية مناصرة القضايا الإنسانية، نحو «حقوق الإنسان، والحق في الوصول، والحماية البيئية». إذ يستخدم الذكاء الاصطناعي في «تطوير أساليب جديدة تهدف لحماية المياه والزراعة، والتنوع البيولوجي والمناخ».

من أبرز المشاريع في هذا السياق، مشروع we4bee الذي اختص في مجال أبحاث النحل بدعم من مؤسسة أودي Audi البيئية، والذي يعمل على «ربط خلايا النحل الذكية المزودة بأجهزة استشعار، مع تقنيات التخزين السحابي»؛ ويأتي هذا الجهد بغية إجراء تحليلات طويلة المدى على مستوطنات النحل، وما تشتمل عليه من بيانات بيئية، وأيضاً للكشف عن تأثير بعض العوامل المؤثرة على النحل بواسطة استخدام طرائق علم البيانات.

* اختلاج النبض:

لطالما اعترانا كثير من الريبة وقليل من الخوف ونوع من التردد والتورع إزاء كل المستجدات في حياتنا بالسنوات السابقة، حتى دخلت إلى حياتنا على نحو لا يمكننا الاستغناء عنها اليوم، ولعلنا نذكر من هذا استخدام الهواتف النقالة ووسائل التواصل الاجتماعي والأقمار الصناعية للقنوات الفضائية التلفزيونية والإنترنت، بل وحتى خارج عالم التقانة، فقد شكل ظهور المجمعات التجارية الكبرى في المنطقة صدمة لبعض الناس في بادئ الأمر وامتنعت عنها لفترة، غير أن اليوم كل تلك الأشياء أصبحت من بديهيات حياتنا اليومية وضرورة لا غنى لنا عنها، وكذلك الذكاء الاصطناعي، بقدر ما يعتري المجال من مخاوف بقدر ما هو ماضٍ في تقديم إسهاماته الجليلة للبشرية والبحث العلمي.