المتتبع للأحداث التي عصفت ببعض دول المنطقة العربية في العام 2011، يلحظ بسهولة الدور الكبير الذي لعبته المؤسسة العسكرية في تلك البلدان في صياغة مستقبلها حفظاً واستقراراً أو تخريباً وتدميراً، فبقدر تماسك المؤسسة العسكرية في الدولة وتوحدها خلف قيادتها، كان كيان الدولة أكثر وحدةً ومنعةً، وبقدر انشقاق المؤسسة العسكرية كان تفكك الدولة وتضعضعها، ولا غرو في ذلك، فالمؤسسة العسكرية في أي دولة هي الوطن الأصغر والحامي الأكبر والضامن للاستقرار إذا ما هبت رياح التغيير، وادلهمّت ليالي الأمن والطمأنينة.كذلك، يلحظ المتتبع للاحداث المذكورة، أن ضرب الثقة بين الحراك الشعبي ومؤسسته العسكرية، كان من أهم أولويات الجهات التي أذّكت جذوة الحراك، وسعت بكل ثقلها المادي والإعلامي واللوجيستي لبث حالة من الريبة تجاه المؤسسة العسكرية، تارةً بمحاولة ربط ولاء المؤسسة العسكرية للنظام الحاكم دون الوطن، وتارةً أخرى بالترويج بأن المؤسسة العسكرية بإنحيازها للخيار الشعبي إنما تهادن وتراوغ من أجل الانقضاض على الثورة الشعبية الوليدة ووأدها في مهدها وإعادة استنساخ النظام المعزول.أثبتت السنوات الفائتة، بأن المؤسسة العسكرية العربية بتوحدها وانحيازها للحراك الشعبي كانت هي طوق النجاة لشعوبها، فحافظت بحكمتها على أمنها القومي ووحدة أراضيها واستطاعت أن تقلل خسائر الحراك الشعبي من ركود اقتصادي وهروب لرؤوس الاموال وضرب للسياحة وتعطل لعجلة العمل والانتاج وتناقص حاد للاحتياطات النقدية للبلدان التي نتجت عن حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي بها، كذلك فإن إنشقاق المؤسسة العسكرية في بعض دول المنطقة، كان ولا زال العامل الأساسي لإطالة أمد الانشقاق السياسي وخراب البلدان ونهب خيراتها وهدم حضارتها وآثارها وهروب مواطنيها وتفرقهم في بقاع الأرض المختلفة وظهور التنظيمات الارهابية وتهديها للاستقرار المحلي والاقليمي والتجارة الدولية.إن التعريف بأهمية المؤسسة العسكرية للحفاظ على الأوطان وأمنها القومي والحفاظ على الانسان وضمان مستقبله واستقراره يجب أن يبدأ من المنزل مروراً بالمدرسة وانتهاء بالمجتمع، فاحترام المؤسسة العسكرية هو احترام للوطن، وتقدير منتسبي المؤسسة العسكرية هو تقدير للتضحيات التي يبذلونها وهم يسهرون الليالي يذودون عن الأرض والعرض، ويرخصون أرواحهم كي ننعم نحن بالأمن والاستقرار، فلا تطور أو نهضة دون استقرار، ولا نماء أو ازدهار دون الحفاظ على وحدة التراب وحماية الموارد.تحية إعزاز وفخر وحب لمؤسساتنا العسكرية وللقائمين عليها ولجميع منتسبيها الذين يحملون السلاح بيدهم ويبنون الاوطان بسواعدهم ويطورون مقدراتهم العسكرية من خلال التأهيل الذي يتلقونه في العلوم العسكرية والقيادية، ويصقلون شخصياتهم بالتربية العسكرية المبنية على الانضباط والطاعة والحزم والسرعة والدقة في الانجاز.ورسالة ود ومحبة للقيادات السياسية والشعوب العربية التي لازالت تعاني من تبعات الحراك الشعبي بها، أن هلموا إلى مؤسساتكم العسكرية، والتفو حولها وساندوها وثقوا بقياداتها، فالمؤسسة العسكرية هي للوطن ولاء، وللشعب وقاء وحماية، وأنبذوا النظرة الحزبية الضيقة والمصالح الشخصية والطموحات السياسية، فلو انفرط عقد الوطن، لن تجدوا وطناً تحكمونه.