مع متابعة تطورات الأحداث في المنطقة، وجدت نفسي أبحث عن تفاصيل قصة الشاه محمد رضا بهلوي الذي غادر عرش إيران مجبراً في نهاية عقد السبعينات. فمن الصعب أن نفهم إيران اليوم دون أن نعود قليلاً إلى الوراء ونبحث في حقبة «شاهنشاه» التي امتدت قرابة الأربعين عاماً.
الملك الإيراني الأخير، سلم مقاليد الحكم في 1941 من قبل قوات التحالف بعد عزل أبيه من السلطة. وبقي الغرب معه يساندونه وفي نفس الوقت يستغلون نفطه لسنوات طويلة.
وقصة النهاية لآخر ملوك إيران بدأت مع رغبته في تحديث إيران وجعلها بلداً متحضراً في المقام الأول وذات ترسانة عسكرية جبارة في المقام الثاني. وكي يحقق هدفه الأول مال ميلاً شديداً تجاه الغرب متناسياً شرقيته ومتجاهلاً شيوع الإسلام في بلاده. واختار الملك الإيراني أسرع وأسهل الطرق لمطابقة الغرب فسمح بمظاهر الحياة الغربية وقشورها لتنتشر وسط المجتمع الإيراني فأباح كل شيء تقريباً دون مراعاة لمجتمعه المحافظ.
أما الهدف الثاني، فقد جاء بسبب عقدة أصابته عندما رأى الجيش الإيراني ينهار في سويعات ويستسلم جراء الغزو السوفيتي لأراضيه خلال الحرب العالمية الثانية في فترة حكم أبيه، فسعى بأموال النفط ألا يعيد شبح الهزيمة لجيشه، مما جعله ينفق بسخاء غير مسبوق على شراء الأسلحة الغربية الفتاكة ومن ضمنها أعداد مهولة من الدبابات فاق عددها عدد الدبابات البريطانية خلال السبعينات. وهذا «السخاء»، المبالغ فيه في تجهيز جيشه جاء في مقابله تقتير على نواحٍ حياتية مهمة لطيف من شعبه، فسبب ذلك سخطاً كبيراً.
تصريحاته المتلفزة قبل أن ينقلب به الحال كانت كلها طموحاً وثقة بأن بلده ستكون في مصاف الدول المتقدمة في فترة وجيزة.
لكن حدث ما لم يكن في حسبانه، فالتغير الذي أراده سبب له مقاومة شديدة من قبل المحافظين في المقام الأول الذين رفضوا انفتاحه المتسرع، فاستغلوا ثغرات حكمه وبدؤوا في انتقاده تارة بالخفاء وتارة علانية. وانضم للمحافظين -الذين كان يقودهم ملالي قم- جماعات الشيوعيين فشكلوا جبهة عنيدة لحكمه.
غادر الشاه إيران في يناير 1979 مدعياً رغبته في إجازة مطولة لكنه في الواقع كان يغادر هارباً من واقع صعب وهو فقدان سيطرته على بلاده. غادر ولم يجد دولة تستقبله، فتنقل ما بين المغرب والمكسيك وأمريكا وبنما، حتى استقر في مصر التي بقي فيها بضعة شهور قبل أن ينتقل إلى البارئ عز وجل.
المثير في قصة الشاه أنه أراد لإيران أن تفسخ عباءة الإسلام تماماً نظراً لدخول الإسلام بلاده عن طريق الفتوحات الإسلامية العربية. حيث كان يرى الإسلام عربياً جاء من أناس ينظر لهم بفوقية أكثر مما هو دين للبشرية كلها، فأيقظ ذلك فيه الشوفينية الفارسية المعهودة. فكان طموحه أن يتخلص من دين «العرب» ويعزز فارسية بلاده رغبة في العودة إلى أمجاد إمبراطورية أفلت.
اليوم نظام الملالي الذي عارض الشاه في كل شيء واغتصب الحكم منه يوافق الشاه في أمر واحد فقط وهو التعصب المقيت للعرق. فعلى الرغم من حالة التضاد الفكري الواضحة بين الطرفين إلا أن استعادة إمبراطورية كسرى الفارسية ونفوذها حلم مازال قيد التنفيذ. ولن يطفئ هذا الطموح تغير نظام، فالتعصب للعرق يؤيده حاكم إيران أياً كان فكره أو شكله. وهذه هي المعضلة!
الملك الإيراني الأخير، سلم مقاليد الحكم في 1941 من قبل قوات التحالف بعد عزل أبيه من السلطة. وبقي الغرب معه يساندونه وفي نفس الوقت يستغلون نفطه لسنوات طويلة.
وقصة النهاية لآخر ملوك إيران بدأت مع رغبته في تحديث إيران وجعلها بلداً متحضراً في المقام الأول وذات ترسانة عسكرية جبارة في المقام الثاني. وكي يحقق هدفه الأول مال ميلاً شديداً تجاه الغرب متناسياً شرقيته ومتجاهلاً شيوع الإسلام في بلاده. واختار الملك الإيراني أسرع وأسهل الطرق لمطابقة الغرب فسمح بمظاهر الحياة الغربية وقشورها لتنتشر وسط المجتمع الإيراني فأباح كل شيء تقريباً دون مراعاة لمجتمعه المحافظ.
أما الهدف الثاني، فقد جاء بسبب عقدة أصابته عندما رأى الجيش الإيراني ينهار في سويعات ويستسلم جراء الغزو السوفيتي لأراضيه خلال الحرب العالمية الثانية في فترة حكم أبيه، فسعى بأموال النفط ألا يعيد شبح الهزيمة لجيشه، مما جعله ينفق بسخاء غير مسبوق على شراء الأسلحة الغربية الفتاكة ومن ضمنها أعداد مهولة من الدبابات فاق عددها عدد الدبابات البريطانية خلال السبعينات. وهذا «السخاء»، المبالغ فيه في تجهيز جيشه جاء في مقابله تقتير على نواحٍ حياتية مهمة لطيف من شعبه، فسبب ذلك سخطاً كبيراً.
تصريحاته المتلفزة قبل أن ينقلب به الحال كانت كلها طموحاً وثقة بأن بلده ستكون في مصاف الدول المتقدمة في فترة وجيزة.
لكن حدث ما لم يكن في حسبانه، فالتغير الذي أراده سبب له مقاومة شديدة من قبل المحافظين في المقام الأول الذين رفضوا انفتاحه المتسرع، فاستغلوا ثغرات حكمه وبدؤوا في انتقاده تارة بالخفاء وتارة علانية. وانضم للمحافظين -الذين كان يقودهم ملالي قم- جماعات الشيوعيين فشكلوا جبهة عنيدة لحكمه.
غادر الشاه إيران في يناير 1979 مدعياً رغبته في إجازة مطولة لكنه في الواقع كان يغادر هارباً من واقع صعب وهو فقدان سيطرته على بلاده. غادر ولم يجد دولة تستقبله، فتنقل ما بين المغرب والمكسيك وأمريكا وبنما، حتى استقر في مصر التي بقي فيها بضعة شهور قبل أن ينتقل إلى البارئ عز وجل.
المثير في قصة الشاه أنه أراد لإيران أن تفسخ عباءة الإسلام تماماً نظراً لدخول الإسلام بلاده عن طريق الفتوحات الإسلامية العربية. حيث كان يرى الإسلام عربياً جاء من أناس ينظر لهم بفوقية أكثر مما هو دين للبشرية كلها، فأيقظ ذلك فيه الشوفينية الفارسية المعهودة. فكان طموحه أن يتخلص من دين «العرب» ويعزز فارسية بلاده رغبة في العودة إلى أمجاد إمبراطورية أفلت.
اليوم نظام الملالي الذي عارض الشاه في كل شيء واغتصب الحكم منه يوافق الشاه في أمر واحد فقط وهو التعصب المقيت للعرق. فعلى الرغم من حالة التضاد الفكري الواضحة بين الطرفين إلا أن استعادة إمبراطورية كسرى الفارسية ونفوذها حلم مازال قيد التنفيذ. ولن يطفئ هذا الطموح تغير نظام، فالتعصب للعرق يؤيده حاكم إيران أياً كان فكره أو شكله. وهذه هي المعضلة!