رغم أنه خبر صغير، ويمكن أن تمر عليه بسرعة مرور الكرام، وكان موقعه في أسفل صفحة داخلية للصحيفة، لكنني توقفت عنده وقرأته بالكامل، خاصة وأن عنوانه يحمل مضموناً هاماً جداً.

أتحدث هنا عن خبر نشرته وزارة الكهرباء والماء، يتحدث عن لقاء الوزير بعدد من المواطنين، وفي متن الخبر بيان من الوزارة يفيد بأن الوزير اجتمع مع عدد من المواطنين للاستماع لهم ولملاحظاتهم والوقوف على مشاكلهم، وأن هذه الخطوة تتم بشكل دوري وتنظمها الوزارة مع المواطنين الراغبين في الحديث مع الوزير، امتثالاً توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله بانتهاج أسلوب «الأبواب المفتوحة».

خطوة إيجابية وهامة أعتبرها، ورغم أنها خطوة يفترض وجودها منذ زمن طويل، وعلى اعتبار أنها يفترض أن تكون عملية عادية طبيعية ممنهجة ومفعلة منذ سنوات، إلا أن تفعيلها والقيام بها ونشر الأخبار عنها بما يحفز بقية المواطنين أمر إيجابي جداً.

ليس خطأً أن تبدأ متأخراً، لكن الخطأ ألا تبدأ أبداً، وعليه فإن مثل هذه الخطوات إن أقرت وأصبحت ممارسة أساسية في جدول أعمال كل وزير من وزرائنا المحترمين في كافة القطاعات، بحيث يكون له مجلس أسبوعي، أو يوم في الأسبوع بابه يفتح وتبرمج له مقابلات مع الراغبين من المواطنين والمستفيدين من خدمات وزارته، فإننا نحقق عدة أهداف في خطوة واحدة.

أول الأهداف هو احترام المواطن الذي يعبر عن رأيه، والذي يبث همومه ومشاكله، ويريد لها أن تلقى صدى لدى المسؤولين المعنيين، وهنا سيحس المواطن أن صوته مسموع ويصل لأكبر مسؤول. وهنا نعزز الثقة لدى الناس بأن قضاياهم يتم الاهتمام بها من قبل الوزير نفسه.

ثاني الأهداف يتمثل بإسداء خدمة للوزير نفسه، إذ حين يلتقي الوزير بالمواطنين والمستفيدين من خدمات وزارته، فإن كلامهم سيكون له مباشراً ودون أي وسيط، ودون تحوير أو تعديل أو شذب أو إخلال، إذ كثير من مشاكل المواطنين قد لا تصل بشكلها الكامل والصريح للوزير، خاصة وأن بعض المسؤولين تحت الوزراء قد لا يوصلون الأمور بشكلها الكامل، بغض النظر عن الأسباب.

الهدف الأهم هنا هو التفكير معا في الحلول، إذ غالبا المسؤول له تفكيره الخاص هو وفريقه بشأن مشكلة ما، لكنه حينما يلتقي بالناس وهو المتأثرين مباشرة بعمل قطاعه، قد يساعدونه على ابتكار حلول تسهل عليهم الأمور، بالتالي المواطن قد يساعدك في عملك، وأفكاره قد تمنح مساحة واسعة من التفكير والتطوير.

وأيضاً هناك هدف يصب في خانة الوزراء أنفسهم، إذ الصورة النمطية السائدة في المجتمع تفيد بأن «باب المسؤول مغلق دائماً» وأن الوصول لكبار التنفيذين صعب، بالتالي الوصول للوزراء مستحيل، وهنا إثبات خطأ هذه النظرة فيه إنصاف لجهود الوزير المجتهد والذي يهمه كلام الناس وملاحظاتهم وآرائهم، ويطلب نقدهم مباشرة بدل أن يصله من أية وسيلة أخرى.

فتح أبواب كبار المسؤولين للمواطنين عملية ذكية، تحسب ضمن أساليب الإدارة الذكية، وتحقق أهدافاً كثيرة، هي تعود بالنفع على أطراف المعادلة من مسؤولين ومواطنين، لكن الأهم هي تفيد قطاعات الوطن من منطلق معرفة جوانب الخلل والقصور، والوقوف على النقد والملاحظات، بهدف تغييرها إلى الأفضل عبر تحسين الأداء وحل المشكلات.

خطوة إيجابية، قد يقوم بها كثير من الوزراء والمسؤولين، لكنهم قد يغفلون أهمية نشرها وإشاعتها، والأهم نشر نتائج هذه اللقاءات، وهو ما يحول هذه الممارسة لثقافة إدارية مطبقة، ولنمط حياة قائم على الحوار وتبادل الآراء والعمل معاً لإيجاد الحلول التي تنهي المشكلات.