لا يوجد في الحياة شيء اسمه حرية مطلقة، ولا توجد سماء مفتوحة، وكنت أرى أن انعدام الضوابط في هذه الردهة سيثير العديد من المشاكل.
-- - - - - - -- - --
جاء بفكرته وعرضها على المسؤول آنذاك. وكانت فكرته تتلخص بإنشاء مساحة إلكترونية يتم فيها تبادل الأفكار وتناقحها بين الموظفين، حيث تكون هذه المساحة الإلكترونية بمثابة فضاء رحب يتسع لكل الأفكار والتعليقات دونما قيود، وأكد للموظفين بأن هذه المساحة الإلكترونية ستكون بمثابة المتنفس للجميع، مؤكداً على أن عنصر السرية ستكون أكبر ضامن لحرية التعبير المطلقة، حيث لن يظهر أي دليل مادي على شخصية من يكتب في هذه المساحة التي أطلق عليها أسم "ردهة القيل والقال" وهي تقريب لمفردة Chi chat.
أذكر أيضاً بأن مقدم هذا المقترح والذي كان مسؤولي الإداري آنذاك كلفني بمهمة رصد ما يحدث وما يدور في هذه الردهة الإلكترونية، ليس من باب التجسس بل من باب الرصد المعرفي من أجل معرفة تطلعات الموظفين، أو مقترحاتهم التي قد يثيرونها في هذه المساحة الإلكترونية متناهية الحرية، ولا أنكر أن ميزة الخصوصية التي تحدث عنها مقدم المقترح موجودة، أو بصيغة أكثر دقة كانت موجودة عند الجميع عدا القائمين على هذه الردهة والتي لم أكن أنا جزء منها تقنياً، بل كنت جزءاً منها في مهمة الرصد فقط.
في بادئ الأمر كان تجاوب الموظفين رائعأً مع هذه المساحة الإلكترونية التي تتمتع بحرية مطلقة، وأذكر بأنه تم فتح باب الحديث حول إحدى الفعاليات التي أقامتها المؤسسة التي أعمل بها، فحصدنا عدداً من الملاحظات الإيجابية منها والسلبية. بعدها تقدم عدد من الموظفين بعدد من المقترحات أذكر منها إذا لم تخنِ الذاكرة، تغيير المورد الخاص بالوجبات الغذائية، أو فتح فرع للكفتيريا لتوفير وجبات الطعام للموظفين، فانقسم الموظفون بين "رخيص وقوي" أو "غالٍ وصحي". وكنت أقوم بعملي مستمتعة برصد ما يثار في ردهة القيل والقال.
تطورت المواضيع رويداً رويداً، وبدأ بعض الموظفين يتحدثون عن عدم رضاهم لتقييم الأداء، وزاد الأمر تطوراً وبدأ الموظفون ينعتون بعض المسؤولين ببعض الصفات السيئة. وبدأت ردهة القيل والقال تتحول إلى ساحة صراع لم يطف سعيرها إلا إغلاقها.
مع العلم أنني كنت أعمل على رصد المواضيع التي تدور في هذه الردهة وأقوم بتقديم تقرير مفصل بما دار فيها، إلا أنني لا أعرف السبب الحقيقي من وراء إغلاق هذه المساحة الإلكترونية
قيل لي إن أحد الموظفين اكتشف أن الشخص الذي بادر بتقديم هذا المقترح، كان يملك خاصية التعرف على شخصية من يشارك في هذه الردهة. ولا أعلم إذا ما كان هذا الموضوع صحيحاً أو لا. ولكني منذ اليوم الأول لتنفيذ هذه المقترح، كنت أرى هذه النهاية. فلا يوجد في الحياة شيء اسمه حرية مطلقة، ولا توجد سماء مفتوحة، وكنت أرى أن انعدام الضوابط في هذه الردهة سيثير العديد من المشاكل.
رأيي المتواضع:
ردهة القيل والقال تذكرني بشبكات التواصل الاجتماعي وما يدور فيها من لغط وتجاوز، في رأيي المتواضع أنا ضد الحريات المطلقة، ومع الحريات المنضبطة ذات الأطر، أكره الأشياء التي لا يوجد لها حدود وأراها نوعاً من البعثرة والانفلات.
-- - - - - - -- - --
جاء بفكرته وعرضها على المسؤول آنذاك. وكانت فكرته تتلخص بإنشاء مساحة إلكترونية يتم فيها تبادل الأفكار وتناقحها بين الموظفين، حيث تكون هذه المساحة الإلكترونية بمثابة فضاء رحب يتسع لكل الأفكار والتعليقات دونما قيود، وأكد للموظفين بأن هذه المساحة الإلكترونية ستكون بمثابة المتنفس للجميع، مؤكداً على أن عنصر السرية ستكون أكبر ضامن لحرية التعبير المطلقة، حيث لن يظهر أي دليل مادي على شخصية من يكتب في هذه المساحة التي أطلق عليها أسم "ردهة القيل والقال" وهي تقريب لمفردة Chi chat.
أذكر أيضاً بأن مقدم هذا المقترح والذي كان مسؤولي الإداري آنذاك كلفني بمهمة رصد ما يحدث وما يدور في هذه الردهة الإلكترونية، ليس من باب التجسس بل من باب الرصد المعرفي من أجل معرفة تطلعات الموظفين، أو مقترحاتهم التي قد يثيرونها في هذه المساحة الإلكترونية متناهية الحرية، ولا أنكر أن ميزة الخصوصية التي تحدث عنها مقدم المقترح موجودة، أو بصيغة أكثر دقة كانت موجودة عند الجميع عدا القائمين على هذه الردهة والتي لم أكن أنا جزء منها تقنياً، بل كنت جزءاً منها في مهمة الرصد فقط.
في بادئ الأمر كان تجاوب الموظفين رائعأً مع هذه المساحة الإلكترونية التي تتمتع بحرية مطلقة، وأذكر بأنه تم فتح باب الحديث حول إحدى الفعاليات التي أقامتها المؤسسة التي أعمل بها، فحصدنا عدداً من الملاحظات الإيجابية منها والسلبية. بعدها تقدم عدد من الموظفين بعدد من المقترحات أذكر منها إذا لم تخنِ الذاكرة، تغيير المورد الخاص بالوجبات الغذائية، أو فتح فرع للكفتيريا لتوفير وجبات الطعام للموظفين، فانقسم الموظفون بين "رخيص وقوي" أو "غالٍ وصحي". وكنت أقوم بعملي مستمتعة برصد ما يثار في ردهة القيل والقال.
تطورت المواضيع رويداً رويداً، وبدأ بعض الموظفين يتحدثون عن عدم رضاهم لتقييم الأداء، وزاد الأمر تطوراً وبدأ الموظفون ينعتون بعض المسؤولين ببعض الصفات السيئة. وبدأت ردهة القيل والقال تتحول إلى ساحة صراع لم يطف سعيرها إلا إغلاقها.
مع العلم أنني كنت أعمل على رصد المواضيع التي تدور في هذه الردهة وأقوم بتقديم تقرير مفصل بما دار فيها، إلا أنني لا أعرف السبب الحقيقي من وراء إغلاق هذه المساحة الإلكترونية
قيل لي إن أحد الموظفين اكتشف أن الشخص الذي بادر بتقديم هذا المقترح، كان يملك خاصية التعرف على شخصية من يشارك في هذه الردهة. ولا أعلم إذا ما كان هذا الموضوع صحيحاً أو لا. ولكني منذ اليوم الأول لتنفيذ هذه المقترح، كنت أرى هذه النهاية. فلا يوجد في الحياة شيء اسمه حرية مطلقة، ولا توجد سماء مفتوحة، وكنت أرى أن انعدام الضوابط في هذه الردهة سيثير العديد من المشاكل.
رأيي المتواضع:
ردهة القيل والقال تذكرني بشبكات التواصل الاجتماعي وما يدور فيها من لغط وتجاوز، في رأيي المتواضع أنا ضد الحريات المطلقة، ومع الحريات المنضبطة ذات الأطر، أكره الأشياء التي لا يوجد لها حدود وأراها نوعاً من البعثرة والانفلات.