قصة من أكثر قصص الحب روعة ولكنها ظلمت لأنها لم تذكر كثيراً عبر التاريخ، قصة برغم الاختلاف بين طرفيها الا أنها نجحت واستمرت 56 عاماً. الشاب المصري الصعيدي الذي تزوج الفتاة الفرنسية الأرستقراطية هو طه حسين، عاش قصة حب عظيمة سُميت بحب الزواج المستحيل، هذا الشاب صاحب البشرة السمراء الفقير الحال الضرير الذي أحب «سوزان بريسو»، الشقراء ذات العينين الزرقاوين، قهر المستحيل وتزوجها ليعيش معها أجمل قصة حب خيالية.
بالرغم من الظروف التي مرت عليهما سواء أكانت مادية قاسية أو غير ذلك فقد أدت إلى أن ترحل زوجته عائدة إلى فرنسا مع طفليهما أنيس وأمينة، ليكتب لها أثناء غيابها «غطيت بالقبلات الصورة التي لا أراها»، هل يكون الحب قوياً هكذا، هل الأدباء والكتاب يعيشون قصص الحب الخيالية التي يكتبونها؟ هل رواياتهم وكتاباتهم من واقع أحاسيسهم الحقيقية؟ طه حسين عميد الأدب العربي، رائد الرواية العربية، وهو من أبرز الشخصيات في الحركة الأدبية الحديثة الذي أثار الجدل حتى اليوم بمواقفه وأفكاره، كان يتكلم السريانية والحبشية والعبرية والفرنسية وغيرها، قاهر الظلام هو ذاته العاشق الذي كتب تسعين رسالة حب لسوزان.
«بدونك أشعر أني أعمى حقاً، أما وأنا معك، فإني أتوصل إلى الشعور بكل شيء، وأني أمتزج بكل الأشياء التي تحيط بي» هكذا كان يكتب طه حسين لزوجته فهي كانت عينه المطلة على العالم يرى بها ويحس بها، كانت تقرأ له وترافقه ممسكة بذراعيه في كل مكان وبكل محفل فخورة به. كان يردد دائماً حتى أمام أولاده بأن تلك المرأة جعلت منه إنساناً آخر، فارتباط الروح بالروح أقوى من أي شيء.
رحل طه حسين بعد أن طلب من سوزان في ليلتهما الأخيرة «أعطني يدك» لتجلس بعدها نصف ساعة أمام جسده الهامد وهي تردد ها هنا ننتهي وحيدين وتكتب بعدها أول رسالة رد على الحبيب الراحل: «ذراعي لن تمسك بذراعك أبداً، ويداي تبدوان لي بلا فائدة بشكل محزن، فأغرق في اليأس، أريد عبر عيني المخضبتين بالدموع، حيث يقاس مدى الحب، وأمام الهاوية المظلمة، حيث يتأرجح كل شيء، أريد أن أرى تحت جفنيك اللذين بقيا محلقين، ابتسامتك المتحفظة، ابتسامتك المبهمة، الباسلة، أريد أن أرى من جديد ابتسامتك الرائعة».
وبعد سنتين من رحيل الزوج الحبيب وبعد أن استقر الحنين والشوق والذكرى استطاع أستاذ التاريخ الاجتماعي والحضاري للعالم العربي «جاك بيرك» أن يقنع زوجة عميد الأدب العربي سوزان أن تكتب تجربتها معه وأن تنشر ما لم تعلمه الأضواء، وفعلاً استطاع ذلك لما كانت تربطه مع العائلة من علاقة صداقة حميمة، وثقّت سوران تجربتها مع طه حسين في كتاب حمل عنوان «معك» صدر باللغة الفرنسية عن دار سيرف الباريسية، ثم ترجمته عام 1982 دار المعارف بترجمة أنيقة وبمقدمة رائعة لبدر الدين عرودكي وبمراجعة الباحث محمود أمين العالم وكان كتاباً رائعاً في 300 صفحة.
إن كتاب «معك» يعتبر وثيقة مهمة ليست عن حياة طه حسين الشخصية وآرائه وأفكاره فحسب، وإنما هو سجل عن الحياة السياسية والثقافية في مصر على مدى أكثر من خمسين عاماً.
نعم عاشت سوزان مع الدكتور الضرير نحو ستة عقود من الزمن، وكثيرون استشعروا عدم حبها وسعادتها وسفرها الطويل، ولكن بعد أن قرؤوا الكتاب أدركوا ما بين السطور، نعم هذا الرجل يستحق أن تحبيه ويحبك يا سوزان، فهو كما رثاه نزار قباني بقوله «إرمِ نظارتيك ما أنت بأعمى» لأنه عاش أعمى البصر وليس البصيرة.
إن ما يميز الأدب العربي هو وجود الكثير من الروايات الرومانسية، لدرجة أننا نكاد أن نصل إلى أنه لا توجد رواية تخلو من الأحاسيس والقصص العاطفية، والجميل أن نعرف بأن الكثير ممن هم يكتبون يشعرون بما هم يكتبون ويترجمون أحاسيسهم أحياناً في تلك الكتابات والروايات، فطٰه حسين ما هو إلا نموذج جاء ليقول في «دعاء الكروان» و»شجرة البؤس» و»الحب الضائع» و»أحلام شهرزاد» وغيرها من رواياته العظيمة أن الحب والإحساس الموجود في أعماله وإبداعاته حب حقيقي نابع عما بداخله حتى وإن كان أعمى البصيرة، وإن الروائي يجب أن يشعر ويحس ويحب ويفارق ليكتب ويمزج واقعه بخياله، فتأتي بعد ذلك أعماله الروائية في منتهى الإبداع.
بالرغم من الظروف التي مرت عليهما سواء أكانت مادية قاسية أو غير ذلك فقد أدت إلى أن ترحل زوجته عائدة إلى فرنسا مع طفليهما أنيس وأمينة، ليكتب لها أثناء غيابها «غطيت بالقبلات الصورة التي لا أراها»، هل يكون الحب قوياً هكذا، هل الأدباء والكتاب يعيشون قصص الحب الخيالية التي يكتبونها؟ هل رواياتهم وكتاباتهم من واقع أحاسيسهم الحقيقية؟ طه حسين عميد الأدب العربي، رائد الرواية العربية، وهو من أبرز الشخصيات في الحركة الأدبية الحديثة الذي أثار الجدل حتى اليوم بمواقفه وأفكاره، كان يتكلم السريانية والحبشية والعبرية والفرنسية وغيرها، قاهر الظلام هو ذاته العاشق الذي كتب تسعين رسالة حب لسوزان.
«بدونك أشعر أني أعمى حقاً، أما وأنا معك، فإني أتوصل إلى الشعور بكل شيء، وأني أمتزج بكل الأشياء التي تحيط بي» هكذا كان يكتب طه حسين لزوجته فهي كانت عينه المطلة على العالم يرى بها ويحس بها، كانت تقرأ له وترافقه ممسكة بذراعيه في كل مكان وبكل محفل فخورة به. كان يردد دائماً حتى أمام أولاده بأن تلك المرأة جعلت منه إنساناً آخر، فارتباط الروح بالروح أقوى من أي شيء.
رحل طه حسين بعد أن طلب من سوزان في ليلتهما الأخيرة «أعطني يدك» لتجلس بعدها نصف ساعة أمام جسده الهامد وهي تردد ها هنا ننتهي وحيدين وتكتب بعدها أول رسالة رد على الحبيب الراحل: «ذراعي لن تمسك بذراعك أبداً، ويداي تبدوان لي بلا فائدة بشكل محزن، فأغرق في اليأس، أريد عبر عيني المخضبتين بالدموع، حيث يقاس مدى الحب، وأمام الهاوية المظلمة، حيث يتأرجح كل شيء، أريد أن أرى تحت جفنيك اللذين بقيا محلقين، ابتسامتك المتحفظة، ابتسامتك المبهمة، الباسلة، أريد أن أرى من جديد ابتسامتك الرائعة».
وبعد سنتين من رحيل الزوج الحبيب وبعد أن استقر الحنين والشوق والذكرى استطاع أستاذ التاريخ الاجتماعي والحضاري للعالم العربي «جاك بيرك» أن يقنع زوجة عميد الأدب العربي سوزان أن تكتب تجربتها معه وأن تنشر ما لم تعلمه الأضواء، وفعلاً استطاع ذلك لما كانت تربطه مع العائلة من علاقة صداقة حميمة، وثقّت سوران تجربتها مع طه حسين في كتاب حمل عنوان «معك» صدر باللغة الفرنسية عن دار سيرف الباريسية، ثم ترجمته عام 1982 دار المعارف بترجمة أنيقة وبمقدمة رائعة لبدر الدين عرودكي وبمراجعة الباحث محمود أمين العالم وكان كتاباً رائعاً في 300 صفحة.
إن كتاب «معك» يعتبر وثيقة مهمة ليست عن حياة طه حسين الشخصية وآرائه وأفكاره فحسب، وإنما هو سجل عن الحياة السياسية والثقافية في مصر على مدى أكثر من خمسين عاماً.
نعم عاشت سوزان مع الدكتور الضرير نحو ستة عقود من الزمن، وكثيرون استشعروا عدم حبها وسعادتها وسفرها الطويل، ولكن بعد أن قرؤوا الكتاب أدركوا ما بين السطور، نعم هذا الرجل يستحق أن تحبيه ويحبك يا سوزان، فهو كما رثاه نزار قباني بقوله «إرمِ نظارتيك ما أنت بأعمى» لأنه عاش أعمى البصر وليس البصيرة.
إن ما يميز الأدب العربي هو وجود الكثير من الروايات الرومانسية، لدرجة أننا نكاد أن نصل إلى أنه لا توجد رواية تخلو من الأحاسيس والقصص العاطفية، والجميل أن نعرف بأن الكثير ممن هم يكتبون يشعرون بما هم يكتبون ويترجمون أحاسيسهم أحياناً في تلك الكتابات والروايات، فطٰه حسين ما هو إلا نموذج جاء ليقول في «دعاء الكروان» و»شجرة البؤس» و»الحب الضائع» و»أحلام شهرزاد» وغيرها من رواياته العظيمة أن الحب والإحساس الموجود في أعماله وإبداعاته حب حقيقي نابع عما بداخله حتى وإن كان أعمى البصيرة، وإن الروائي يجب أن يشعر ويحس ويحب ويفارق ليكتب ويمزج واقعه بخياله، فتأتي بعد ذلك أعماله الروائية في منتهى الإبداع.