* مهما كتبت عن قصة الحج، فهي قصة متجددة معانيها في كل عام، ومتجددة في أحداثها ومواقفها وأبطالها.. وعلى كل حال.. فقصة هذا العام قد انتهت.. وانتهت فصول أبطالها الذين سنحت لهم الفرصة بأن يعايشوا جميع أحداثها لحظة بلحظة، وظفروا بالأجور الخالدة في لحظات جميلة من أعمارهم قد لا تتكرر مرة أخرى.. انتهت قصة هذا العام.. وبقي أن يتأمل أبطالها حياتهم وأعمارهم القادمة ويقرروا أن تتغير كل حياتهم ويفتحوا صفحات متجددة من العطاء أولاً، ثم يسعوا لتغيير طبائع نفوسهم، ثم يلحوا في الدعاء بأن يفتح الله لهم ليكونوا أبطال حج العام الماضي.. بقي أن نعيش حياتنا ونتساءل كيف يا ترى سنكون في قابل الأيام!! وكيف يا ترى سنحدث تغييراً جوهرياً في كل حياتنا حتى نصحح من المسار ونبصم بصمات أكثر تأثيراً مما سبق!! وهل يا ترى سنكون مجدداً أبطالاً لقصص أخرى من الحياة؟؟ وأهمها قصة الحج الجميلة جداً.. هي آمال وأحلام وتطلعات.. ما نملكه فقط أن نرفع أيادينا بالدعاء، ونسأله عز وجل أن يمدنا بالصحة والعافية وطول العمر وأن ندرك مواسم الطاعات أعواماً بعد أعوام حتى نجدد علاقتنا بالله عز وجل، وحتى نستزيد من بحور الحسنات، وأن نكفر بتلك المواسم أيام التقصير والزلات.* بعض الصفحات المؤثرة في حياتك والتي كان أحد أسبابها ما افترضته عليك الأحداث بكل تفاصيلها، بعض هذه الصفحات عندما تعيد قراءتها تجد أن أبطالها لم يحسنوا النظر في خاتمتها المرجوة، ولم يتأملوا واقع الأيام المقبلة.. كيف ستكون وكيف سنعايشها.. بالفعل هكذا هو واقع الإنسان، لا يفقه في كثير من الأحيان قراءة الواقع المعاش، وتراه يعيش لحظته بضميره وبنظراته القاصرة أحياناً، أو بافتعال بعض الأسباب الواهية التي يراها مهمة في اتخاذ القرارات أو التفاضل في العلاقات، أو إعادة النظر في المشاعر التي ما تبرح أن تعود إلى أصالتها.. القلوب الطيبة هي التي تمتلك هذه الحواس فقط.. هي التي لا تفكر في صفحات الدنيا، بقدر تفكيرها في صفحات الآخرة الباقية.. هذا ما تعلمناه من هذه الصفحات.* لا تكلف نفسك ما لا طاقة لها به، ولا تفكر كثيراً في تفاصيل الأشياء، ولا تتابع كل شاردة وواردة في أحداث يومك، ولا تثقل نفسك بمن اضطر أن يقف أمام سيارتك، أو أخذ دورك في الطابور في السوبر ماركت، ووو.. لا تكلف نفسك عناء كل ذلك.. فإنك ستظل حينها في دوامة لا تنتهي من الضغوطات النفسية والقلق والهم واضطراب السلوك والانزعاج والملل.. بعدها قل على نفسك السلام. بالفعل هكذا نسير في حياتنا دون أن نحس.. ودون أن نتذكر أننا نضيع أوقاتنا في التفاهات.. ولا ننشغل بأمور الأجور.. وما أجملها من أجور.. هي ما نحصده من أجل أن نصنع أجمل الأثر في الدنيا ونصنع منازلنا في الآخرة.. علينا أن نربي أنفسنا بأن نقول: قدر الله ما شاء فعل.. ولا نضيع الأوقات في سرد التفاصيل.. بل نقول: سيكون القادم أفضل بإذن الله تعالى.. وعلينا في المرة القادمة أن نكون أفضل إن مرت علينا مثل هذا الموقف.. بمعنى أن نصنع من الأحداث حكاية مثالية للحكايات القادمة.. نأمل أن نعيش بهذا الأسلوب الجميل.. نأمل أن نعيش بأسلوب يحبه كل من حولنا، فنحب الحياة ونفرح بالسعادة ونترك أساليب السآمة التي تضيع حياتنا كلها فيما لا فائدة فيه.. الحياة قصيرة.. لنستثمرها في الفرح والخير والسعادة وحب ما عند الله عز وجل.. ثم نترك في كل أيامنا أجمل الأثر.. ولو بكلمة طيبة.* أجمل شخصية تقابلها هي تلك التي لا تلتفت لآلام الماضي، ولا تعطي اهتماماً لأي عوارض حياتية آنية، بل تجعلك تراجع نفسك بنفسك.. في نفس الوقت الذي انزعجت فيه.. تراها قوية لا تأبه بما حدث.. بل تبتسم في وجهك وتجعلك تتراجع عن أي قرار مستعجل قد تتخذه.. شخصية لا تتركك لوحدك بل تصحبك إلى الآمال الكبار التي تحبها، وتجدد حبها لك بومضات إيمانية جميلة غابت عن نظرك حينها.. فقط تربطك بالله وترجع كل أحداث حياتك بالله.. فتجعلك تتنفس الصعداء.. وتبتسم بعد أن كنت مهموماً.. وترجع إلى صوابك بعد أن كنت منزعجاً غاضباً.. ولكن بمسحة أمل.. وابتسامة مشرقة.. ونفس صادقة.. وقلب يحب الخير.. ينمحي كل شيء مزعج.* يساورك الحنين في لحظات من حياتك إلى أيام جميلة قضيتها في ميادين الخير تتنقل فيها في بساتين المحبة والإخاء، وكانت لك صولات وجولات في نفوس الآخرين، إما أن تأخذ من حياتها عظة وأثر في حياتك، وإما أن تترك فيها أثرك الجميل ببصماتك المؤثرة.. هو كذلك كان محفل التربية والتعليم، في السنوات الأولى من العطاء.. مازال أبطالها يلوحون من بعيد إلى مدرسهم الأصيل كلما التقوا به في محافل الحياة.. ليبقى الأثر كما كنا نتمناه من قبل.. الحنين إلى تلك الأيام سيظل في النفس أبداً ما حيينا.. سواء في ميدان التربية والتعليم أو ميادين العمل التطوعي التي لها هي الأخرى الأثر والبركة في الحياة.* مهما كبرت ومضت بك الأعمار فستظل تذكر تلك الأنامل الجميلة التي لعبت بشعرك، وسهرت وتعبت وبذلت وصرفت من أجل أن تكون اليوم تلك الغيمة الجميلة التي ينعم بخيراتها الجميع.. رحمكما الله أمي وأبي.. لا أعلم صورتهما دائماً لا تفارق محياي.. وكل إنسان لا بد وأن يكون هذا شعوره.. ويترحم عليهما كلما ذكرهما وإن كبر في السن.. هي قصة تتكرر في كل زمان ومكان.. وتنتهي بانتهاء الحياة.. قصة في كل أسرة امتدت وكبر أفرادها.. ثم استقل كل واحد بحياة جديدة يؤسس من خلالها لأبناء بررة يزرعون الخير في بساتين الحياة.. الله ينير قبركما ويجزيكما الخير كله على كل ما نحن فيها من خير وبركة وتوفيق في الحياة.. ويا رب اجمعنا بهما في الفردوس الأعلى مع أهلينا وذرياتنا.. اللهم ارزقنا بر الأبناء أضعاف ما كنا نبر به الآباء.. وتجاوز عن كل تقصير وزلل.. يا أكرم الأكرمين.* ومضة أمل:من سرعة الأيام أضحت سطور تلك القصص الجميلة تنقضي كما ولو أنها ساعات معدودة.. من سرعة الأيام أضحت اللحظات التي تقضيها في النوم.. كما وأنها سوانح الأحلام العابرة. اللهم سلم.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90