قبل عقد من الزمن لاحظ زائرو المدني أن أحد مباني الجيش قد كتب عليها فرع البيولوجي والنووي والكيماوي، فقال: ما شاء الله لدينا نووي. ولم يضع في نهاية جملته الخبيثة صوت تعجب أو سؤال. فنهرته بنظرة مفادها: إن كنت تريد تجديد دفتر خدمتك الإجبارية فاسكت.. فسكت. وبعد حين تغير الاسم إلى فرع الدفاع ضد
أسلحة الدمار الشامل فخف وقع الاسم ولم يتغير الإيحاء.
وفي زهو يتحدث محللون يمنيون عن القوة الجوية الحوثية المسيرة، وكأنها بحجم الاسم الذي تحمله. وهنا نتوقف للقول إن الطائرات المسيرة الحوثية واقع في سماء معركة اليمن لا يجب إنكاره؛ بل إن هذا الاستطراد قد يقود إلى توسع لا يغلق قوسه؛ فمن الموضوعية القول إن الحرب اللامتناظرة هي سمة الصراعات في مطلع القرن الحادي والعشرين، ولولاها لما عاش شذاذ الآفاق من داعش نصف عقد وهم يتصدرون أخبار العالم، ولولا الحرب اللامتناظرة لما وثق حزب الله بنفسه ومهاراته لدرجة التدخل في حروب خارج لبنان في سوريا واليمن والعراق. ولولا الحرب اللامتناظرة لما استطاعت طهران ببرنامجها الصاروخي تعويض ما تعانية من نقص في الطائرات. ولولا الحرب اللامتناظرة لما قلبت أنفاق الفلسطينيين العقيدة القتالية الصهيونية رأساً على عقب من السماء إلى باطن الأرض، فالحرب اللامتناظرة هي التي قادت أميركا ودول الغرب لتشكيل وحدات خاصة تقاتل مثل داعش بقواعد اشتباك متحللة من الأعراف التعبوية بل والأخلاقية أيضاً. والحرب اللامتناظرة هي ما دفع الحوثيين للطائرات المسيرة كسلاح ضد دول التحالف العربي، ونجاح الطائرات المسيرة هو ما دفع الولايات المتحدة والصهاينة للتوسع في هذا السلاح الجديد لمطاردة إرهابيي القاعدة وطالبان في اليمن وأفغانستان. أو كما فعل الصهاينة عندما أرسلوا طائرتين للضاحية الجنوبية لتدك الطائرة الثانية المركز الإعلامي لـ»حزب الله» وتتلف الطائرة الأولى التي أرسلت ما صورته قبل سقوطها على الهدف.
في مجال الطائرات بدون طيار يقول هولاند مايكل Holland Michel مؤلف كتاب Counter-Drone Systems إن هناك سباقاً محموماً في صناعة الطائرات المسيرة، لكن الصراع الأكبر هو على عمليات الاستحواذ على التكنولوجيا المضادة للطائرات بدون طيار وتطويرها، بل إن المضادات تستحوذ على أموال أكبر لصناعة الطائرات نفسها ضمن أحدث ميزانية لوزارة الدفاع الأمريكية، والأسباب كثيرة منها:
* تصل كلفة صاروخ «باتريوت» لإسقاط طائرة مسيرة بـ500 دولار حوالي مليون دولار للصاروخ الواحد.
* تخطى عدد من الطائرات بدون طيار الأنظمة المضادة الثمانية التي تم نشرها في أولمبياد ريو عام 2016، ثم في عام 2017 أجرى البنتاغون مناورة للتدرب على التصدي للطائرات بدون طيار دامت 5 أيام، وفشل ما قدمته الشركات المشاركة من الأنظمة الجوية المضادة في كثير من عمليات التصدي.
* لا يمكن لإيران مثلاً أن تصنع طائرة تشبه الطائرات المقاتلة على ظهر الحاملة إبراهام لنكولن مثل F-18 فأجهزة التمييز في الحاملة تستطيع كشفها، بالإضافة إلى كلفة صنع سرب منها لتتقرب به من الحاملة ثم تهاجمها. لكن الأمر مختلف مع الطائرات المسيرة الصغيرة حيث يمكن صنع الكثير منها، بل ويتوقع الخبراء قصوراً في الأنظمة الجوية المضادة للطائرات بدون طيار للتمييز بين الطائرة المسيرة الحليفة والطائرة المسيرة العدوّة.
* بالعجمي الفصيح:
الاستدعاء الخاطئ، جراء التلاعب بالمفاهيم لسوق المتلقي لقراءة ليست الوحيدة المحتملة للصورة، أمر مقبول في الأعمال العسكرية، لذا لا ضرر من أن ننشئ في أسلحة الجو الخليجية «فرع الطائرات المسيرة» ولو كان من باب التصدي لها وليس استخدامها، كما فعلنا مع النووي.
* كاتب وأكاديمي كويتي
أسلحة الدمار الشامل فخف وقع الاسم ولم يتغير الإيحاء.
وفي زهو يتحدث محللون يمنيون عن القوة الجوية الحوثية المسيرة، وكأنها بحجم الاسم الذي تحمله. وهنا نتوقف للقول إن الطائرات المسيرة الحوثية واقع في سماء معركة اليمن لا يجب إنكاره؛ بل إن هذا الاستطراد قد يقود إلى توسع لا يغلق قوسه؛ فمن الموضوعية القول إن الحرب اللامتناظرة هي سمة الصراعات في مطلع القرن الحادي والعشرين، ولولاها لما عاش شذاذ الآفاق من داعش نصف عقد وهم يتصدرون أخبار العالم، ولولا الحرب اللامتناظرة لما وثق حزب الله بنفسه ومهاراته لدرجة التدخل في حروب خارج لبنان في سوريا واليمن والعراق. ولولا الحرب اللامتناظرة لما استطاعت طهران ببرنامجها الصاروخي تعويض ما تعانية من نقص في الطائرات. ولولا الحرب اللامتناظرة لما قلبت أنفاق الفلسطينيين العقيدة القتالية الصهيونية رأساً على عقب من السماء إلى باطن الأرض، فالحرب اللامتناظرة هي التي قادت أميركا ودول الغرب لتشكيل وحدات خاصة تقاتل مثل داعش بقواعد اشتباك متحللة من الأعراف التعبوية بل والأخلاقية أيضاً. والحرب اللامتناظرة هي ما دفع الحوثيين للطائرات المسيرة كسلاح ضد دول التحالف العربي، ونجاح الطائرات المسيرة هو ما دفع الولايات المتحدة والصهاينة للتوسع في هذا السلاح الجديد لمطاردة إرهابيي القاعدة وطالبان في اليمن وأفغانستان. أو كما فعل الصهاينة عندما أرسلوا طائرتين للضاحية الجنوبية لتدك الطائرة الثانية المركز الإعلامي لـ»حزب الله» وتتلف الطائرة الأولى التي أرسلت ما صورته قبل سقوطها على الهدف.
في مجال الطائرات بدون طيار يقول هولاند مايكل Holland Michel مؤلف كتاب Counter-Drone Systems إن هناك سباقاً محموماً في صناعة الطائرات المسيرة، لكن الصراع الأكبر هو على عمليات الاستحواذ على التكنولوجيا المضادة للطائرات بدون طيار وتطويرها، بل إن المضادات تستحوذ على أموال أكبر لصناعة الطائرات نفسها ضمن أحدث ميزانية لوزارة الدفاع الأمريكية، والأسباب كثيرة منها:
* تصل كلفة صاروخ «باتريوت» لإسقاط طائرة مسيرة بـ500 دولار حوالي مليون دولار للصاروخ الواحد.
* تخطى عدد من الطائرات بدون طيار الأنظمة المضادة الثمانية التي تم نشرها في أولمبياد ريو عام 2016، ثم في عام 2017 أجرى البنتاغون مناورة للتدرب على التصدي للطائرات بدون طيار دامت 5 أيام، وفشل ما قدمته الشركات المشاركة من الأنظمة الجوية المضادة في كثير من عمليات التصدي.
* لا يمكن لإيران مثلاً أن تصنع طائرة تشبه الطائرات المقاتلة على ظهر الحاملة إبراهام لنكولن مثل F-18 فأجهزة التمييز في الحاملة تستطيع كشفها، بالإضافة إلى كلفة صنع سرب منها لتتقرب به من الحاملة ثم تهاجمها. لكن الأمر مختلف مع الطائرات المسيرة الصغيرة حيث يمكن صنع الكثير منها، بل ويتوقع الخبراء قصوراً في الأنظمة الجوية المضادة للطائرات بدون طيار للتمييز بين الطائرة المسيرة الحليفة والطائرة المسيرة العدوّة.
* بالعجمي الفصيح:
الاستدعاء الخاطئ، جراء التلاعب بالمفاهيم لسوق المتلقي لقراءة ليست الوحيدة المحتملة للصورة، أمر مقبول في الأعمال العسكرية، لذا لا ضرر من أن ننشئ في أسلحة الجو الخليجية «فرع الطائرات المسيرة» ولو كان من باب التصدي لها وليس استخدامها، كما فعلنا مع النووي.
* كاتب وأكاديمي كويتي