هناك أمور لا تتسق منطقياً مع بعضها البعض، وهنا أشير إلى التناقضات التي يمكن أن تصدر على هيئة أقوال أو حتى أفعال.
تذكرون بيت الشعر الشهير: «أتنه عن خلق وتأتي مثله، عار عليك إن فعلت عظيم؟!».
طيب، أتذكرون المثل الذي يقول: «رمتني بدائها وانسلت»؟!
حسناً، هل مر بكم المثل الآخر الذي يقول، مع الاحترام لكم بسبب المفردات: «عاهرة وتدعي الشرف»؟! إلى غيرها من أمثال ومقولات هي ترد على الأشخاص الذين يمارسون التناقض حينما يوجهون النصح أو بالأحرى «يتفلسفون» في توجيهه للآخرين.
قبل الخوض في التفاصيل، فقط تجدر الإشارة إلى أن هذه الممارسة يمكنك أن تجدها في أي محفل أو مجال، ولها ممارسون عدة من منظرين وفلاسفة ومتفيقهين، كل يريد أن «يفهمك» بأنه «يفهم» أكثر منك، وأن عليك السير على خطاه، لأن خطك الحالي، ما هو إلا خط يقودك لـ»الضلال المبين».
مبعث الكلام هنا مثلما قدمته في العنوان، إذ منطقياً أيعقل أن يأتي زمن يقوم فيه «مستعمر» لحقوق وديار الآخرين، بممارسة دور «الداعية» للإصلاح والديمقراطية؟!
بديهياً لا يعقل، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، ولا يحاول أحد إقناعنا بأن من مارسوا الاستعمار وسيطروا على أراضي الآخرين ونهبوا خيراتها، وحاولوا طمس هويتها، وتصدوا لكل صور المقاومة فيها، هم أولئك الذين يجب أن نتخذهم نماذج في الديمقراطية وأمثلة في التسامح وأعلاماً في احترام الحريات!
لكننا في زمن «مفارقات»، وزمن فيه «الهرطقة السياسية» لعبة تمارس من قبل أنظمة «تتناسى» تاريخها العتيد في الاستعمار والاستعباد والقتل والقمع ونهب خيرات دول وأمم أخرى، لكنها تأتينا بكل بجاحة واستكبار لتقول لنا: «تعالوا نعلمكم أصول حقوق الإنسان، وتعالوا ندرسكم الديمقراطية الحقة»!
لا شكراً، لا أحتاج لأشخاص يمثلون دولاً أبادت أقواماً عن بكرة أبيهم حينما اكتشفت أراضيهم عبر رحلات استكشاف بحرية، لا أريد هؤلاء ليعلموني ديمقراطية قائمة على الدم! ولا أحتاج لأشخاص مازالت دولهم تحتل دولاً أخرى وتبسط حكمها عليهم، والمفارقة أن بعض هذه الدول في قارات أخرى، وفي مناطق تبعد آلاف الأميال عنهم، ثم يريدون أن «يدرسونا حقوق الإنسان والحريات»! طيب أعطوا الناس أراضيهم، وأعطوهم حرياتهم!
انظروا اليوم للدول التي صالت وجالت في بحار وأراضي العالم، ممن بسطوا سيطرتهم على الدول الأخرى، ممن وضعوا يدهم على خيراتها ونقلوا ثرواتها وآثارها وحتى سكانها ليتم استعبادهم، انظروا لهذه الدول كيف تحولت اليوم من ارتداء لباس «المستعمر» إلى ارتداء لباس «المدافع عن الحريات»! أوليست مهزلة تسقطها إثباتات وأدلة التاريخ؟!
قد يقول البعض بأن زمن الاستعمار ولى وأدبر، ولربما اليوم نحن أمام استعمار فكري وثقافي وصناعي وغيره، وأن هذه الدول صححت مساراتها، وباتت أمثلة حقيقة في الديمقراطية بحيث تحاول نصح الآخرين بها!!
قد تكون جملة معقولة، لكنها في الحقيقة ساذجة، لأن صاحب الفكر الاستعماري يظل متمسكاً به، ولو تقادم به الزمن، يظل يتفاخر بماضيه ويدرسه لأجياله المتعاقبة، وإن حتمت عليه الظروف إنهاء الاستعمار على الأرض، فإنه لا ينهيه أبداً عبر مساعي الضغط على الدول والتدخل في شؤونهم ونسج المؤامرات والدسائس لإثارة القلاقل الداخلية لدى تلك الدول، حتى يلعب في المقابل دور الناصح وصاحب المشورة و»المدرس» الذي سيعلمنا كيف نفصل حياتنا وكيف نصنع ديمقراطيتنا، وكيف نحترم حقوقنا كبشر!
لا شكراً، لا نحتاج لنصائحكم، كل ما نريده أن تتركونا في حالنا، وأن تكفوا أيديكم عن التدخل في شؤوننا!
{{ article.visit_count }}
تذكرون بيت الشعر الشهير: «أتنه عن خلق وتأتي مثله، عار عليك إن فعلت عظيم؟!».
طيب، أتذكرون المثل الذي يقول: «رمتني بدائها وانسلت»؟!
حسناً، هل مر بكم المثل الآخر الذي يقول، مع الاحترام لكم بسبب المفردات: «عاهرة وتدعي الشرف»؟! إلى غيرها من أمثال ومقولات هي ترد على الأشخاص الذين يمارسون التناقض حينما يوجهون النصح أو بالأحرى «يتفلسفون» في توجيهه للآخرين.
قبل الخوض في التفاصيل، فقط تجدر الإشارة إلى أن هذه الممارسة يمكنك أن تجدها في أي محفل أو مجال، ولها ممارسون عدة من منظرين وفلاسفة ومتفيقهين، كل يريد أن «يفهمك» بأنه «يفهم» أكثر منك، وأن عليك السير على خطاه، لأن خطك الحالي، ما هو إلا خط يقودك لـ»الضلال المبين».
مبعث الكلام هنا مثلما قدمته في العنوان، إذ منطقياً أيعقل أن يأتي زمن يقوم فيه «مستعمر» لحقوق وديار الآخرين، بممارسة دور «الداعية» للإصلاح والديمقراطية؟!
بديهياً لا يعقل، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، ولا يحاول أحد إقناعنا بأن من مارسوا الاستعمار وسيطروا على أراضي الآخرين ونهبوا خيراتها، وحاولوا طمس هويتها، وتصدوا لكل صور المقاومة فيها، هم أولئك الذين يجب أن نتخذهم نماذج في الديمقراطية وأمثلة في التسامح وأعلاماً في احترام الحريات!
لكننا في زمن «مفارقات»، وزمن فيه «الهرطقة السياسية» لعبة تمارس من قبل أنظمة «تتناسى» تاريخها العتيد في الاستعمار والاستعباد والقتل والقمع ونهب خيرات دول وأمم أخرى، لكنها تأتينا بكل بجاحة واستكبار لتقول لنا: «تعالوا نعلمكم أصول حقوق الإنسان، وتعالوا ندرسكم الديمقراطية الحقة»!
لا شكراً، لا أحتاج لأشخاص يمثلون دولاً أبادت أقواماً عن بكرة أبيهم حينما اكتشفت أراضيهم عبر رحلات استكشاف بحرية، لا أريد هؤلاء ليعلموني ديمقراطية قائمة على الدم! ولا أحتاج لأشخاص مازالت دولهم تحتل دولاً أخرى وتبسط حكمها عليهم، والمفارقة أن بعض هذه الدول في قارات أخرى، وفي مناطق تبعد آلاف الأميال عنهم، ثم يريدون أن «يدرسونا حقوق الإنسان والحريات»! طيب أعطوا الناس أراضيهم، وأعطوهم حرياتهم!
انظروا اليوم للدول التي صالت وجالت في بحار وأراضي العالم، ممن بسطوا سيطرتهم على الدول الأخرى، ممن وضعوا يدهم على خيراتها ونقلوا ثرواتها وآثارها وحتى سكانها ليتم استعبادهم، انظروا لهذه الدول كيف تحولت اليوم من ارتداء لباس «المستعمر» إلى ارتداء لباس «المدافع عن الحريات»! أوليست مهزلة تسقطها إثباتات وأدلة التاريخ؟!
قد يقول البعض بأن زمن الاستعمار ولى وأدبر، ولربما اليوم نحن أمام استعمار فكري وثقافي وصناعي وغيره، وأن هذه الدول صححت مساراتها، وباتت أمثلة حقيقة في الديمقراطية بحيث تحاول نصح الآخرين بها!!
قد تكون جملة معقولة، لكنها في الحقيقة ساذجة، لأن صاحب الفكر الاستعماري يظل متمسكاً به، ولو تقادم به الزمن، يظل يتفاخر بماضيه ويدرسه لأجياله المتعاقبة، وإن حتمت عليه الظروف إنهاء الاستعمار على الأرض، فإنه لا ينهيه أبداً عبر مساعي الضغط على الدول والتدخل في شؤونهم ونسج المؤامرات والدسائس لإثارة القلاقل الداخلية لدى تلك الدول، حتى يلعب في المقابل دور الناصح وصاحب المشورة و»المدرس» الذي سيعلمنا كيف نفصل حياتنا وكيف نصنع ديمقراطيتنا، وكيف نحترم حقوقنا كبشر!
لا شكراً، لا نحتاج لنصائحكم، كل ما نريده أن تتركونا في حالنا، وأن تكفوا أيديكم عن التدخل في شؤوننا!