من سخرية القدر أنّ روحاني سيقدم للأمم المتحدة رؤيته لأمن الخليج العربي، والسؤال كيف تسمح الأمم المتحدة بهذا الاستهزاء الرخيص بعقولنا؟ الدولة التي تهدد أمننا تقدم حلولها؟

بالمقابل أكدت السعودية في رسالة إلى مجلس الأمن أنها تتعامل مع هجوم إرهابي منظم من إيران، مضيفةً أنها سترد على الهجوم «وفقًا للقانون الدولي».

وأرسلت البعثة السعودية لدى الأمم المتحدة رسالتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس وأخرى إلى رئيس مجلس الأمن المندوب الروسي الدائم فاسيلي نبنزيا، وإلى أعضاء مجلس الأمن.

و دعت المملكة كل من شكك وكل من طالب بالمشاركة في التحقيق إلى الحضور للمملكة دون قيد، فليس لديها ما تخفيه، ولديها كل الإثباتات التي تدين إيران صراحة، وقالت لمن شكك ومن تردد في إدانة إيران تفضل عاين بنفسك.

و لكن هل سيستجيب «المجتمع الدولي» الذي تناشده السعودية أن يتحمل مسؤوليته؟ هل سيفرض «القانون الدولي» احترامه بالتزام الجميع به؟ وهل ستلزم إيران باحترام القانون الدولي؟ وكيف وهي التي تهزأ بنا في عقر الأمم المتحدة؟

لقد تغير العالم و«القانون الدولي» تغير معه، هذا ما يجب أن نعيه ونستوعبه ونبدل استراتيجيتنا بناء عليه.

لم يعد «القانون الدولي» هو المرجعية حتى نلتزم به وحدنا، فقد أصبح عدد الملتزمين به محدود ونحن أولهم، والنتيجة أننا ندفع الثمن وحدنا.

قديماً كان المعتدي يردع وفقاً «للقانون الدولي»، إنما من بعد أن لقنت إسرائيل العالم درساً برمي هذا القانون عرض الحائط بدأ التراجع، الآن إيران تستفيد من الدرس الإسرائيلي، فلا تلتزم بأي تعهد ولا بأي اتفاق ولا تعترف ب «القانون الدولي» وهي على يقين من أن أحداً لن يتحرك بل الأدهى أن تحرك أي من الدول العظمى كما تسمى أو الدول الخمس الكبار فإن حساباته الشخصية ومصالحه هي مرجعيته لا «القانون الدولي» فلا عدالة ولا حق ولا باطل تحتكم إليه.

لافروف وزير الخارجية الروسي يقول «إن اتهام إيران دون أدلة قاطعة يزيد من توتير المنطقة» أجزم بأن لافروف لو رأى بأم عينه إيران وهي تضغط زر الإقلاع للصواريخ فلن يعتبرها أدلة دامغة، لأن الحسبة الروسية لا علاقة لها بمن اطلق الصواريخ، الحسبة مبنية على مرجعية مختلفة وهي هل من مصلحتنا في روسيا ضرب إيران؟

لا القانون الدولي ولا العدالة ولا نصرة الحق معيار للموقف الروسي ومثله الفرنسي، ففرنسا حين عرضت على إيران 15 مليار دولار مقابل البقاء في الاتفاق النووي وعدم نقضه، كانت إيران تحتل أربع عواصم عربية ظلماً وعدواناً ومازالت، ومع ذلك تريد فرنسا أن تكافئها دون اعتبار للحق وللقانون الدولي، وكذلك ستفعل حتى لو عاد فريق الخبراء الفرنسي من الرياض وأكد أن الاعتداء على بقيق وخريص إيراني بامتياز..

و كذلك فعلت بريطانيا مع الحوثيين وكلاء إيران في الحديدة، هي تعلم وترى أن الحوثيين نقضوا الاتفاق وأكثر من 7000 خرق للاتفاق منذ توقيعه ومع ذلك تحميهم وتدافع عنهم وتسلمهم سيارات الدفع الرباعي التي جاءت بأموال التحالف، فعينها على الميناء ومصالحها تقتضي التغاضي عن خروقهم، ولا عزاء «للقانون الدولي»!!

أوروبا منقسمه ولديها مشاكل اقتصادية واليوم هي لا ترى غير موقع أقدامها، وحسبتها بالنسبة هي هل تقف مع ترامب أو لا؟ ولا ترى أن إيران تريد أن تمسك المضيقين «المندب» وهرمز» وستدفع أوروبا الثمن غالياً لو حدث هذا الأمر.

حتى ترامب يقول إن علينا أن ندفع لقاء حمايتنا!

وما الذي استلمه سابقا؟ وما الذي مازال يستلمه إلى الآن؟ أليس مالاً؟ ألا يعتقد أن إصلاح الأضرار بهذه السرعة وتعويض النقص بهذه السرعة واستقرار الأسعار من أجل ألا يتأثر اقتصاده ولا تتضرر حملته الانتخابية ثمنا غاليا دفعناه من أموالنا؟

اعتقد أن علينا أن ننظر للأمور الآن بنظرة مختلفة، كما نرى إيران تعلمت الدرس فمتى نتعلمه نحن؟

متى نقول للمدنيين من سكان «الحديدة» ومن يتواجدون بالقرب من مينائها لكم مهلة يومين للإخلاء، ونكون قد أدينا ما علينا من التزام ومن ثم ندك الميناء وفقاً لمصالحنا الأمنية لا وفقاً للقانون الدولي؟

متى نعترف بدولة الأحواز ونفتح سفارتها وندعم الشعب الأحوازي المظلوم الذي يتطلع للتحرر، ونقدم الدعم المعلن والواضح والصريح مالاً وعتاداً لهم و للأذر، وللسنة الذين يمنع عليهم ممارسة حقوقهم الدينية المشروعة؟ إلى متى نحن الذين نلتزم بقانون لم يعد له وجود؟ إلى متى نحترم بند عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ونحترم سيادتها؟

متى نترك سعر النفط يرتفع وفقاً لقانون العرض والطلب ولنا كل الحق أن نصلح الأضرار التي أصابت المصفاة على أقل من مهلنا.

كفى التزاماً بالقانون الدولي ربما يعي المجتمع الدولي حينها دورنا في استقراره وأمنه؟