يتصاعد الحديث مؤخراً حول كثير من القضايا ذات العلاقة بالفضاء، فمن اكتشافات الفضاء والاختبارات العلمية المتنوعة والبحث عن مواد وموارد وحياة أخرى وخلق آخر، إلى المستعمرات البشرية في المريخ، وصولاً إلى الحديث على نطاق أكبر إثارة بظهور السياحة الفضائية، ثم نحو مزيد من الإبهار يجري الحديث عن إمكانية بناء مصعد فضائي، الأمر لم يعد خيالاً، فقط تجاوز أفلام الخيال العلمي بالانتقال إلى العمل البحثي الجاد في إمكانية تحقيقه، ويرى العلماء والباحثون أنه ورغم صعوبة الأمر والتحديات الكثيرة المحيطة به، فضلاً عن ارتفاع التكلفة، إلاَّ أن ثمة حلولاً كثيرة أيضاً مطروحة لتحويل ذلك الخيال إلى حقيقة، مؤكدين أن بناء هذا المصعد الفضائي أمر ممكن، بل واشترطوا لتحقيق ذلك أن يتم بناؤه في القمر ويتدلى نحو الأرض من هناك وليس العكس، نظراً لاعتبارات الجاذبية وكثير من المعادلات العلمية الأخرى.

إن موضوع الفضاء بات جاداً أكثر مما كنا نتخيل، وتحوله إلى حقيقة نتعايش معها بطريقة أو بأخرى بات وشيكاً في تاريخ البشرية. وبينما كنا في أوقات سابقة نناقش التطور الهائل في المجال التكنولوجي وما أحدثه الذكاء الاصطناعي من تحولات في حياتنا على الأرض، تحولات باتت تفرض علينا البحث الجاد عن بعض الحلول لمشكلات لم يكن لها وجود من ذي قبل، وذلك من خلال تشريع قوانين وتنظيم أنماط حياة جديدة بقدر ما انطلقنا فيها بحماسة بقدر ما تعثرنا في بعض جوانبها، أصبح من الضرورة بمكان الوقوف الجاد أيضاً على قوانين الفضاء، وهو موضوع ظريف سبقت لمناقشة دواعيه صحيفة الشرق الأوسط قبل أيام في تقرير عنونته بـ«عصر السياحة الفضائية والتنقيب في الأجرام السماوية... هل يحتاج إلى قوانين جديدة؟: مهمات دولية لحكومات العالم وكبريات الشركات تهدد بخرق الاتفاقيات القديمة».

* اختلاج النبض:

إن الحاجة لدراسة قوانين ومعاهدات الفضاء الحالية تتصاعد، فضلاً عن ظهور الحاجة لمزيد من التشريعات التنظيمية لمجاراة التقدم الحاصل في مجال الفضاء وما يرافقه من أفكار جديدة تتدفق على تاريخ البشرية في زمن قياسي وعلى نحو مكثف. غير أن ذلك أيضاً بات يفرض التعاطي مع تدريس القانون في الجامعات على نحو مختلف، والعناية بالجوانب الجديدة التي باتت تفرض نفسها في الساحة الدولية، بل وتتخطاها انطلاقاً إلى الفضاء. اليوم لم يعد حديث كهذا ترفياً حتى في الدول العربية والخليجية في ظل ظهور المبادرات المختلفة وهيئات الفضاء، سواء تلك التي أسهمت في صناعات الفضاء واستكشافاته الفعلية أو تلك التي اضطلعت بدور المواكبة لتأسيس قاعدة انطلاق معرفي وبحثي في المجال لقادم الأيام، فالجميع بحاجة حقيقية لإعادة النظر في دروس القانون وفتح تخصصات فرعية عنه تواكب علوم المستقبل.