قد تكون خطوة غير مسبوقة بالنسبة إلى العمل الحكومي في البحرين، أن تمنح شريحة من المواطنين «ميزة» العمل من خارج المكاتب، بحيث لا يرتبطون بدوام رسمي مرهون ببصمة الدخول أو الخروج، وذلك بحسب طبيعة أعمالهم.
هذه الفكرة وما يرتبط بها من لائحة وضوابط صادرة عن ديوان الخدمة المدنية، تم تناقلها بشكل كبير في أوساط المجتمع البحريني خلال الأيام الماضية، وباتت حديث الناس حالياً، خاصة ممن يريد خوض هذه التجربة.
سأتطرق للموضوع في السطور التالية، لكن قبلها لا بد من تسجيل ملاحظة أرى من الواجب وضعها في الاعتبار، إذ هذا المشروع التجريبي، علمنا به كمجتمع وصحافة ومتتبعين بشكل أقرب ما يكون لـ«الفجائي»، ما أعنيه أنه لم تكن هناك مقدمات تشير إليه، رغم إدراكي بأنه خضع لمناقشات داخل الحكومة من قبل الجهات المعنية، خاصة وأنه بدأ بفكرة مشروع تم تقديمه، لكن عملية الإعلان بدت وكأنها فجائية، بالتالي صار الموضوع الشغل الشاغل للناس.
لست أنتقد هنا بقدر ما أنبه إلى ضرورة «تمهيد الأرضيات» لأية مشاريع أو أفكار تطرح، بحيث تبنى عليها أشبه ما يكون بالحملة الإعلامية المصغرة، تبدأ بالإعلان عن الفكرة، والإشارة لأصلها، وتوضيح عملية بلورة الفكرة، والنقاشات التي تمت. والهدف من هذا كله هو «وضع المواطن في الصورة»، بحيث يكون مواكباً لاستراتيجيات والتوجهات التي ستطبق، ويكون مستعداً لها، ويكون قد كوّن فكرة في كيفية الاستفادة منها، وتطويعها بما يناسبه ويتلاءم مع عمله.
نقطتي هنا ألخصها بالقول إن عملية التوعية باستخدام الإعلام، وشرح التفاصيل، ووضع الناس معنا في نفس المركب، أمر أساسي في تحقيق نجاح أي مشروع، لأنك تحتاج إلى تفاعل إيجابي، وتحتاج لإجابات على التساؤلات، وتحتاج الوصول لنقاط القبول وفي المقابل النظر في الملاحظات، ورغم هذا كله نتمنى النجاح لمثل هذه المشاريع والأفكار الجديدة على مجتمعنا، والتي تدخل في عملية التطوير والتحديث.
الآن، ما فهمناه أن المشروع سيكون له تطبيق تجريبي على شريحة محددة بأرقام لدى الجهات المسؤولة، وهذه الجهة قد حددت الوظائف التي يمكن أن يستفيد شاغلوها من ميزة «الدوام من المنزل»، ما يعني أن هذه الشريحة ستكون لها مهامها المحددة التي يجب أن تنجزها «بشكل يومي» لكن من خارج حدود المكان الجغرافي للعمل.
طبعاً هناك وظائف ومهام يمكن أن تؤدى خارج المكاتب، وربطها بعملية الحضور والانصراف والجلوس على المكاتب قد لا يحدث فارقاً كبيراً، بل قد يكون له تأثير سلبي في عملية الإنتاجية، خاصة لو كانت أجواء العمل تأخذ منحى يسهل عملية إهدار الوقت، أو تحويل وقت العمل إلى أشبه ما يكون بالجو الاجتماعي الذي يتأثر بالأحاديث و«السوالف» والتنقل بين المكاتب.
لكن هنا سؤال مهم طرحه، وأجزم بأن المديرين والمسؤولين ومن في حكمهم من وظائف إدارية وقيادية قد طرحوه، وهو معني بعملية «المتابعة اليومية»، إذ هل سيكون هناك «عبء إضافي» على المسؤولين بسبب وجود عدد من الموظفين خارج المكاتب، من ناحية التزام المدير أو المسؤول بشكل يومي بعملية الاتصال ومنح التكليفات والمتابعة؟! أي أن هناك جهداً إضافياً سيبذله المسؤول لا محالة وهو متعلق بعملية المتابعة، أو التخطيط للتكليفات اليومية.
هذه نقطة تحتاج لمناقشة، أما النقطة الأخرى فهي المتعلقة بمسألة «ضبط الأداء»، إذ هل يكفي خيار «إلغاء اتفاقية العمل من المنزل» لو قرر المسؤول بأن الموظف قلت إنتاجيته، أم أن هناك أسلوب تقييم جديد سيوضع من خلاله يمكن تقييم أداء الموظف بعدالة.
شخصياً أنا مع الفكرة تماماً، وكل ما أتمناه هو أن يكون التوجه «محبوكاً» من كافة جوانبه، حتى لا يتأثر العمل من خلال وتيرته وسرعته وإنجازه، وحتى لا توجد ثغرات تغري الموظف بالتسيب، وحتى لا يكون هناك ضغط أكثر وجديد على المناصب القيادية، حينها سنجد ردة فعل سلبية منهم، ما يعني عرقلة المشروع دون منحه فرصة وافية للتجربة ومعرفة جوانب الفائدة وأوجه القصور.
نتمنى للقائمين على المشروع التوفيق بما يخدم قطاعاتنا وجميع الموظفين فيها.
{{ article.visit_count }}
هذه الفكرة وما يرتبط بها من لائحة وضوابط صادرة عن ديوان الخدمة المدنية، تم تناقلها بشكل كبير في أوساط المجتمع البحريني خلال الأيام الماضية، وباتت حديث الناس حالياً، خاصة ممن يريد خوض هذه التجربة.
سأتطرق للموضوع في السطور التالية، لكن قبلها لا بد من تسجيل ملاحظة أرى من الواجب وضعها في الاعتبار، إذ هذا المشروع التجريبي، علمنا به كمجتمع وصحافة ومتتبعين بشكل أقرب ما يكون لـ«الفجائي»، ما أعنيه أنه لم تكن هناك مقدمات تشير إليه، رغم إدراكي بأنه خضع لمناقشات داخل الحكومة من قبل الجهات المعنية، خاصة وأنه بدأ بفكرة مشروع تم تقديمه، لكن عملية الإعلان بدت وكأنها فجائية، بالتالي صار الموضوع الشغل الشاغل للناس.
لست أنتقد هنا بقدر ما أنبه إلى ضرورة «تمهيد الأرضيات» لأية مشاريع أو أفكار تطرح، بحيث تبنى عليها أشبه ما يكون بالحملة الإعلامية المصغرة، تبدأ بالإعلان عن الفكرة، والإشارة لأصلها، وتوضيح عملية بلورة الفكرة، والنقاشات التي تمت. والهدف من هذا كله هو «وضع المواطن في الصورة»، بحيث يكون مواكباً لاستراتيجيات والتوجهات التي ستطبق، ويكون مستعداً لها، ويكون قد كوّن فكرة في كيفية الاستفادة منها، وتطويعها بما يناسبه ويتلاءم مع عمله.
نقطتي هنا ألخصها بالقول إن عملية التوعية باستخدام الإعلام، وشرح التفاصيل، ووضع الناس معنا في نفس المركب، أمر أساسي في تحقيق نجاح أي مشروع، لأنك تحتاج إلى تفاعل إيجابي، وتحتاج لإجابات على التساؤلات، وتحتاج الوصول لنقاط القبول وفي المقابل النظر في الملاحظات، ورغم هذا كله نتمنى النجاح لمثل هذه المشاريع والأفكار الجديدة على مجتمعنا، والتي تدخل في عملية التطوير والتحديث.
الآن، ما فهمناه أن المشروع سيكون له تطبيق تجريبي على شريحة محددة بأرقام لدى الجهات المسؤولة، وهذه الجهة قد حددت الوظائف التي يمكن أن يستفيد شاغلوها من ميزة «الدوام من المنزل»، ما يعني أن هذه الشريحة ستكون لها مهامها المحددة التي يجب أن تنجزها «بشكل يومي» لكن من خارج حدود المكان الجغرافي للعمل.
طبعاً هناك وظائف ومهام يمكن أن تؤدى خارج المكاتب، وربطها بعملية الحضور والانصراف والجلوس على المكاتب قد لا يحدث فارقاً كبيراً، بل قد يكون له تأثير سلبي في عملية الإنتاجية، خاصة لو كانت أجواء العمل تأخذ منحى يسهل عملية إهدار الوقت، أو تحويل وقت العمل إلى أشبه ما يكون بالجو الاجتماعي الذي يتأثر بالأحاديث و«السوالف» والتنقل بين المكاتب.
لكن هنا سؤال مهم طرحه، وأجزم بأن المديرين والمسؤولين ومن في حكمهم من وظائف إدارية وقيادية قد طرحوه، وهو معني بعملية «المتابعة اليومية»، إذ هل سيكون هناك «عبء إضافي» على المسؤولين بسبب وجود عدد من الموظفين خارج المكاتب، من ناحية التزام المدير أو المسؤول بشكل يومي بعملية الاتصال ومنح التكليفات والمتابعة؟! أي أن هناك جهداً إضافياً سيبذله المسؤول لا محالة وهو متعلق بعملية المتابعة، أو التخطيط للتكليفات اليومية.
هذه نقطة تحتاج لمناقشة، أما النقطة الأخرى فهي المتعلقة بمسألة «ضبط الأداء»، إذ هل يكفي خيار «إلغاء اتفاقية العمل من المنزل» لو قرر المسؤول بأن الموظف قلت إنتاجيته، أم أن هناك أسلوب تقييم جديد سيوضع من خلاله يمكن تقييم أداء الموظف بعدالة.
شخصياً أنا مع الفكرة تماماً، وكل ما أتمناه هو أن يكون التوجه «محبوكاً» من كافة جوانبه، حتى لا يتأثر العمل من خلال وتيرته وسرعته وإنجازه، وحتى لا توجد ثغرات تغري الموظف بالتسيب، وحتى لا يكون هناك ضغط أكثر وجديد على المناصب القيادية، حينها سنجد ردة فعل سلبية منهم، ما يعني عرقلة المشروع دون منحه فرصة وافية للتجربة ومعرفة جوانب الفائدة وأوجه القصور.
نتمنى للقائمين على المشروع التوفيق بما يخدم قطاعاتنا وجميع الموظفين فيها.