أتذكر قبل أكثر من عشر سنوات، وبعيد تدشين جائزة البحرين الكبرى للفورمولا واحد، مع بدء اشتغال حلبة البحرين، أطلق مجلس التنمية الاقتصادية شعاراً جميلاً تحت عنوان «بحرين بزنس فريندلي»، أي الاقتصاد البحريني الصديق.
يومها كان التركيز على تقوية ودعم الاقتصاد البحريني، وتحريك عجلة التنمية من خلال استقطاب الاستثمارات العالمية، وجعل البحرين واجهة محببة، وبيئة صديق لرؤوس الأموال الخارجية.
البحرين كوجهة باتت معروفة في أغلب دول العالم وشعوبها، وقبل شهر كنت في الأرجنتين، وحينما كانوا يسألونني من أين جئت، وأخبرهم بأنني من البحرين، يتفاجؤون لأنك تتحدث عن آلاف الأميال الفاصلة بين الشرق الأوسط وتحديداً منطقة الخليج العربي، وبين أمريكا اللاتينية، لكن كثيراً منهم يعرفون البحرين، وحين أسألهم «كيف»، يردون بأنها الفورمولا واحد.
إذن النجاح في تعريف العالم بالبحرين تحقق عبر عدة أمور، ومن ضمنها الفورمولا واحد، ناهيكم عن الجوائز البحرينية العالمية التي ترتبط مع الأمم المتحدة مثل جائزة الملك حمد، وجائزة الأمير خليفة للموئل وأيضاً جائزة الأميرة سبيكة لتمكين المرأة، وغيرها من أمور تضع البحرين على الخارطة العالمية.
لكنني أعود لشعارنا المعني بـ«الاقتصاد الصديق»، إذ برغم وجود استثمارات كبيرة دخلت البحرين، وشركات عالمية مثل «أمازون»، وارتباط البحرين بملكية شركة «الماكلارين»، وغيرها من مشاريع لها أسماء عالمية رنانة، إلا أن التحديات بشأن الاستثمار بدأت تصبح أصعب، لن أقول على أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة، أو الاستثمارات ذات الأسماء المعروفة، بل على فئة أصحاب التجارة المتوسطة والصغيرة، وقد تستغربون حينما أقول إن بعض الشركات المعروفة أيضاً تأثرت.
الواقع يقول إنك اليوم لو تجولت في بعض «مجمعاتنا الضخمة» ستجد أن بعض المحلات تغلق أبوابها، وأن هناك لا بد من وجود محلات خالية تركها من كان فيها، وقبل فترة فوجئت بتصفية مخزون أحد محلات الماركات المعروفة، وحين سألت أين سينتقلون، أجابوني بأنهم سيكتفون بمحلهم الإقليمي الرئيسي في إحدى المدن الخليجية القريبة.
رغم التحسن الواضح في اقتصادنا، والأرقام المبشرة، إلا أن السوق أصبح «مفترساً» لدينا، وكثير ممن توجهوا للقطاع الخاص وفتحوا مشاريع، وأيضاً حظوا بدعم «تمكين»، وممن اختاروا التقاعد الاختياري ليدخلوا مجال التجارة الخاصة، كثير منهم اضطر لإغلاق مشروعه، وبعضهم صغر حجم تجارته، ومنهم من عزا ذلك لعدة أسباب تؤثر في الاستمرارية، من بينها ارتفاع تسعيرة الكهرباء بالنسبة للشركات، والإيجارات وغيرها.
أتحدث كمواطن بحريني هنا، وليس كخبير اقتصادي، إذ يزعجني أن أسير في مجمع ما وأرى محلات خالية، أو محلات تعرض سلعها للتصفية، أو أن يتنامى لعلمي بإغلاق بحرينيين لمشاريع واعدة، بعضها كان له انطلاقة قوية، لكن لم يكتب له الاستمرارية.
نعم التجارة والاستثمار يتحول أحياناً لمغامرة خطيرة في ظل وجود ظروف متقلبة، لكن إزاء ما يحصل أجزم بأن هناك جهة مسؤولة تراقب، وعلى عاتقها يقع بحث أسباب الظاهرة والعمل على حلها، لأن هذا الأمر إن استمر فإن اقتصادنا لن يكون صديقاً، لا للبحرين ولا للبحرينيين ولا للمستثمرين.
ما يهمنا اليوم البناء على النجاحات وتعزيز الأرقام، وأن تكون المؤشرات في تصاعد دائماً، هذا هو التحدي الذي يجب علينا جميعاً العمل للتفوق عليه.
{{ article.visit_count }}
يومها كان التركيز على تقوية ودعم الاقتصاد البحريني، وتحريك عجلة التنمية من خلال استقطاب الاستثمارات العالمية، وجعل البحرين واجهة محببة، وبيئة صديق لرؤوس الأموال الخارجية.
البحرين كوجهة باتت معروفة في أغلب دول العالم وشعوبها، وقبل شهر كنت في الأرجنتين، وحينما كانوا يسألونني من أين جئت، وأخبرهم بأنني من البحرين، يتفاجؤون لأنك تتحدث عن آلاف الأميال الفاصلة بين الشرق الأوسط وتحديداً منطقة الخليج العربي، وبين أمريكا اللاتينية، لكن كثيراً منهم يعرفون البحرين، وحين أسألهم «كيف»، يردون بأنها الفورمولا واحد.
إذن النجاح في تعريف العالم بالبحرين تحقق عبر عدة أمور، ومن ضمنها الفورمولا واحد، ناهيكم عن الجوائز البحرينية العالمية التي ترتبط مع الأمم المتحدة مثل جائزة الملك حمد، وجائزة الأمير خليفة للموئل وأيضاً جائزة الأميرة سبيكة لتمكين المرأة، وغيرها من أمور تضع البحرين على الخارطة العالمية.
لكنني أعود لشعارنا المعني بـ«الاقتصاد الصديق»، إذ برغم وجود استثمارات كبيرة دخلت البحرين، وشركات عالمية مثل «أمازون»، وارتباط البحرين بملكية شركة «الماكلارين»، وغيرها من مشاريع لها أسماء عالمية رنانة، إلا أن التحديات بشأن الاستثمار بدأت تصبح أصعب، لن أقول على أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة، أو الاستثمارات ذات الأسماء المعروفة، بل على فئة أصحاب التجارة المتوسطة والصغيرة، وقد تستغربون حينما أقول إن بعض الشركات المعروفة أيضاً تأثرت.
الواقع يقول إنك اليوم لو تجولت في بعض «مجمعاتنا الضخمة» ستجد أن بعض المحلات تغلق أبوابها، وأن هناك لا بد من وجود محلات خالية تركها من كان فيها، وقبل فترة فوجئت بتصفية مخزون أحد محلات الماركات المعروفة، وحين سألت أين سينتقلون، أجابوني بأنهم سيكتفون بمحلهم الإقليمي الرئيسي في إحدى المدن الخليجية القريبة.
رغم التحسن الواضح في اقتصادنا، والأرقام المبشرة، إلا أن السوق أصبح «مفترساً» لدينا، وكثير ممن توجهوا للقطاع الخاص وفتحوا مشاريع، وأيضاً حظوا بدعم «تمكين»، وممن اختاروا التقاعد الاختياري ليدخلوا مجال التجارة الخاصة، كثير منهم اضطر لإغلاق مشروعه، وبعضهم صغر حجم تجارته، ومنهم من عزا ذلك لعدة أسباب تؤثر في الاستمرارية، من بينها ارتفاع تسعيرة الكهرباء بالنسبة للشركات، والإيجارات وغيرها.
أتحدث كمواطن بحريني هنا، وليس كخبير اقتصادي، إذ يزعجني أن أسير في مجمع ما وأرى محلات خالية، أو محلات تعرض سلعها للتصفية، أو أن يتنامى لعلمي بإغلاق بحرينيين لمشاريع واعدة، بعضها كان له انطلاقة قوية، لكن لم يكتب له الاستمرارية.
نعم التجارة والاستثمار يتحول أحياناً لمغامرة خطيرة في ظل وجود ظروف متقلبة، لكن إزاء ما يحصل أجزم بأن هناك جهة مسؤولة تراقب، وعلى عاتقها يقع بحث أسباب الظاهرة والعمل على حلها، لأن هذا الأمر إن استمر فإن اقتصادنا لن يكون صديقاً، لا للبحرين ولا للبحرينيين ولا للمستثمرين.
ما يهمنا اليوم البناء على النجاحات وتعزيز الأرقام، وأن تكون المؤشرات في تصاعد دائماً، هذا هو التحدي الذي يجب علينا جميعاً العمل للتفوق عليه.