على أرض مملكة البحرين الطيبة، يقيم مركز البحوث والدراسات والاستشارات الاجتماعية بلندن، وبمشاركة صندوق الزكاة بالمملكة ورعاية كريمة من معالي الشيخ خالد بن علي آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، اليوم، ولمدة 3 أيام، مؤتمراً دولياً حاشداً عن الدور الحضاري للزكاة، وذلك تحت شعار، الزكاة والتنمية المستدامة، وذلك في الفترة من 15-17 من الشهر الجاري، هذا وقد أكرمني الله بالمشاركة في هذه التظاهرة العلمية بدراسة أدعو الله أن تكون خالصة لوجهه الكريم وقد جاءت بعنوان: الخطاب الإعلامي ودوره في الدعوة إلى الزكاة، دراسة في الوسائل والأساليب، أقدم من خلالها، تصوراً محدداً لطبيعة هذا الخطاب، وما يجب أن يقوم به، حيال تلك الفريضة الذهبية في الإسلام، موضحاً ومحدداً الوسائل والآليات والأساليب الاتصالية والإعلامية المختلفة، التي يمكن أن توظف وأن تستخدم في هذا الصدد.
ومن المعروف أن وسائل الإعلام والاتصال تطورت في عصرنا تطوراً كبيراً، وأصبح الإعلام بمختلف وسائله وأساليبه، يهيمن على تحريك الحياة وتسيير الأحياء جميعاً. ومع ظهور الطفرات الأخيرة في وسائل الاتصال والإعلام، والمتمثلة في حقبة الإنترنت، وما ترتب عليها من بروز وسائل الإعلام الإلكترونية، ووسائل الاتصال الاجتماعي، وازدادت هيمنة الإعلام على مقدرات الإنسان، وصار الإعلام هو اللاعب الرئيس، في مسرح الحياة، بكل مستوياتها وجنباتها، الأمر الذي ترتب عليه أيضاً وبالتبعية، ارتفاع نبرة الخطاب الإعلامي، وبروز دوره في التأثير والتغيير على السواء.
وإذا كان الخطاب الإعلامي أصبح يؤدي أدواراً متعددة، تتناسب مع تعدد الوسائل والأساليب الاتصالية، فإنه يصير من الضروري، أن يوجه هذا الخطاب نحو الدعوة إلى الخير، بدلاً من الشر، وإلى الفضيلة، بدلاً من الرذيلة، وإلى الحق، بدلاً من الباطل، وإلى البناء، بدلاً من الهدم، ولا شك في أن توظيف الخطاب الإعلامي في الدعوة إلى الحق والخير والجمال، يحتاج إلى أن يكون ذلك التوظيف، عبر وسائل وآليات وأساليب إعلامية واتصالية واضحة المعالم ومحددة الأسس، وإن من أهم الجوانب التي يمكن أن يتفاعل معها الخطاب الإعلامي المعاصر ويناصرها ويدعو إليها هو الجانب الإسلامي والتشريعي بشكل عام والجانب الاقتصادي والإنمائي المتمثل في الزكاة بشكل خاص، تلك الفريضة الكبرى من فرائض هذا الدين الإسلامي الخالد، فالزكاة إذاً، فريضة إلهية وعبادة مالية وشعيرة تكافلية مجتمعية، فهي أوسط أركان الإسلام الخمسة، والتي لا يصح الإسلام إلا باعتقاد وجوبها، وقد تكرر ذكرها في القرآن الكريم زهاء اثنتين وثلاثين مرة كقوله تعالى: «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها»، «التوبة: الآية 103»، ومعظم الأوامر الإلهية بإيتاء الزكاة في القرآن الكريم، إنما جاءت مقترنة بإقامة الصلاة، فالزكاة في اللغة تعني: النماء والزيادة والتطهر والصلاح، وسميت بذلك لأن المال يزكو بها ويزداد نماؤه، كما أن من يحافظ على الزكاة تزكو أخلاقه وتنمو ثروته وتطهر نفسه عن البخل والجشع.
ولا شك أيضاً في أن الزكاة، قد فرضها الدين الإسلامي على أتباعه، لتكون تزكية وتطهيراً للأفراد، وإطعاماً وإغناءً للجماعات، وتنميةً وتطويراً للمجتمعات، فهي نظام اجتماعي، تعمل على تأمين المجتمع ضد العجز الحقيقي والحكمي، وضد الكوارث والجوائح وتحقق بينهم التضامن الإنساني.
وهنا يأتي دور الإعلام، بخطابه ووسائله وأساليبه، ليقوم بدوره الواجب أن يقوم به، حتى تصبح هذه الغايات المرجوة، والتي تؤديها الزكاة للأفراد والجماعات والمجتمعات واقعاً ملموساً، ويكون ذلك عبر الدعوة والتعليم والتثقيف والتحفيز للجماهير المسلمة، أن تؤدي زكاتها المفروضة، عن حب ورضا واقتناع وإيمان والتزام، وفي هذا العصر الذي علت فيه مكانة وسائل الإعلام، وأصبحت ضرورة حياتية، لا تستطيع المجمعات المعاصرة أن تعيش بدونها، إذ إن الاتصال ضرورة إنسانية، فيصبح من الأهمية بمكان وزمان، أن يفعَّل الإعلام المعاصر، لخدمة القضايا المصيرية، لأمتنا المسلمة، وحثاً وتذكيراً للجماهير بواجباتهم الدينية والوطنية، ويكون من العبث أن نقلل من أهمية هذا الدور، لأن الإعلام أثره وتأثيره لا يخفى على أحد، وما نطالبه بأن يدعو إليه أمر جلل، ولقد أصبحت المجتمعات أفراداً وجماعات، أحوج ما تكون إلى من يذكرها بتلك الفريضة الكبرى، والتي يمكن أن توصف بالفريضة الغائبة أو المغيبة، وما ذلك إلا لأن أضواء الإعلام، لا تسلط عليها بالقدر الكافي. والحق الذي لا ريب فيه ولا خلاف عليه، والذي يجب على الإعلام أن يبرزه للجماهير المسلمة، هو أن الزكاة فريضة إسلامية مقدسة، لها في دين الإسلام منزلتها، ولها في قلوب المسلمين عمقها، ولها في حياتهم وتاريخهم أثرها وخطرها، ويجب أن تبقى باسمها وعنوانها ومقاديرها ومصارفها، إلى جوار الضرائب الأخرى التي تفرض لتغطية النفقات العامة وللصرف على أبواب الميزانية الواسعة المتنوعة ويتحتم على الإعلام، أن يؤكد على أن كل حكومة، تتبنى نظام الإسلام في هذا العصر، يجب أن تعنى بأمر الزكاة وأن تنشئ إدارة أو مصلحة أو مؤسسة «سمها ما شئت» لتقوم بجباية الزكاة، حيث أمر الله، وتصرفها حيث شرع الله تعالى، وأن تكون حصيلتها قائمة بذاتها، فلا تخلط بالحصائل الأخرى وتذوب في الميزانية العامة.
وأخيراً، وليس آخراً، أتمنى من كل قلبي أن يحقق الله لهذا المؤتمر المبارك كل التوفيق والنجاح، خاصة وأنه يشارك فيه العديد من الباحثين والباحثات من كثير من الأقطار العربية والإسلامية وبأبحاث ودراسات علمية جادة ومحكمة، دارت حول الكثير من المحاور المهمة، وتناولت العديد من القضايا والمشكلات المتعلقة بفريضة الزكاة، جمعاً وصرفاً وتنمية واستثماراً، والله أسأل أن تتمخض عن المؤتمر توصيات عملية، وأن يعين أصحاب القرار في بلاد المسلمين على الأخذ بها وتفعيلها في حياتهم، حتى يعم الأمن والرخاء والاستقرار في ربوعنا.
* أستاذ الإعلام المشارك في جامعة البحرين
{{ article.visit_count }}
ومن المعروف أن وسائل الإعلام والاتصال تطورت في عصرنا تطوراً كبيراً، وأصبح الإعلام بمختلف وسائله وأساليبه، يهيمن على تحريك الحياة وتسيير الأحياء جميعاً. ومع ظهور الطفرات الأخيرة في وسائل الاتصال والإعلام، والمتمثلة في حقبة الإنترنت، وما ترتب عليها من بروز وسائل الإعلام الإلكترونية، ووسائل الاتصال الاجتماعي، وازدادت هيمنة الإعلام على مقدرات الإنسان، وصار الإعلام هو اللاعب الرئيس، في مسرح الحياة، بكل مستوياتها وجنباتها، الأمر الذي ترتب عليه أيضاً وبالتبعية، ارتفاع نبرة الخطاب الإعلامي، وبروز دوره في التأثير والتغيير على السواء.
وإذا كان الخطاب الإعلامي أصبح يؤدي أدواراً متعددة، تتناسب مع تعدد الوسائل والأساليب الاتصالية، فإنه يصير من الضروري، أن يوجه هذا الخطاب نحو الدعوة إلى الخير، بدلاً من الشر، وإلى الفضيلة، بدلاً من الرذيلة، وإلى الحق، بدلاً من الباطل، وإلى البناء، بدلاً من الهدم، ولا شك في أن توظيف الخطاب الإعلامي في الدعوة إلى الحق والخير والجمال، يحتاج إلى أن يكون ذلك التوظيف، عبر وسائل وآليات وأساليب إعلامية واتصالية واضحة المعالم ومحددة الأسس، وإن من أهم الجوانب التي يمكن أن يتفاعل معها الخطاب الإعلامي المعاصر ويناصرها ويدعو إليها هو الجانب الإسلامي والتشريعي بشكل عام والجانب الاقتصادي والإنمائي المتمثل في الزكاة بشكل خاص، تلك الفريضة الكبرى من فرائض هذا الدين الإسلامي الخالد، فالزكاة إذاً، فريضة إلهية وعبادة مالية وشعيرة تكافلية مجتمعية، فهي أوسط أركان الإسلام الخمسة، والتي لا يصح الإسلام إلا باعتقاد وجوبها، وقد تكرر ذكرها في القرآن الكريم زهاء اثنتين وثلاثين مرة كقوله تعالى: «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها»، «التوبة: الآية 103»، ومعظم الأوامر الإلهية بإيتاء الزكاة في القرآن الكريم، إنما جاءت مقترنة بإقامة الصلاة، فالزكاة في اللغة تعني: النماء والزيادة والتطهر والصلاح، وسميت بذلك لأن المال يزكو بها ويزداد نماؤه، كما أن من يحافظ على الزكاة تزكو أخلاقه وتنمو ثروته وتطهر نفسه عن البخل والجشع.
ولا شك أيضاً في أن الزكاة، قد فرضها الدين الإسلامي على أتباعه، لتكون تزكية وتطهيراً للأفراد، وإطعاماً وإغناءً للجماعات، وتنميةً وتطويراً للمجتمعات، فهي نظام اجتماعي، تعمل على تأمين المجتمع ضد العجز الحقيقي والحكمي، وضد الكوارث والجوائح وتحقق بينهم التضامن الإنساني.
وهنا يأتي دور الإعلام، بخطابه ووسائله وأساليبه، ليقوم بدوره الواجب أن يقوم به، حتى تصبح هذه الغايات المرجوة، والتي تؤديها الزكاة للأفراد والجماعات والمجتمعات واقعاً ملموساً، ويكون ذلك عبر الدعوة والتعليم والتثقيف والتحفيز للجماهير المسلمة، أن تؤدي زكاتها المفروضة، عن حب ورضا واقتناع وإيمان والتزام، وفي هذا العصر الذي علت فيه مكانة وسائل الإعلام، وأصبحت ضرورة حياتية، لا تستطيع المجمعات المعاصرة أن تعيش بدونها، إذ إن الاتصال ضرورة إنسانية، فيصبح من الأهمية بمكان وزمان، أن يفعَّل الإعلام المعاصر، لخدمة القضايا المصيرية، لأمتنا المسلمة، وحثاً وتذكيراً للجماهير بواجباتهم الدينية والوطنية، ويكون من العبث أن نقلل من أهمية هذا الدور، لأن الإعلام أثره وتأثيره لا يخفى على أحد، وما نطالبه بأن يدعو إليه أمر جلل، ولقد أصبحت المجتمعات أفراداً وجماعات، أحوج ما تكون إلى من يذكرها بتلك الفريضة الكبرى، والتي يمكن أن توصف بالفريضة الغائبة أو المغيبة، وما ذلك إلا لأن أضواء الإعلام، لا تسلط عليها بالقدر الكافي. والحق الذي لا ريب فيه ولا خلاف عليه، والذي يجب على الإعلام أن يبرزه للجماهير المسلمة، هو أن الزكاة فريضة إسلامية مقدسة، لها في دين الإسلام منزلتها، ولها في قلوب المسلمين عمقها، ولها في حياتهم وتاريخهم أثرها وخطرها، ويجب أن تبقى باسمها وعنوانها ومقاديرها ومصارفها، إلى جوار الضرائب الأخرى التي تفرض لتغطية النفقات العامة وللصرف على أبواب الميزانية الواسعة المتنوعة ويتحتم على الإعلام، أن يؤكد على أن كل حكومة، تتبنى نظام الإسلام في هذا العصر، يجب أن تعنى بأمر الزكاة وأن تنشئ إدارة أو مصلحة أو مؤسسة «سمها ما شئت» لتقوم بجباية الزكاة، حيث أمر الله، وتصرفها حيث شرع الله تعالى، وأن تكون حصيلتها قائمة بذاتها، فلا تخلط بالحصائل الأخرى وتذوب في الميزانية العامة.
وأخيراً، وليس آخراً، أتمنى من كل قلبي أن يحقق الله لهذا المؤتمر المبارك كل التوفيق والنجاح، خاصة وأنه يشارك فيه العديد من الباحثين والباحثات من كثير من الأقطار العربية والإسلامية وبأبحاث ودراسات علمية جادة ومحكمة، دارت حول الكثير من المحاور المهمة، وتناولت العديد من القضايا والمشكلات المتعلقة بفريضة الزكاة، جمعاً وصرفاً وتنمية واستثماراً، والله أسأل أن تتمخض عن المؤتمر توصيات عملية، وأن يعين أصحاب القرار في بلاد المسلمين على الأخذ بها وتفعيلها في حياتهم، حتى يعم الأمن والرخاء والاستقرار في ربوعنا.
* أستاذ الإعلام المشارك في جامعة البحرين