أبحث عن (المفكر) العربي الكبير، عن (الباحث) الأكاديمي المجتهد، عن كاتب الرأي والمحلل السياسي الخطير أين هم مما يحدث في العراق ولبنان؟

أبحث عن الذين صدعوا رؤوسنا بحقوق الشعوب المقهورة ومعاناتها وعن الديمقراطية والتنوير ومحاربة التخلف والفساد والجهل ولوم الحكومات العربية وتقريعها إبان ما سمي (بالربيع العربي) أين هم من قتلى العراق ومن حصار اللبنانيين؟

أبحث عن المعنيين بالتأريخ والتحليل والغوص في أعماق الأزمات والمحذرين دوماً من خطورة الجماعات الدينية المسيسة السنية منها تحديداً من داعش والإخوان المسلمين المتغاضين عن أي جماعة مسلحة شيعية، والذين يدافعون عن مدنية المجتمعات العربية، أين هم من تسلط مليشيات الجماعات الدينية على حقوق الشعوب المقهورة كما يفعل الحشد ويفعل حزب الله الآن في العراقيين واللبنانيين؟

أبحث عن القومي العربي الذي صدع رؤسنا عن وحدتنا من المحيط إلى الخليج، أين كل هؤلاء مما يحدث في العراق ولبنان والشعبان يناديان بعروبة بلديهما وبرفضهما للنفوذ الإيراني؟

أين اختفى صوتكم؟ أين هي تحليلاتكم الفذة؟ أين تفكيركم العبقري؟ هل بلعت القطة لسانكم؟ أم إن العراقيين واللبنانيين الآن ليسا شعبين يستحقان المناصرة؟ أم إن للعروبة ألواناً؟

أين حماس؟ أين حزب الله؟ أين القوميون العرب الذين تضافروا من أجل الدفاع عن حقوق الشعوب؟ المفكرون والباحثون والكتاب الذين يتحركون بجولات مكوكية بين قطر والبحرين وقطر وغزة وقطر الكويت أين أنتم؟

هل فاجأكم الشعب العراقي؟ هل أدهشكم الشعب اللبناني؟ هل يسيران في الاتجاه المعاكس لرؤيتكم الخارقة وتحليلكم الفذ العبقري؟

الشعوب بثورتها ضد الاحتلال الفارسي فضحتكم وهي تنادي بمبادئكم التي تغنيتم بها، وحين جاء وقت الإنفاذ وإذ أنتم لا أرى لا أسمع لا أتكلم.

لله درّ العراقيين واللبنانيين بينوا الفارق الشاسع بين أقوالكم وأفعالكم، بل إن ثورة اللبناني والعراقي الشيعي الآن ضد الوجود الإيراني في العراق ولبنان فضحت حتى (ثوار) البحرين الشيعة الذين وقفوا يتفرجون ويتغاضون عن دماء رفاقهم ولا يصدقون ما يحدث في العراق.

حتى الذين ناصروهم وفتحوا لهم المجال لعقد المؤتمرات ومنحوهم المنصات في العراق كي يعبروا عن آرائهم ويهاجموا أوطانهم ودولهم من على الأراضي اللبنانية والعراقية، حتى هؤلاء اكتشفوا مدى تعصبكم لإيران، لدرجة فضلتموها على العراقيين واللبنانيين الذين ساندوكم.

كم من عراقي أعلن الآن أنه كان مخطئاً في حق البحرين حين صدقكم لأنهم الآن يبحثون عن أصواتكم لرد الجميل لهم فلا يجدونها.

كل هؤلاء القوميين والتنويريين والوحدويين والديمقراطيين وووو من مفكرين وباحثين وكتاب جميعهم لا علاقة لهم بشعار الحق والعدل والإنصاف الذي يرفعونه جميعهم. لا يسعون لهذه المبادئ وتحقيقها، جميعهم بازدواجيتهم الفجة كشفوا عن تناقض صارخ بين ما يدعون وما يؤمنون به حقا، بينوا أن خزائن ملابسهم تعج بأقمصة لعثمان جاهزة ومعلبة وتستخدم لكل مناسبة حسب الطلب... يا لعاركم.