لم تدخر أفلام الخيال العلمي وكرتون الأطفال جهداً في تقديم الأفكار المتعلقة بالسيبورغ/الأبطال الخارقين، وهم شخصيات في غالب الأحيان يأخذون شكل نصف إنسان ونصف آلة، وأستحضر في هذا السياق النموذج الأبرز لأفلام «X-men»، حيث استشرفت تلك الأفلام كثيراً من الطموحات العلمية لاسيما تلك التي تبناها لاحقاً إيلون ماسك في الدعوة لزرع الرقاقات العصبية الذكية في أدمغة البشر لتطوير قدراتهم، وقد فتح لنا موضوع إدغام البشر بالآلة موضوعاً جديراً بالبحث والتفنيد يمكن أن يطلق عليه «علم ما بعد الإنسانية»، رغم مشكلاتنا الكبيرة في التعاطي مع مفهوم الإنسانية حتى اليوم رغم عمر البشرية الطويل.
وفي مقالة ثرية جداً للدكتور حسن مصدق -وهو أستاذ في جامعة فانسين باريس- عنوانها «السيبورغ يعد بآمال صحية مغرية ويطرح تحديات أخلاقية وأمنية»، تناول فكرة «إدماج عناصر آلية في الجسم الإنساني» من ملابس ذكية، وقشرات اصطناعية، وزراعة رقاقات وظيفية بدءاً من الرقاقات العابرة للجلد، و»نظم التحديد دون تماس»، وانتهاء بخلايا بشرية مستنبتة، وتعديلات جينية «للتعزيز من قدراته وتمهيداً لدفع حدود الجسد المادي خارج غلافه التشريحي الذي لا يعدو أن يكون قشرة لحمية خارجية، بمعنى أن الغلاف الخارجي الذي كان بوابة الاتصال مع العالم الخارجي، ستجعل السبرانية منه مجرد طرفية إدخال وإخراج للتدفق المعلوماتي والآلي من وعبر الإنسان».
ومن النقاط الهامة التي وقف عليها مصدق، الاختلاف بين السيبورغ والروبوت، مشيراً إلى ذلك بقوله أن «الأخير اصطناعي من الألف إلى الياء، ومجرد ببغاء يكرر أبجدياته البرمجية، بينما السيبورغ هو ذلك الكائن الهجين الذي يجمع بين مكْننة الإنسان وأنْسنة المكننة». وهو أمر كنت قد وقفت عليه في مسألة الخلق الجديد والابتكار في الهندسة البشرية ولكن على نحو مختلف، فالأغلب هنا أن يتم الاعتماد على الشكل البشري العام كقالب أساسي لا يتم التحوير فيه إلاَّ وفق ضرورات محددة تضفي عليه مزيداً من الإمكانيات، بينما يتم حشوه من الداخل بالكثير من البرمجيات الإلكترونية التي تسهم في إدارة الجسد بفكر وأداء محدد سلفاً، خلافاً للتحسينات الجينية التي تركز على أبعاد شكلية في الغالب، وقد تتخذ على سبيل الابتكار -مع مرور الوقت- استعارة جين ما لاكتساب صفات كائنات حية أخرى غير بشرية.
أما النقطة الأكثر إثارة في مقاله، قوله «ستفتح مستقبلاً متاجر لترميم الخلايا أو استبدال الأعضاء أو شراء قطع غيار حيوية يولد منها كائن مهجن بقدرات بدنية وذهنية فائقة»، بحيث يتم «تحميل الفكر والوعي على محمل إلكتروني، «mind uploading»، لاحقاً»، وهو أمر سيخلق الحاجة لنوع جديد من الاقتصادات والدكاكين، لنعالج أجسادنا لاحقاً من خلال تلك المحلات كما نفعل لهواتفنا النقالة، بدلاً من ارتياد العيادات والصيدليات.
* اختلاج النبض:
التطور الذي يحمل في طياته تغييراً للخلق، تعترضه كثير من التحديات ويشوبه الغموض، لكن ذلك كله سينجلي ما أن يتم تنفيذ النموذج الأول من «السيبورغ» على أرض الواقع.
{{ article.visit_count }}
وفي مقالة ثرية جداً للدكتور حسن مصدق -وهو أستاذ في جامعة فانسين باريس- عنوانها «السيبورغ يعد بآمال صحية مغرية ويطرح تحديات أخلاقية وأمنية»، تناول فكرة «إدماج عناصر آلية في الجسم الإنساني» من ملابس ذكية، وقشرات اصطناعية، وزراعة رقاقات وظيفية بدءاً من الرقاقات العابرة للجلد، و»نظم التحديد دون تماس»، وانتهاء بخلايا بشرية مستنبتة، وتعديلات جينية «للتعزيز من قدراته وتمهيداً لدفع حدود الجسد المادي خارج غلافه التشريحي الذي لا يعدو أن يكون قشرة لحمية خارجية، بمعنى أن الغلاف الخارجي الذي كان بوابة الاتصال مع العالم الخارجي، ستجعل السبرانية منه مجرد طرفية إدخال وإخراج للتدفق المعلوماتي والآلي من وعبر الإنسان».
ومن النقاط الهامة التي وقف عليها مصدق، الاختلاف بين السيبورغ والروبوت، مشيراً إلى ذلك بقوله أن «الأخير اصطناعي من الألف إلى الياء، ومجرد ببغاء يكرر أبجدياته البرمجية، بينما السيبورغ هو ذلك الكائن الهجين الذي يجمع بين مكْننة الإنسان وأنْسنة المكننة». وهو أمر كنت قد وقفت عليه في مسألة الخلق الجديد والابتكار في الهندسة البشرية ولكن على نحو مختلف، فالأغلب هنا أن يتم الاعتماد على الشكل البشري العام كقالب أساسي لا يتم التحوير فيه إلاَّ وفق ضرورات محددة تضفي عليه مزيداً من الإمكانيات، بينما يتم حشوه من الداخل بالكثير من البرمجيات الإلكترونية التي تسهم في إدارة الجسد بفكر وأداء محدد سلفاً، خلافاً للتحسينات الجينية التي تركز على أبعاد شكلية في الغالب، وقد تتخذ على سبيل الابتكار -مع مرور الوقت- استعارة جين ما لاكتساب صفات كائنات حية أخرى غير بشرية.
أما النقطة الأكثر إثارة في مقاله، قوله «ستفتح مستقبلاً متاجر لترميم الخلايا أو استبدال الأعضاء أو شراء قطع غيار حيوية يولد منها كائن مهجن بقدرات بدنية وذهنية فائقة»، بحيث يتم «تحميل الفكر والوعي على محمل إلكتروني، «mind uploading»، لاحقاً»، وهو أمر سيخلق الحاجة لنوع جديد من الاقتصادات والدكاكين، لنعالج أجسادنا لاحقاً من خلال تلك المحلات كما نفعل لهواتفنا النقالة، بدلاً من ارتياد العيادات والصيدليات.
* اختلاج النبض:
التطور الذي يحمل في طياته تغييراً للخلق، تعترضه كثير من التحديات ويشوبه الغموض، لكن ذلك كله سينجلي ما أن يتم تنفيذ النموذج الأول من «السيبورغ» على أرض الواقع.