أيما كان رأينا في دونالد ترامب في عجرفته في نزقه في تذبذبه وفي عدم استقرار إدارته، إلا أنه الوحيد الذي أوصل إيران إلى هذا الحد، ولو أكمل واستمر ونجح في إزاحة هذا الكابوس من المنطقة، فإن ذلك ما سيخلده التاريخ له.

مشكلته أنه وحيد «إعلامياً» في الولايات المتحدة الأمريكية لم يترك له صديقاً، وكيف سيفعل ذلك وهو الجمهوري والديمقراطيون يسيطرون على الإعلام بشكل كبير ومعهم العديد من المؤثرين من فنانين ورياضيين ومقدمي برامج، جميعهم ساهموا في شيطنة ترامب واستغلوا زلاته وأخطاءه، إلا أن ذلك لم يقلل من عدد مؤيديه الذين انتخبوه، والمؤشرات والإحصائيات تدل على ولائهم الذي سيستمر إلى حين موعد الانتخابات الرئاسية العام المقبل.

فإن فاز ترامب فإن ذلك من شأنه أن يكمل المسيرة ذاتها التي ضغطت على إيران حتى أوصلتها إلى ما وصلت إليه العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها. إنما ما نخشاه بالنسبة لنا هو ما عبر عنه مارك دبواتز رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية في تغريدة «هل يعلم أحد أي من المرشحين الديمقراطيين للرئاسة يغرد مدافعاً عن المتظاهرين الإيرانيين أو المتظاهرين العراقيين أو اللبنانيين؟ هل هناك من يتابع» انتهى

الديمقراطيون يبدون في اللا لا لاند أي أنهم بعيدون جداً عن المتغيرات التي تجري في منطقتنا، لا يريدون أن يروا أن صفقتهم مع إيران انتهت وحرقت أوراقها، وأن شعوب المنطقة بما فيها الشعب الإيراني بدأ يطارد خامنئي ومقتنع أنه ليس هناك من معتدل في هذا النظام، تلك الأكذوبة التي روجها الديمقراطيون وصدقوا كذبتهم.

اليوم شعوب المنطقة كلها تحرق صور خامنئي وتدعس عليه، والديمقراطيون في حالة ذهول إلى الآن يأملون خمود هذه الثورات ليواصلوا استكمال صفقتهم ومساعدة إيران على التمدد، مما يدل على أنهم في وادٍ والمنطقة في وادٍ آخر، وهذا مؤشر خطير حتى لو أن شعوب المنطقة غير عابئة بالموقف الأمريكي إلا أننا لا ننكر بأن سياسة ترامب التي فرضت العقوبات الاقتصادية على إيران هي أكبر مساهم في ثورة هذه الشعوب.

نحن نعرف أن مشاكلنا بدأت مع رئيس جمهوري وهو بوش الابن في غزوه للعراق وفي حربه للإرهاب، ولكن حتى في تلك الحقبة كان هناك خط لم يتجاوزه بوش الابن في الحفاظ على مصالحنا المشتركة وتحالفنا ظل قوياً ولم يقدم الدعم لإيران كما قدمه أوباما الذي غض الطرف حتى عن تهديدات إيران لأمن الولايات المتحدة الأمريكية حين تغاضى عن التقارير التي تؤكد محاولة تفجير مطعم في نيويورك وتغاضى عن مشهد الإذلال للجنود الأمريكيين الذين أسرتهم إيران، لقد تنازل أوباما عن هيبة الولايات المتحدة الأمريكية من أجل إبرام صفقته، لذلك فمنطقة الشرق الأوسط كلها ستعاني من فوز أي ديمقراطي إن كان سيكمل مسيرة سلفه «باراك أوباما» التي دمرت المنطقة، ولا ندري إن كان أي من المرشحين قد تعلم من أخطاء أوباما أم لا ولكن شئنا أم أبينا فإن للولايات المتحدة الأمريكية دوراً لا يمكن تجاهله في أمن واستقرار هذه المنطقة، ولهذا نحن بحاجة إلى دراسة أكثر المرشحين الديمقراطيين فرصة للفوز والبحث عن طرق التواصل وجس نبضهم.