كلنا سمعنا عن البيات الشتوي لدى بعض الحيوانات، ولكن هل سمعت يوماً عن البيات الجنيني؟ أكاد أجزم أن غالبيتكم الساحقة لم يمر عليها هذا الموضوع أو ربما لم يخطر لها على بال حتى. ولعل موضوع كهذا مثير بالنسبة للنساء أكثر من الرجال، وإن كان في حقيقة الأمر يعود بالنفع على الطرفين. ولكن هل موضوع البيات الجنيني، مسألة مطروحة أو واردة للجنس البشري من الأساس؟ ثم ما هو البيات الجنيني قبل الخوض في ما هو أعمق من تساؤلات؟

تقوم فكرة البيات الجنيني على قدرة بعض أنواع الحيوانات الثديية على تجميد الحمل أو توقيفه، ما يمنحها وقتاً أطول قبل موعد الولادة الأصلي. قد تبدو الفكرة غريبة ولا تصدق، ولكنها حقيقة، يعيشها ما يجاوز 130 نوعاً من الحيوانات الثديية، ما يختلف في الأمر هو طول المدة التي يمكن لكل نوع منها التحكم فيها بمسألة توقيف الحمل موقتاً، فهي مدة تتراوح كما بين العلماء بين اليومين و11 شهراً، ولكنها مسألة طبيعية جداً.

تختلف دواعي توقيف الحمل من حيوان لآخر، أو من نوع لآخر، فبعضها يؤجل موعد الولادة لموسم معين في السنة، وبعضها لحين تهيئة ظروف معينة لولادة الجنين. ويبدو أن مسألة السيطرة على إيقاف الحمل مؤقتاً مسألة معقدة، وتعتمد بشكل كبير على معرفة موعد الحمل مبكراً جداً، فالبيات الجنيني عملية تتم في مراحل مبكرة جداً من الحمل تسبق وصول الجنين إلى الرحم أو الالتصاق به، أي خلال رحلة الحيوان المنوي داخل الجهاز التناسلي للأنثى وقبل استقراره النهائي.

مازالت عملية البيات الجنيني لدى الحيوانات الثديية غامضة نسبياً بالنسبة للعلماء، ورغم أنها مرتبطة بقدرتها على أفراز الحليب خلال فترة الحمل كما يبدو على نحو يكفل تغييراً هرمونياً يحول دون حدوث حمل في الغالب في الطبيعة البشرية كما نعرف، غير أن تلك العملية لا تتم في كل الأنواع التي تتمتع بها بنفس الآلية، ومازال الأمر بحاجة لمزيد من الدراسة للتعرف على طريقة توقيف الحمل طبيعياً وقدرة الأنثى على السيطرة على أمر مماثل.

* اختلاج النبض:

في إطار كثير من التقنيات البيولوجية الحديثة التي توصل إليها العلم مؤخراً، وخصوصاً تقنية كريسبر كاس التي تحدثنا عنها ودمجناها على سبيل الخيال العلمي في مقالات سابقة بالميثولوجيا حيناً وبالتطرق إلى المزاوجة بين الجينات البشرية والجينات الحية الأخرى «نباتية وحيوانية»، لربما يقود الفهم العميق للبيات الجنيني إلى تطوير قدرات الجنس البشري، وتهيئة ظروف ولادة أفضل للجنين، ولضبط الأمور في حال حدوث حمل في موعد غير مرغوب فيه أو غير مناسب.