نقاش ثري.. جمعني بأحد الإخوة حول موضوعات تتعلق بالتقنيات الحديثة وآفاقها، وانعكاساتها الاجتماعية والسياسية فضلاً عن البيولوجية، كانت الأفكار ملحة ومتدفقة في حوارنا كالسبحة، التي ما أن انفكت منها حبة الخرز الأولى حتى تتالت الحبات كلها واحدة تلو الأخرى بسلاسة. لعل واحداً من المفاصل الهامة التي وقفنا عليها والتي وددت إشراكهم فيها، انطلقت من الحديث عن فكرة غرس شريحة/رقاقة إلكترونية صغيرة تحت الجلد أو في الدماغ، تزود بالمعلومات دورياً من خلال تحميل البرامج والتطبيقات الحديثة بما يغني عن الحاجة للمؤسسات التعليمية في المستقبل، ولتكون وزارات التعليم مقتصرة على إعداد البرمجيات التعليمية وإتاحتها للطلبة ليقوموا بدورهم بتحميلها. وهي فكرة كان قد سعى لتحقيقها إيلون ماسك لأغراض علاجية تفيد مرضى معينين، ولكن لم يكن أفق تلك التجربة وتطبيقاتها خافية على العالم كله، في إمكانية تحويلها إلى نظام متكامل، صرح به لاحقاً بالرغبة بتعزيز القدرات الذهنية لدى البشر من خلال دمج الدماغ البشري بالتكنولوجيا الحديثة عبر شريحة تغرس في الدماغ.
قاد هذا الحديث إلى مناقشة إمكانية انتهاك الخصوصية عبر تهكير العقول، فضلاً عن أن الذكاء والاجتهاد العلمي لن يشكلا مقياساً للمفاضلة بين البشر، إذ سيكون البقاء للأغنى الأقدر على شراء المعلومات الأكبر كما والأفضل نوعاً. ولكن ذلك كله قادنا في نهاية المطاف إلى سؤال طرحه زميلي بشأن ضمانات عدم تدخل الحكومات في تطويع الشعوب من خلال زرع ما يناسبها من أفكار سياسياً وفكرياً. ولعلي كنت قد أشرت إلى هذا في وقت سابق على نحو مختلف من خلال تعرضي لتقنية «كريسبر كاس» وفي الابتكار في الهندسة الوراثية تحديداً، إذ تناولت إمكانية تصميم شعب مختار وفق معايير ومواصفات يتم تحديدها مسبقاً من خلال واضعي السياسات في بلدة ما، وربما لتأسيس بلدة حديثة.
في عصور الفلاسفة اليونانيين، كان يحدو هؤلاء الطموح بمدينة فاضلة، بتعدد التسميات لدى كل منهم، ولكن الفكرة تأسيس تلك المدينة اليوتوبية «المثالية» التي تقوم على المفاهيم الكبرى «الحق، الخير، الجمال، الفضيلة.. إلخ». وفي عصرنا الحالي، يحلم كثير من القادة وواضعي السياسات بتطويع الشعوب من خلال طرق وأساليب عدة، فقد انتشرت فكرة استخدام السحر الأسود لدى اليهود «إسرائيل تحديداً» في تحقيق أهدافها السياسية تجاه الدول والشعوب، وقد اقترن الحكام والقادة في العصور القديمة بعلاقات وطيدة مع الكهنة والسحرة لتحقيق غاياتهم في تطويع الشعوب والسيطرة عليها، هذا فضلاً عن استخدام كثير من الأدوات في عصرنا الراهن كالإعلام والتعليم والثقافة وغيرها في تطويع الشعوب والتأثير على أفكارهم، وآخرون استخدموا القوة العسكرية لإخضاع شعوبهم وهكذا.
* اختلاج النبض:
بما أننا بتنا نتمتع بالتقنيات التي تتيح لنا تصميم البشر، ومازالت النزعة الإنسانية لدى البعض تميل إلى السيطرة وفرض القوة والنفوذ والهيمنة. ما الذي يمنع دولاً أو بعض القادة العالميين من مالكي التقنيات الحيوية من تصميم شعبهم المختار؟! ليس لتأسيس المدينة الفاضلة النموذجية حسب ذاك الزمان، بل لتأسيس مدينة القوة والتفوق والريادة أو مدينة الشيطان إن أرادوا.
قاد هذا الحديث إلى مناقشة إمكانية انتهاك الخصوصية عبر تهكير العقول، فضلاً عن أن الذكاء والاجتهاد العلمي لن يشكلا مقياساً للمفاضلة بين البشر، إذ سيكون البقاء للأغنى الأقدر على شراء المعلومات الأكبر كما والأفضل نوعاً. ولكن ذلك كله قادنا في نهاية المطاف إلى سؤال طرحه زميلي بشأن ضمانات عدم تدخل الحكومات في تطويع الشعوب من خلال زرع ما يناسبها من أفكار سياسياً وفكرياً. ولعلي كنت قد أشرت إلى هذا في وقت سابق على نحو مختلف من خلال تعرضي لتقنية «كريسبر كاس» وفي الابتكار في الهندسة الوراثية تحديداً، إذ تناولت إمكانية تصميم شعب مختار وفق معايير ومواصفات يتم تحديدها مسبقاً من خلال واضعي السياسات في بلدة ما، وربما لتأسيس بلدة حديثة.
في عصور الفلاسفة اليونانيين، كان يحدو هؤلاء الطموح بمدينة فاضلة، بتعدد التسميات لدى كل منهم، ولكن الفكرة تأسيس تلك المدينة اليوتوبية «المثالية» التي تقوم على المفاهيم الكبرى «الحق، الخير، الجمال، الفضيلة.. إلخ». وفي عصرنا الحالي، يحلم كثير من القادة وواضعي السياسات بتطويع الشعوب من خلال طرق وأساليب عدة، فقد انتشرت فكرة استخدام السحر الأسود لدى اليهود «إسرائيل تحديداً» في تحقيق أهدافها السياسية تجاه الدول والشعوب، وقد اقترن الحكام والقادة في العصور القديمة بعلاقات وطيدة مع الكهنة والسحرة لتحقيق غاياتهم في تطويع الشعوب والسيطرة عليها، هذا فضلاً عن استخدام كثير من الأدوات في عصرنا الراهن كالإعلام والتعليم والثقافة وغيرها في تطويع الشعوب والتأثير على أفكارهم، وآخرون استخدموا القوة العسكرية لإخضاع شعوبهم وهكذا.
* اختلاج النبض:
بما أننا بتنا نتمتع بالتقنيات التي تتيح لنا تصميم البشر، ومازالت النزعة الإنسانية لدى البعض تميل إلى السيطرة وفرض القوة والنفوذ والهيمنة. ما الذي يمنع دولاً أو بعض القادة العالميين من مالكي التقنيات الحيوية من تصميم شعبهم المختار؟! ليس لتأسيس المدينة الفاضلة النموذجية حسب ذاك الزمان، بل لتأسيس مدينة القوة والتفوق والريادة أو مدينة الشيطان إن أرادوا.