يعتمد مشروع إعادة رسم الشرق الأوسط الذي يتبناه اليسار الليبرالي الغربي على الرعاية الإيرانية التركية للجماعات الدينية العربية والتمويل القطري والحاضنة القطرية للقيادات المستقبلية، كي تتمكن من إسقاط الأنظمة العربية وتمكينها من السلطة، وكذلك على حاضنة شعبية عربية تقبل برعاية الإيرانيين والأتراك بعد إسقاط الأنظمة، وليس على غزو إيراني أو تركي يفرض بالقوة.

خطأ إيران وتركيا أنهما اضطرتا إلى التدخل المباشر وإقحام أنفسهما لعجزهما عن تأمين غطاء شرعي من الداخل قابل لاستمرار

انتفاضة العراق ولبنان، بل وحتى انتفاضة الشعب الإيراني على نظام إيران أرغمت أصحاب المشروع على التفكير ملياً بصورة أهم حلفائها وهي إيران (المعتدلة) وإيران (القوية) وإيران (محبوبة) الجماهير الشيعية التي تم الترويج لها داخل أروقة الأحزاب اليسارية، فتلك إيران التي يعولون عليها لمساندة الجماعات الشيعية (المعتدلة) لتمكينها من السلطة في دول الشرق الأوسط الشرقية، هذه الصورة بدأت تهتز نتيجة دموية قمع النظام الإيراني ومليشياته العربية لتلك الجماهير وما سيتركه من أثر على الحاضن الشعبي للنفوذ الإيراني في كل من العراق وسوريا ولبنان، جعلها تعيد النظر في هذا الحلف.

أوروبا بدأت تفقد صبرها تجاه إيران وهي آخر الحصون للملاذ الإيراني من العقوبات الاقتصادية الأمريكية.

فتمسكها بالاتفاقية النووية رغم الضغوط الأمريكية على أوروبا قوبل بتجاهل إيراني، لذلك لوحت فرنسا باللجوء لنصوص التحكيم في الاتفاقية وذلك يعني تراجعاً عن الدعم الأوروبي.

أما ألمانيا فتعد أحد أهم المنافذ لتمويل مليشيات حزب الله الإيرانية أعلنت عن نيتها في إدراجه كمنظمة إرهابية وفقاً لصحفية دير شبيجل فإن وزراء الخارجية والداخلية والعدل في ألمانيا قرروا تصنيف «حزب الله» اللبناني بجناحيه السياسي والعسكري، تنظيماً إرهابياً، على أن يتخذ قرار نهائي بهذا الشأن خلال اجتماع وزراء داخلية الولايات الألمانية الأسبوع المقبل، حسبما أفادت مجلة «دير شبيغل» الألمانية على موقعها الإلكتروني أمس.

وأشارت المصادر إلى أن الحكومة الألمانية تتجه لمساواة «حزب الله» مع «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية المماثلة. وبذلك، سيصبح ممنوعاً على أنصار «حزب الله» رفع علمه في ألمانيا أو تنظيم تظاهرات مؤيدة له أو إرسال تحويلات مالية إلى عناصره في لبنان.

وطلبت وزارة العدل من الادعاء العام الفيدرالي بدء تحقيق في نشاطات الحزب، ما يعني أن الادعاء لم يعد بحاجة لطلب إذن الحكومة لتعقب المشتبه بهم بالانتماء إليه، كما كان يحصل في السابق. وقد يبدأ المدعي العام إصدار مذكرات توقيف وملاحقات ضد من يشتبه في انتمائهم إلى الحزب أو حتى تمويلهم له.

دون النفوذ الإيراني في الدول العربية ودون الدعم الأوروبي لإيران فإن المشروع سيفقد أهم دعاماته ومن الصعب الاعتماد على الجماعات الدينية السنية فقط دون الشيعية في إتمام المشروع، خاصة أن تركيا الراعية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين بحاجة لتبريد الجبهة الداخلية والتركيز على مداواة التراجع في نسبة التأييد الحزبي المحلي مما سيضعف الإخوان المسلمين.

وتدخلها المباشر في ليبيا وسوريا خطأ استراتيجي ستدفع ثمنه غالياً، إنه فخ وقعت فيه ناهيك أن انكشاف حجم العلاقة بين الإخوان الذين ترعاهم تركية والجماعات الإرهابية أفقدها جزءاً كبيراً من قاعدتها الشعبية عربياً كما أحرج داعميها اليساريين أوروبياً وأمريكياً.

تلك أخطاء لم تكن في حسبان من دعم الجماعات الدينية ومن رسم المشروع.