سُئِلتُ قبل أيام عن دروس المواطنة وجدواها، لا أخفيكم أنني وقفت مترددة لبرهة لقول ما أريد، فما قد أسارع به للإجابة عن هذا السؤال قد يحمل كثيراً من التفسيرات التي لا تمت لرأيي بصلة، وقد تكون فرصة لبعض المصطادين في المياه العكرة لتفنيد حديث مقتضب مما سأقول بنزعه عن سياقه العام بما يخرجه بطبيعة الحال عن معناه، ورغم أنني أجبت عنه وقتها بالقدر الكافي، إلاّ أنني وجدت أن التحليق عبر «نبضات» باعتبارها منبري الرسمي سيتيح لي فرصة أكبر من تلك التي حظيت بها للإجابة بحذر شديد.
إن أردتم الحق، فإني لا أرى أن المواطنة أمر قابل للتدريس، فالدروس التي نتلقاها في المدارس كان يجب أن تستهدف بالأساس تنمية عقولنا، لا أدري إن كانت الدروس قد أدت ذلك بالفعل في ظل اتباع أساليب التلقين حتى اليوم، ولكني أتحدث عمّا يجب أن يكون. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لا أشكك في الدور الهام للمدرسة في تنمية البعد الأخلاقي للطفل وتعزيز القيم في نفسه، وكذلك تعزيز البعد العاطفي الذي تتم ترجمته من خلال ثقافة الحب، حب العائلة، حب المعلمين، حب الأصدقاء، حب الزملاء، حب الناس جميعاً باختلافهم على كافة المقاييس، وقبل ذلك كله حب الله وحب الوطن. ولكن أرجو أن نعود لدور المدرسة إزاء البعد العاطفي كما أوردته في الجملة السابقة، مع وضع عشر خطوط حمراء تحت كلمة «تعزيز»، فالمدرسة فعلياً لا تضطلع بدور غرس تلك المشاعر فهي ليست مسؤوليتها بالأساس، لأن أدوار كهذه يجب أن تمارس في عمر مبكرة تسبق عمر الدراسة، ما يعني أن تلك مسؤولية الأسرة بالمقام الأول.
لا أختلف مع أهمية ظهور دروس ومقررات المواطنة في المدارس، بل أتفق معها لأن التعزيز يعني إكساب الطالب من المعلومات والحقائق ما يفي بتأكيد تلك المشاعر وترسيخها على أسس منطقية متينة، قادرة على مواجهة أي رياح تصطدم بتلك القيمة الهامة، ولذلك فإنه من الممكن أن نعلم الطلاب تاريخ بلادهم، ومعالمها السياحية والتاريخية، وثقافتها، وهويتها، بل من الضروري القيام بذلك، لكني مع رأي أن المواطنة الحقة لا تدرس أيضاً، بل تغرس، وقد يكون للمدرسة دور معزز على المستوى الميداني والعملي من خلال حملات العمل التطوعي وخدمة الوطن من أجل حب الوطن، والأهم من ذلك ترسيخ قيمة الإخلاص في العمل، ليكون العمل خالصاً لغايته، لا يقوم على غاية أخرى كمحاولة لنيل المديح أو الأضواء الإعلامية والاجتماعية.
* اختلاج النبض:
عندما نؤسس أبناءنا داخل البيوت على الأسس القويمة والمواطنة الحقة، لن نكون بحاجة لافتعال خطط التعزيز التي أجبرتنا عليها بعض الأزمات، ولربما إن كنا بحاجة لبرامج مواطنية حقيقية، فلعل الفئة الأحق بالاستهداف، هي الأسرة، وليس الطفل وحده. مجرد رأي شخصي.
{{ article.visit_count }}
إن أردتم الحق، فإني لا أرى أن المواطنة أمر قابل للتدريس، فالدروس التي نتلقاها في المدارس كان يجب أن تستهدف بالأساس تنمية عقولنا، لا أدري إن كانت الدروس قد أدت ذلك بالفعل في ظل اتباع أساليب التلقين حتى اليوم، ولكني أتحدث عمّا يجب أن يكون. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لا أشكك في الدور الهام للمدرسة في تنمية البعد الأخلاقي للطفل وتعزيز القيم في نفسه، وكذلك تعزيز البعد العاطفي الذي تتم ترجمته من خلال ثقافة الحب، حب العائلة، حب المعلمين، حب الأصدقاء، حب الزملاء، حب الناس جميعاً باختلافهم على كافة المقاييس، وقبل ذلك كله حب الله وحب الوطن. ولكن أرجو أن نعود لدور المدرسة إزاء البعد العاطفي كما أوردته في الجملة السابقة، مع وضع عشر خطوط حمراء تحت كلمة «تعزيز»، فالمدرسة فعلياً لا تضطلع بدور غرس تلك المشاعر فهي ليست مسؤوليتها بالأساس، لأن أدوار كهذه يجب أن تمارس في عمر مبكرة تسبق عمر الدراسة، ما يعني أن تلك مسؤولية الأسرة بالمقام الأول.
لا أختلف مع أهمية ظهور دروس ومقررات المواطنة في المدارس، بل أتفق معها لأن التعزيز يعني إكساب الطالب من المعلومات والحقائق ما يفي بتأكيد تلك المشاعر وترسيخها على أسس منطقية متينة، قادرة على مواجهة أي رياح تصطدم بتلك القيمة الهامة، ولذلك فإنه من الممكن أن نعلم الطلاب تاريخ بلادهم، ومعالمها السياحية والتاريخية، وثقافتها، وهويتها، بل من الضروري القيام بذلك، لكني مع رأي أن المواطنة الحقة لا تدرس أيضاً، بل تغرس، وقد يكون للمدرسة دور معزز على المستوى الميداني والعملي من خلال حملات العمل التطوعي وخدمة الوطن من أجل حب الوطن، والأهم من ذلك ترسيخ قيمة الإخلاص في العمل، ليكون العمل خالصاً لغايته، لا يقوم على غاية أخرى كمحاولة لنيل المديح أو الأضواء الإعلامية والاجتماعية.
* اختلاج النبض:
عندما نؤسس أبناءنا داخل البيوت على الأسس القويمة والمواطنة الحقة، لن نكون بحاجة لافتعال خطط التعزيز التي أجبرتنا عليها بعض الأزمات، ولربما إن كنا بحاجة لبرامج مواطنية حقيقية، فلعل الفئة الأحق بالاستهداف، هي الأسرة، وليس الطفل وحده. مجرد رأي شخصي.