مازلنا في أجواء الفوز التاريخي لمنتخبنا البحريني الأول لكرة القدم بلقب بطولة كأس الخليج العربي، والتي أخضعها نجوم «الأحمر» أخيراً، وخطفوا الكأس وأتوا بها إلى البحرين.
في اللقاء الإذاعي لسمو الشيخ ناصر بن حمد، تم سؤاله عن المدرب البرتغالي هيليو سوزا، والإجابة كانت جداً صريحة وشفافة من سمو الشيخ ناصر بشأن المدرب، وقبل الخوض في الإجابة التي سأوظفها بشكل يكشف لكم أسلوباً إدارياً صحيحاً، يجب أن نعرف بأن هذا المدرب الذي حقق لنا لقبين غاليين على مستوى الفريق الكروي الأول، يمتلك سيرة ذاتية ممتازة، إذا ما فصلناها بشأن مشواره الكروي، فهو لم يلعب سوى لفريق واحد هو «فيتوريا سيتوبال» البرتغالي، والذي معه حقق لقب كأس البرتغال على حساب العملاق بنفيكا عام 2005، وسجل سوزا خلال مسيرته كلاعب 20 هدفاً في 424 مباراة لعبها لفريقه، ووصل لتمثيل منتخب البرتغال، بل كان قد فاز كلاعب ببطولة العالم للشباب عام 1989 والتي أقيمت في السعودية.
لكن على الصعيد التدريبي يمتلك سجلاً ناصعاً، إذ رغم قيادته فريقه البرتغالي الوحيد الذي لعب له لوصافة كأس البرتغال عام 2006 في أول سنة تدريبية له، إلا أنه نجح في قيادة منتخب البرتغال للناشئين للفوز بكأس أوروبا عام 2016، ومنتخب البرتغال للشباب للفوز بكأس أوروبا عام 2018.
وعليه مدرب بمثل هذه النجاحات لا بد له من أجواء مناسبة ليطبق نظرياته التدريبية واستراتيجياته، وهنا أعود لكلام سمو الشيخ ناصر حين أجاب بشأن المدرب، حول منحه الصلاحية المطلقة بلا أية تدخلات. وهنا جملة لا بد من وضع ألف خط تحتها، حين قال سموه بأن مشكلة منتخبنا في السابق هي عملية التدخلات في عمل المدرب، ومع سوزا حرص سموه على منحه كافة الصلاحيات وحرية التقرير بشأن التشكيلة، من منطلق الثقة بقدراته، وأنه المدرب المسؤول عن كل شيء داخل الملعب، وفي التدريبات.
هذه فلسفة جميلة يقدمها لنا سمو الشيخ ناصر بكل صراحة وشفافية تحسب له، فهو وضع يده على المشكلة التي كانت تحصل، سواء أكانت بقصد أو دون قصد من منطلق حرص بعض المسؤولين، وأبدلها بعملية «تفويض» ومنح صلاحية وثقة كاملة للمدرب.
نتيجة هذه السياسة التي كشف عنها سمو الشيخ ناصر تمثلت بتجديد الدماء في منتخبنا الكروي، ومنح الفرصة لعدد كبير من الشباب المبدعين لتمثيل المنتخب، ورغم أن سوزا فاجأنا بتشكيلاته المتغيرة، إلا أن هذا الأسلوب جاء بثمار رائعة تمثلت ببطولتي غرب آسيا وكأس الخليج، وفي الأخيرة خاض سوزا خمس مباريات بتشكيلات مختلفة، وكان أسلوباً أثار الجدل والنقاشات، لكن سوزا نجح في اقتناص الكأس عبر أسلوبه واستراتيجياته.
بيت القصيد فيما أقول هنا يتمثل بالتالي: حين يكون القائد الأول واثقاً من اختياراته للمسؤولين، متأكداً من جدارتهم وقدراتهم، فإن منحهم الصلاحية والثقة وضمان عدم التدخل في اختصاصاتهم وعملهم، ينعكس هذا بالضرورة إيجاباً على أداء هؤلاء المسؤولين، فهم يحسون بحرية العمل مع تحمل المسؤولية، لأن النتيجة ستكون مبنية على قراراتهم وخياراتهم.
وفي هذه المسألة هناك نوعان من المسؤولين، نوع يثبت جدارته من خلال الصلاحية والثقة الممنوحتين له، ونوع يكشف عن ضعفه في الإدارة واتخاذ القرارات، والنوع الأخير لن يفيد معه التدخل في عمله، بل هو يفترض تغييره بأسرع وقت.
القائد الذكي هو من يختار الأشخاص «الصح»، هو من يمنحهم الثقة والصلاحيات، ويفسح لهم المجال للإبداع والعمل، ويخلق لديهم حس تحمل مسؤولية قراراتهم، وغالباً ما تؤدي هذه الطريقة لتحقيق نتائج مميزة وإنجازات تبقى في الذاكرة طويلاً.
{{ article.visit_count }}
في اللقاء الإذاعي لسمو الشيخ ناصر بن حمد، تم سؤاله عن المدرب البرتغالي هيليو سوزا، والإجابة كانت جداً صريحة وشفافة من سمو الشيخ ناصر بشأن المدرب، وقبل الخوض في الإجابة التي سأوظفها بشكل يكشف لكم أسلوباً إدارياً صحيحاً، يجب أن نعرف بأن هذا المدرب الذي حقق لنا لقبين غاليين على مستوى الفريق الكروي الأول، يمتلك سيرة ذاتية ممتازة، إذا ما فصلناها بشأن مشواره الكروي، فهو لم يلعب سوى لفريق واحد هو «فيتوريا سيتوبال» البرتغالي، والذي معه حقق لقب كأس البرتغال على حساب العملاق بنفيكا عام 2005، وسجل سوزا خلال مسيرته كلاعب 20 هدفاً في 424 مباراة لعبها لفريقه، ووصل لتمثيل منتخب البرتغال، بل كان قد فاز كلاعب ببطولة العالم للشباب عام 1989 والتي أقيمت في السعودية.
لكن على الصعيد التدريبي يمتلك سجلاً ناصعاً، إذ رغم قيادته فريقه البرتغالي الوحيد الذي لعب له لوصافة كأس البرتغال عام 2006 في أول سنة تدريبية له، إلا أنه نجح في قيادة منتخب البرتغال للناشئين للفوز بكأس أوروبا عام 2016، ومنتخب البرتغال للشباب للفوز بكأس أوروبا عام 2018.
وعليه مدرب بمثل هذه النجاحات لا بد له من أجواء مناسبة ليطبق نظرياته التدريبية واستراتيجياته، وهنا أعود لكلام سمو الشيخ ناصر حين أجاب بشأن المدرب، حول منحه الصلاحية المطلقة بلا أية تدخلات. وهنا جملة لا بد من وضع ألف خط تحتها، حين قال سموه بأن مشكلة منتخبنا في السابق هي عملية التدخلات في عمل المدرب، ومع سوزا حرص سموه على منحه كافة الصلاحيات وحرية التقرير بشأن التشكيلة، من منطلق الثقة بقدراته، وأنه المدرب المسؤول عن كل شيء داخل الملعب، وفي التدريبات.
هذه فلسفة جميلة يقدمها لنا سمو الشيخ ناصر بكل صراحة وشفافية تحسب له، فهو وضع يده على المشكلة التي كانت تحصل، سواء أكانت بقصد أو دون قصد من منطلق حرص بعض المسؤولين، وأبدلها بعملية «تفويض» ومنح صلاحية وثقة كاملة للمدرب.
نتيجة هذه السياسة التي كشف عنها سمو الشيخ ناصر تمثلت بتجديد الدماء في منتخبنا الكروي، ومنح الفرصة لعدد كبير من الشباب المبدعين لتمثيل المنتخب، ورغم أن سوزا فاجأنا بتشكيلاته المتغيرة، إلا أن هذا الأسلوب جاء بثمار رائعة تمثلت ببطولتي غرب آسيا وكأس الخليج، وفي الأخيرة خاض سوزا خمس مباريات بتشكيلات مختلفة، وكان أسلوباً أثار الجدل والنقاشات، لكن سوزا نجح في اقتناص الكأس عبر أسلوبه واستراتيجياته.
بيت القصيد فيما أقول هنا يتمثل بالتالي: حين يكون القائد الأول واثقاً من اختياراته للمسؤولين، متأكداً من جدارتهم وقدراتهم، فإن منحهم الصلاحية والثقة وضمان عدم التدخل في اختصاصاتهم وعملهم، ينعكس هذا بالضرورة إيجاباً على أداء هؤلاء المسؤولين، فهم يحسون بحرية العمل مع تحمل المسؤولية، لأن النتيجة ستكون مبنية على قراراتهم وخياراتهم.
وفي هذه المسألة هناك نوعان من المسؤولين، نوع يثبت جدارته من خلال الصلاحية والثقة الممنوحتين له، ونوع يكشف عن ضعفه في الإدارة واتخاذ القرارات، والنوع الأخير لن يفيد معه التدخل في عمله، بل هو يفترض تغييره بأسرع وقت.
القائد الذكي هو من يختار الأشخاص «الصح»، هو من يمنحهم الثقة والصلاحيات، ويفسح لهم المجال للإبداع والعمل، ويخلق لديهم حس تحمل مسؤولية قراراتهم، وغالباً ما تؤدي هذه الطريقة لتحقيق نتائج مميزة وإنجازات تبقى في الذاكرة طويلاً.