تحت عنوان «كتاب الإيكيغاي الصغير» لمؤلفه كين موغي، جاءت عبارة «الأسلوب الياباني المثالي لمعرفة هدفك في الحياة»، تناول الكتاب أركان الإيكيغاي أو لنقل السعادة، وتعرض لشرح الفكرة وتطبيقاتها وأسرارها في عشرة فصول قصيرة، ومما لفت انتباهي من الظواهر التي أوردها في اليابان مستخدماً إياها نماذج عرضٍ لتوضيح أفكاره، تلك الظاهرة التي يطلق اليابانيون عليها اسم «الداتسوسارا»، والمتمثلة بقرار الموظف من الطبقة الوسطى مغادرة الحياة الآمنة لكن المملة كموظف، وذلك سعياً وراء شغفه. مما أورده الكتاب أن السعادة كامنة في السعي خلف الشغف وتحقيقه، وليس في العمل الآمن والوظيفة المريحة، رغم أن تلك مسألة يحرص عليها كثيرون في مجتمعنا ومجتمعات أخرى كثيرة من بينها اليابان التي تنشأ منها هذه الفكرة.يتناول الكتاب أن ترك الموظف لوظيفته الاعتيادية أو وظيفة لا ترضي شغفه وتطلعاته، قد يحقق له أحياناً الإيكيغاي على نحو مضاعف، كيف ذلك؟!! أن يبحث عن عمل أو مشروع صغير يكسب منه عيشه بينما يمارس شيئاً يحبه ويكون شغفه أو شيئاً يستمتع به بالفعل. قد يستوقفنا هنا بعض الأمور الهامة، لو أردنا التفكير بهذه المغامرة بجدية. المسألة الأولى: هل نملك أساساً شيئاً نحبه يمكننا تحويله إلى عمل جديد أو مشروع؟ والإجابة على هذا السؤال تتفاوت من شخص لآخر، فبعضنا يعرف تماماً ما يريد، وأين يكمن شغفه، ويعرف مواطن قوته وقدراته جيداً، وبالتالي هو بحاجة فقط لتحويلها إلى مشروع حقيقي.يبقى هنا السؤال الثاني، هل سيحقق لنا العمل الجديد الدخل المالي الذي نحظى به في عملنا الحالي أو ما يزيد عنه؟ وبافتراض كان الجواب نعم، هل سيوفر لنا هذا العمل الأمان المالي للمستقبل؟!! الإجابة عن هذا السؤال تجدها في مقطع فيديو قيّم للدكتور إيهاب حمارنة حول المال وصناعة المال، قال فيه إن المشكلة كامنة في طريقة التعامل مع القدرات والإمكانيات التي نحظى بها، وفي نظرة المجتمع القاصرة لبعض القدرات التي يقال عنها أنها «لا توكل عيش»، ولكن الأمر في الحقيقة يقاس ببساطة بأن المال الذي ستجنيه بطبيعة الحال ستحصل عليه من الناس، وأنك لتتمكن من أن تحظى بفرصة أن يدفع لك الناس أموالهم مقابل ما تقدمه بما تملكه من إمكانيات، فإن عليك أن تقدم لهم قيمة، قيمة حقيقية تقنع الناس وتفيدهم. وهنا يكمن سر تحقيق الدخل الذي تطمح إليه وتأمين مستقبلك المالي.* اختلاج النبض:من خلال تجارب شخصية مررت بها، أدركت جيداً أن العمل في مجال تحبه يمنحك حياة سعيدة، وشعوراً مضاعفاً بالأهمية والراحة والإنجاز، أكثر من قيامك بأداء مهام روتينية. وفي ظل ما يواجهه كثير من الموظفين من ضغوط في القطاع الحكومي، والتي أفضت لاتخاذ قرار التقاعد الاختياري من قبل كثيرون، وربما مغامرة البعض لترك أعمالهم، يبدو جيداً لو يستأنف هؤلاء حياتهم العملية والمهنية وفق مبادئ الإيكيغاي بما يحقق لك السعادة.