يقول لي أحدهم: حينما أسافر مع العائلة في الصيف، أحاول دائماً اختيار بلدانٍ لا يرتادها أحد من نفس بلدي!!
سألته بدهشة: لماذا؟!
رد بسرعة: يا أخي أنا أحاول الهرب منهم هنا، فكيف أتقبل رؤيتهم أمامي في الخارج؟!
سألته مستغرباً هذه العدائية التي لم أعتدها منه: ألا تظن أنك تبالغ قليلاً؟! أليس يسعدك أن ترى أحد أصدقائك أو أقاربك أو أحداً من بلدك يمر أمامك ويلقي بالتحية والسلام؟!
أجابني بدون أن يلتقط نفساً حتى: «تقص على روحك أنت»؟! للأسف ما أراه في الخارج أحياناً يكون امتداداً للداخل، بمعني أننا هنا في البلد ابتلينا بأناس همهم وشغلهم الشاغل «التطفل والفضول»، همهم مراقبتك في كل شيء، وإزعاجك في كل وقت، وأنا لست أتحدث عن الأشخاص الطبيعيين الذين يلقون عليك السلام ويمضون تاركيك في سلام، بل أتحدث عن نوعية من الناس تفرض على الناس الآخرين «الهرب»، لأنهم يحسون بالمطاردة والمراقبة.
سألته مجدداً: ألا تظن أنك تبالغ؟! فهز رأسه نفياً بـ»لا» قوية، ومضى يقول: أبداً لا، هناك بشر يحسسونك أنهم مكلفين بمراقبتك، وكأنهم جواسيس أو كاميرات مراقبة، تراهم وراءك، في حياتك، في وظيفتك، في وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بك، عندما تنشر شيئاً هم أول المعلقين، وعندما يرونك تلبس شيئاً هم أول السائلين عن سعره وأين يباع، وإن تصادفوا معك في سفر، فهمهم معرفة أين تسكن، ومع من تسافر، وماذا تلبس، وماذا اشتريت، ومتى ستعود. يا أخي هذا النوع من البشر مزعج تماماً.
حاولت أن أسأله مجدداً، فأشاح بيده وقال: «لا تصبح مثلهم أرجوك»، وهرب مهرولاً!
لا أبالغ، فهذه حادثة وقعت معي بالفعل، ورغم أنني أتفق مع صديقي هذا فيما قاله من وجود نوعيات من «الطفيليات البشرية» المتطفلة والفضولية، إلا أن المبالغة في ردة الفعل أيضاً أمر يتعبك كإنسان.
في هذه الحياة هناك من سيراقبك، ومن سيحسدك، ومن سيعد عليك عدد مرات تنفسك، من سيتابعك في كل شيء، فيما تملك، وأين تعمل، وماذا تلبس، وأين تذهب، بل وبعضهم يصل لمرحلة محاولة «تقمص» شخصيتك، هذا إن لم يكن من نوعية الشخصيات المزعجة التي «تتفنن» في محاولات إحباطك وتحويل الحياة لـ»مشهد أسود» في عينيك كلما رأى السعادة بادية عليك.
أحياناً أحاول البحث عن علاج لمثل هذه الحالات، ولست أعني تلك النوعية الفضولية من البشر، غير القنوعة بما لديها، بل متحفزة لخطف ما لدى الآخرين ولو بالنظر، بل أعني علاجاً للتعامل مع هذه الأوضاع، بمعنى أن هناك آليات دفاعية للمواجهة، أو أساليب للرد وإيقاف البعض عند حدودهم، لكن المشكلة تكمن اليوم بأنه يصعب فعل ذلك كله معهم، بينما أنت تشرع حياتك عبر وسائل التواصل، تمنح دعوات صريحة للتطفل بنفسك عبر استعراض ما لديك وما تفعل بشكل مبالغ فيه، وبعدها تكون المفارقة بـ»استيائك» و»استغرابك» مما يحصل لك.
اليوم هذه النوعية من البشر لا علاج لهم، بل أعدادهم تتزايد، والحل معهم لربما يكون مثلما فعل صاحبي بأن «هرب» منهم، وآثر أن يبتعد في حياته الـشخصية بمنع تحويلها لمعرض صور وفيديوهات مفتوح، أو السفر لمناطق يعرف أنه سيجد فيها نوعيات كهذه من البشر، إن لم يكن هدفها التطفل على الآخرين، فهدفها الآخر «الفشخرة» عليهم.
ولأننا في زمن بات الناس «مهوسين» فيه بالناس، أصبح طبيعياً أن نرى الناس يهربون من الناس!
سألته بدهشة: لماذا؟!
رد بسرعة: يا أخي أنا أحاول الهرب منهم هنا، فكيف أتقبل رؤيتهم أمامي في الخارج؟!
سألته مستغرباً هذه العدائية التي لم أعتدها منه: ألا تظن أنك تبالغ قليلاً؟! أليس يسعدك أن ترى أحد أصدقائك أو أقاربك أو أحداً من بلدك يمر أمامك ويلقي بالتحية والسلام؟!
أجابني بدون أن يلتقط نفساً حتى: «تقص على روحك أنت»؟! للأسف ما أراه في الخارج أحياناً يكون امتداداً للداخل، بمعني أننا هنا في البلد ابتلينا بأناس همهم وشغلهم الشاغل «التطفل والفضول»، همهم مراقبتك في كل شيء، وإزعاجك في كل وقت، وأنا لست أتحدث عن الأشخاص الطبيعيين الذين يلقون عليك السلام ويمضون تاركيك في سلام، بل أتحدث عن نوعية من الناس تفرض على الناس الآخرين «الهرب»، لأنهم يحسون بالمطاردة والمراقبة.
سألته مجدداً: ألا تظن أنك تبالغ؟! فهز رأسه نفياً بـ»لا» قوية، ومضى يقول: أبداً لا، هناك بشر يحسسونك أنهم مكلفين بمراقبتك، وكأنهم جواسيس أو كاميرات مراقبة، تراهم وراءك، في حياتك، في وظيفتك، في وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بك، عندما تنشر شيئاً هم أول المعلقين، وعندما يرونك تلبس شيئاً هم أول السائلين عن سعره وأين يباع، وإن تصادفوا معك في سفر، فهمهم معرفة أين تسكن، ومع من تسافر، وماذا تلبس، وماذا اشتريت، ومتى ستعود. يا أخي هذا النوع من البشر مزعج تماماً.
حاولت أن أسأله مجدداً، فأشاح بيده وقال: «لا تصبح مثلهم أرجوك»، وهرب مهرولاً!
لا أبالغ، فهذه حادثة وقعت معي بالفعل، ورغم أنني أتفق مع صديقي هذا فيما قاله من وجود نوعيات من «الطفيليات البشرية» المتطفلة والفضولية، إلا أن المبالغة في ردة الفعل أيضاً أمر يتعبك كإنسان.
في هذه الحياة هناك من سيراقبك، ومن سيحسدك، ومن سيعد عليك عدد مرات تنفسك، من سيتابعك في كل شيء، فيما تملك، وأين تعمل، وماذا تلبس، وأين تذهب، بل وبعضهم يصل لمرحلة محاولة «تقمص» شخصيتك، هذا إن لم يكن من نوعية الشخصيات المزعجة التي «تتفنن» في محاولات إحباطك وتحويل الحياة لـ»مشهد أسود» في عينيك كلما رأى السعادة بادية عليك.
أحياناً أحاول البحث عن علاج لمثل هذه الحالات، ولست أعني تلك النوعية الفضولية من البشر، غير القنوعة بما لديها، بل متحفزة لخطف ما لدى الآخرين ولو بالنظر، بل أعني علاجاً للتعامل مع هذه الأوضاع، بمعنى أن هناك آليات دفاعية للمواجهة، أو أساليب للرد وإيقاف البعض عند حدودهم، لكن المشكلة تكمن اليوم بأنه يصعب فعل ذلك كله معهم، بينما أنت تشرع حياتك عبر وسائل التواصل، تمنح دعوات صريحة للتطفل بنفسك عبر استعراض ما لديك وما تفعل بشكل مبالغ فيه، وبعدها تكون المفارقة بـ»استيائك» و»استغرابك» مما يحصل لك.
اليوم هذه النوعية من البشر لا علاج لهم، بل أعدادهم تتزايد، والحل معهم لربما يكون مثلما فعل صاحبي بأن «هرب» منهم، وآثر أن يبتعد في حياته الـشخصية بمنع تحويلها لمعرض صور وفيديوهات مفتوح، أو السفر لمناطق يعرف أنه سيجد فيها نوعيات كهذه من البشر، إن لم يكن هدفها التطفل على الآخرين، فهدفها الآخر «الفشخرة» عليهم.
ولأننا في زمن بات الناس «مهوسين» فيه بالناس، أصبح طبيعياً أن نرى الناس يهربون من الناس!