القصة باختصار هي أنه خلال مؤتمر صحفي كان قد عقده وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير تقدمت صحفية تركية محاولة إحراجه فقالت ما ملخصه إن تركيا استوعبت أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين بينما لم نسمع أن السعودية التي هي قلب العالم الإسلامي قامت بفعل مماثل، فكان أن جاءها الرد الذي لم تتوقعه ولم يتوقعه من دفعها لتسأل هذا السؤال، وكذلك لم يتوقعه الحضور الذين فوجئوا بتلك المعلومات وبقدرة الجبير على الرد، وبسمو موقف المملكة العربية السعودية. هنا التفاصيل.

الصحفية التركية بدأت بالتعريف بنفسها فقالت «أدعى أوزلان موكريجي من مانوسكلوف ايكونومكس.. أود سؤالك عن الأزمة في سوريا. أنا من تركيا. وكما يعرف الجميع أن تركيا تستضيف قرابة المليونين ونصف المليون لاجئ سوري.. وبعض الأتراك ينتقدون السعودية بدعوى أن السعودية لا تستقبل اللاجئين ولا تفعل ما يكفي لأجل اللاجئين كبقية الدول، وكما ذكرت، تملك السعودية مسؤولية بما أنها قلب العالم الإسلامي، لذلك يقول بعض الأتراك بما أن السعودية بلد إسلامي فلماذا لا تفعل ما يكفي للاجئين السوريين؟ أود سؤالك عن هذه المشكلة.. أود منك أن توضح لنا سياسة السعودية تجاه اللاجئين».

أما الجبير فرد عليها بالآتي «أعتقد أنه كان يمكننا شرح موقفنا تجاه اللاجئين السوريين بشكل أفضل. قامت السعودية بإصدار أكثر من مليونين ونصف المليون تأشيرة للاجئين السوريين منذ بدء الأزمة. قمنا بنشر بيان ولم يلاحظه أحد. مليونان ونصف مليون لاجئ سوري جاؤوا للسعودية، أعتقد أنه لايزال 600 إلى 700 ألف لاجئاً منهم مقيمين في السعودية، ليس بينهم لاجئ واحد يعيش في مخيم وليس من بينهم لاجئ واحد يعيش في خيمة لأن خادم الحرمين الشريفين أمر لكل السوريين الوافدين إلى السعودية بالحصول على تصريح إقامة حتى يتمكنوا من إرسال أبنائهم للمدارس ويكون لديهم رعاية صحية وضمان اجتماعي ويحصلوا على وظائف. من بين مليونين وأربعمائة ألف لاجئ لا أحد منهم يعيش في خيمة، وفعلنا المثل مع اليمنيين، منذ بدء الحرب في اليمن وصل إلى السعودية قرابة المليون لاجئ يمني وتم تطبيق نفس السياسة معهم، لا أحد منهم يعيش في مخيم للاجئين ولا أحد منهم يعيش في خيمة، ولا نتفاخر بالأمر ولا نقوم بتصويرهم لأن هذه ثقافتنا. جاء هؤلاء لأن منازلهم تعرضت للدمار، جاؤوا يطلبون الملجأ والأمان في السعودية وهذا ما فعلناه لهم، وهذا يحفظ كرامتهم ولا يعرضهم للإذلال، ما يسمح لهم ولذويهم بعيش حياة طبيعية قدر المستطاع بالنسبة إلى ظروفهم».

وختم الجبير جوابه موجهاً حديثه للصحفية التركية صاحبة السؤال «لذلك أقدر سؤالك حتى أتمكن من تثقيف الحضور حول سياساتنا تجاه اللاجئين» وهو ختام لا يصعب على اللبيب فهم أبعاده، فقد أراد الجبير أن يقول باختصار -ومن دون أن يذكر اسم تركيا أو أن يقول للصحفية إن هذا ليس بسؤالك ولكنه سؤال آخرين دفعوك لتسألي بالنيابة عنهم أملاً في إحراج السعودية وإظهارها في مظهر غير لائق وضعيف- إن الفارق بين السعودية وتركيا كبير وإن السعودية لا تتاجر في قضية اللاجئين أياً كانت جنسياتهم وإن الدليل هو أنها لم تقم لهم مخيمات ولا يسكنون في الخيام كما هو حالهم في تركيا، ولا تقوم بتصويرهم والمتاجرة في قضيتهم والمنة عليهم.

الجواب لم تتوقعه الصحفية ولا الذين دفعوها لتسأل بالنيابة عنهم ولا الحضور، بل لم يتوقعه المسؤولون الأتراك أيضاً، لهذا صار لا بد من توثيق هذا الموقف وهذا الرد، تعبيراً عن الامتنان للسعودية.. قلب العالم الإسلامي.