كثيرة هي الرسائل ومقاطع الفيديو التي تصلنا عبر التطبيقات الذكية على هواتفنا بشكل يومي، لكنني شخصياً أسعد كثيراً حينما تصلني مواد فيها عبر ومعانٍ عميقة، وفيها تذكير لأهم شيء بتنا نحس أننا نفقده يوماً إثر يوم، وهنا أعني «إنسانيتنا».
بالأمس أرسل لي أستاذ عزيز مقطعاً جعلني أتوقف مدة للتمعن فيه، مقطع مؤثر بالفعل، يجعلك تفكر في هذه الحياة، وقيمتها، وما يمكن لك أن تقدمه لمساعدة الناس، أو أقلها رسم بسمة على وجوههم، أو صناعة فرحة ولو كانت صغيرة جداً.
المقطع صور في دولة أجنبية، حيث يمر شخص أمام شخص مشرد، ليوقع محفظته بشكل متعمد، فقام المشرد بالتقاطها والتصويت على الرجل ليعطيه محفظته، فسأله الرجل لماذا أعادها وهو محتاج للمال؟! فأجاب بأنها ليست ملكاً له ليأخذ منها، وأن «العمل الصحيح» هو بإعادة الأشياء إلى أصحابها.
قام الرجل بفتح محفظته وإعطاء المشرد مبلغاً من المال، وعانقه شاكراً، ثم تركه ومضى. لكن كاميرا التصوير لحقت بالمشرد، والذي ذهب لمحل يبيع الشطائر ليشتري عدداً منها، ثم يعود للشارع ويعطي كل مشرد فيه الطعام.
بعدها عاد الرجل للمشرد ليسأله لماذا فعل ذلك، رغم أنه كان قادراً على الاحتفاظ بالمال كله له، فأجابه المشرد بأجمل رد يمكن لك أن تتخيله، رد من رجل محتاج، لكنه رأى أن عليه واجباً يؤديه تجاه البشر، فقال له: أنا مؤمن بمساعدة الناس، وأن هناك من هم أحوج منا، أنا مؤمن بالخير الذي أفعله وأن الله يرده لي بطريقة ما. زوجتي حامل وهي بخير، وأنا كنت مقاتلاً في الجيش وذهبت لمهمتين وأصبت في مواقع عديدة، كل ما أطلبه أن يسهل الله علي أمور حياتي.
في النهاية قام الرجل الذي نفذ عملية التصوير بإعطائه مبلغاً من المال له، وليرعى زوجته الحامل.
مثل هذه المواقف، مثل هذه القصص إن لم تحرك فيك شيئاً، فاعرف أن لديك مشكلة ما في تركيبتك، وفي وجدانك. إذ كيف لا يتأثر الناس لمواقف تبرز من هو محتاج يحاول ويسعى أن يساعد غيره، في وقت نرى فيه المجتمعات تتحول في أغلبها لأوساط شرسة، يغيب عنها التراحم، ويقل فيها فعل الخير، بل تجد أفراداً همهم وعشقهم يتمثل بإيقاع الأذى بالآخرين، ودعم مساعدة الناس، بل السعي للإضرار بهم.
قيل بأنه لا يحس بمشاكل الآخرين إلا من مر بها، أو عانى من مشاكل مشابهة. لا يفهم الألم إلا من مر فيه، ولا يدرك مرارة المواقف الصعبة التي يعايشها الناس إلا من كان يوماً يمر بمواقف صعبة.
لذلك حينما تسمعون عن أناس يعملون على «نشر الخير» و«نشر الحب»، فلا تستصغروا هذا الفعل، فلربما لم تمروا بمصاعب مروا هم فيها، وعليه يصعب عليكم استيعاب وإدراك وضع الناس الذين يمرون بمثل هذه الصعاب.
هي قاعدة يفترض أنها ثابتة، بمعنى أن من جرب الألم سيعمل على مساعدة الناس لعدم تعرضهم لنفس الألم، لكن طبعاً لكل قاعدة شواذ، فهناك من يتخلص من ألمه لينسى الناس وآلامهم تماماً، وهناك من لم يجرب الألم، فلا يعرف عنه شيئاً، بعض هؤلاء لن يحاول التعرف على آلام الآخرين، ولكن بعضهم قد يبحث عنها ويعمل على علاجها.
في النهاية، هي «الإنسانية» التي يجب أن تكون موجودة لدى كل إنسان بغض النظر عن تجاربه السابقة وظروف معيشته، فإن ضاعت الإنسانية، فلا ترتجي من هؤلاء شيئاً.
{{ article.visit_count }}
بالأمس أرسل لي أستاذ عزيز مقطعاً جعلني أتوقف مدة للتمعن فيه، مقطع مؤثر بالفعل، يجعلك تفكر في هذه الحياة، وقيمتها، وما يمكن لك أن تقدمه لمساعدة الناس، أو أقلها رسم بسمة على وجوههم، أو صناعة فرحة ولو كانت صغيرة جداً.
المقطع صور في دولة أجنبية، حيث يمر شخص أمام شخص مشرد، ليوقع محفظته بشكل متعمد، فقام المشرد بالتقاطها والتصويت على الرجل ليعطيه محفظته، فسأله الرجل لماذا أعادها وهو محتاج للمال؟! فأجاب بأنها ليست ملكاً له ليأخذ منها، وأن «العمل الصحيح» هو بإعادة الأشياء إلى أصحابها.
قام الرجل بفتح محفظته وإعطاء المشرد مبلغاً من المال، وعانقه شاكراً، ثم تركه ومضى. لكن كاميرا التصوير لحقت بالمشرد، والذي ذهب لمحل يبيع الشطائر ليشتري عدداً منها، ثم يعود للشارع ويعطي كل مشرد فيه الطعام.
بعدها عاد الرجل للمشرد ليسأله لماذا فعل ذلك، رغم أنه كان قادراً على الاحتفاظ بالمال كله له، فأجابه المشرد بأجمل رد يمكن لك أن تتخيله، رد من رجل محتاج، لكنه رأى أن عليه واجباً يؤديه تجاه البشر، فقال له: أنا مؤمن بمساعدة الناس، وأن هناك من هم أحوج منا، أنا مؤمن بالخير الذي أفعله وأن الله يرده لي بطريقة ما. زوجتي حامل وهي بخير، وأنا كنت مقاتلاً في الجيش وذهبت لمهمتين وأصبت في مواقع عديدة، كل ما أطلبه أن يسهل الله علي أمور حياتي.
في النهاية قام الرجل الذي نفذ عملية التصوير بإعطائه مبلغاً من المال له، وليرعى زوجته الحامل.
مثل هذه المواقف، مثل هذه القصص إن لم تحرك فيك شيئاً، فاعرف أن لديك مشكلة ما في تركيبتك، وفي وجدانك. إذ كيف لا يتأثر الناس لمواقف تبرز من هو محتاج يحاول ويسعى أن يساعد غيره، في وقت نرى فيه المجتمعات تتحول في أغلبها لأوساط شرسة، يغيب عنها التراحم، ويقل فيها فعل الخير، بل تجد أفراداً همهم وعشقهم يتمثل بإيقاع الأذى بالآخرين، ودعم مساعدة الناس، بل السعي للإضرار بهم.
قيل بأنه لا يحس بمشاكل الآخرين إلا من مر بها، أو عانى من مشاكل مشابهة. لا يفهم الألم إلا من مر فيه، ولا يدرك مرارة المواقف الصعبة التي يعايشها الناس إلا من كان يوماً يمر بمواقف صعبة.
لذلك حينما تسمعون عن أناس يعملون على «نشر الخير» و«نشر الحب»، فلا تستصغروا هذا الفعل، فلربما لم تمروا بمصاعب مروا هم فيها، وعليه يصعب عليكم استيعاب وإدراك وضع الناس الذين يمرون بمثل هذه الصعاب.
هي قاعدة يفترض أنها ثابتة، بمعنى أن من جرب الألم سيعمل على مساعدة الناس لعدم تعرضهم لنفس الألم، لكن طبعاً لكل قاعدة شواذ، فهناك من يتخلص من ألمه لينسى الناس وآلامهم تماماً، وهناك من لم يجرب الألم، فلا يعرف عنه شيئاً، بعض هؤلاء لن يحاول التعرف على آلام الآخرين، ولكن بعضهم قد يبحث عنها ويعمل على علاجها.
في النهاية، هي «الإنسانية» التي يجب أن تكون موجودة لدى كل إنسان بغض النظر عن تجاربه السابقة وظروف معيشته، فإن ضاعت الإنسانية، فلا ترتجي من هؤلاء شيئاً.