اليوم الكلمة قد تكون أخطر من أي سلاح، خاصة لو كانت كلمة خاطئة غير صحيحة وملغومة، وحظيت بمساحة للانتشار في أوساط المجتمع.

يمكننا وصفها بـ»الإشاعة» أو «المعلومات الكاذبة» أو «المضللة»، لكنها في النهاية تبقى مجموعة كلمات، أو حتى كلمة واحدة، من شأنها إقلاق حياة المواطنين والمقيمين في أي بلد.

لذلك يوجه دائماً باتباع التعليمات والإرشادات أو اعتماد التصريحات والمعلومات التي تنشرها الجهات الرسمية، هذه الجهات التي يقع على عاتقها عبء كبير، يتمثل بكونها الواجهة الرسمية التي تعتمدها الدولة لمخاطبة الجمهور وإيصال الرسائل المعتمدة لهم.

في ما يمر به العالم اليوم بشأن فيروس كورونا (كوفيد19)، آخر ما ينقص المجتمع هي الكلمات أو الجمل أو المعلومات التي تحرف الحقائق، والتي تنشر معلومات مضللة، فتتسبب بمزيد من الهلع والخوف والتوجس.

ما نمر به حالة توجد في عديد من الدول، تفرض عليها اتخاذ إجراءات واضحة وشفافة وحازمة في نفس الوقت، لأن الهدف هنا ليس فرض سطوة رسمية، أو إجبار الناس على القيام بأمور فيها «ترف» حرية الاختيار، بل الهدف هو حماية الوطن وأهله ومن يقيم فيه من أي خطر.

وعليه التدقيق فيما يصلكم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وما أكثرها من أمور ترسل، هو الأمر المطلوب، ومقارنته بما يصدر من الجهات الرسمية أمر لازم، وفي هذا التعامل تأسيس صحيح ومثالي للنموذج الذي يجب أن يتمثل به المواطن حينما يتعامل في إطار وضعية معينة تمس بالبلد.

وهنا نقطة هامة أيضاً، إذ عملية ضبط النفس، والتعامل بمسؤولية عالية المستوى، والسيطرة على الوضع، كلها أمور لا بد من أن تغرس لدى الأجيال الشابة وحتى فئة الأطفال، إذ اليوم حتى صغار السن يعون ويعرفون ما يحصل في البلد، خاصة فيما يتعلق بمسألة مكافحة فيروس كورونا (كوفيد19)، إذ يخطئ من يظن بأن الصغار لا يعلمون ولا يدركون ما يحصل، وأقلها تساؤلاتهم بشأن الجلوس في المنزل بدل الذهاب للدراسة، مسألة تفرض التساؤلات. بالتالي دور أولياء الأمور طمأنة أبنائهم وتعليمهم كيفية اتباع الإرشادات والتوجيهات الرسمية، وكيف يبنون الثقة مع الدولة عبر أجهزتها الرسمية، باعتبار أن هذه الأجهزة وجدت لخدمة المواطن، وهي حريصة على سلامتهم، عبر الالتزام بواجبها تجاههم، وفي المقابل واجب المواطن هو الثقة بدولته، واتباع تعليماتها التي تهدف لتحقيق الصالح العام.

لا تساهم في نشر المعلومات إن لم تكن متأكداً وواثقاً منها، وإن لم تكن صادرة عن جهة رسمية موثوقة تمثل الدولة. وإن كنت ذا صفة تجعلك ضمن الشخصيات العامة، أو حتى ممثلاً للشعب عبر مجلس النواب، أو ناشطاً في مجال ما، لا تزد الطين بلة حينما تحاول، ولو من منطلق حسن النية، أن تلعب دور الجهات الرسمية المختصة، أو تتداخل على خطوطها بشأن عملية التوعية والإعلان عن المعلومات والتطورات.

حينما نتحدث عن العمل وفق منظومة متكاملة، فإننا نعني التمثل والالتزام بميزان الحقوق والواجبات، بمعنى أن عليك واجبات تجاه الدولة عبر الالتزام بالقوانين والتوجيهات واللوائح المنظمة، والدولة بدورها تمنحك حقوقك المتمثلة بقيامها بواجبها عبر حمايتك وتوفير البيئة الآمنة اجتماعياً ومهنياً لك، وكذلك توفير الرعاية الصحية.

من يريد الاستماع للإشاعات وتصديقها فهو حر في ذلك، لكن لا ترتكب جريمة بحق مجتمعك، حينما تتحول لناقل لأمور قد تكون مغلوطة أو لا صحة لها، فآخر ما ينقص المجتمع في مواجهة أي أزمة، هو تحول البعض لأزمات بأنفسهم تزيد الطين بلة.