اليوم هو السبت، بهذا يكون قد مر على تصريح الرئيس حسن روحاني ومفاده أن «الأحوال في إيران ستعود إلى طبيعتها ابتداء من يوم السبت» أسبوع كامل «الحديث كان عن السبت الماضي». اليوم - بل منذ انتهاء ذاك السبت - تأكد أن الأمور سارت على غير ما يشتهي روحاني وخامنئي وتفاقمت، فأعداد المتوفين فاقوا الـ 100 وأعداد المصابين بفيروس كورونا فاقوا الـ 3000 والواضح أن أرباب النظام يزدادون تخبطاً ولم يعودوا قادرين على التعامل مع الأزمة.

تقرير مهم نشرته قبل أيام صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية من جهد الصحافيين فرناز فصيحي وديفيد كيركباتريك تضمن معلومات كثيرة وفضائح أكدت عدم قدرة النظام على التعامل مع هكذا طارئ، ويكفي مثالاً أن الفيروس أصاب حتى الآن نحو 30 مسؤولاً وعضواً برلمانياً من بينهم نائبة الرئيس وعضو تشخيص مصلحة النظام «توفي بسبب الفيروس».

الجهد الذي بذله الصحافيان أوصلهما إلى تبين حقائق مؤلمة منها أن مسؤولي النظام عمدوا إلى تهديد العاملين في المستشفيات بعدم إفشاء أي معلومة تبين ما يجري وخصوصاً فيما يتعلق بأعداد المصابين والمتوفين، وأنهم يفرضون على الأطباء عدم كتابة السبب الحقيقي لموت المصابين في شهادات الوفاة.

التقرير ذكر أن الأطباء الذين تمكن الصحافيان من التواصل معهم أكدوا أنهم بدلاً من تلقي العون من الحكومة فإنهم والممرضين يتلقون تحذيرات من القوات الأمنية بأن يبقوا صامتين وألا يسربوا أي معلومة تظهر معاناة النظام في تعامله مع الفيروس. كما يورد التقرير نقلاً عن اختصاصي علم أمراض بارز في طهران قوله إن موظفي المختبرات الذين يقومون بفحوص فيروس كورونا قالوا إنه تم تهديدهم بالتحقيق معهم والاعتقال إن قدموا أي معلومات لوسائل الإعلام الإخبارية. ويقول الصحافيان «إنه بحسب مقابلات هاتفية ورسائل نصية مع عدد من موظفي الصحة في إيران فإن السلطات تبدو قلقة حول السيطرة على المعلومات أكثر من السيطرة على الفيروس»، ويضيفان بأن» كل من تحدث معنا فإنه تحدث بشرط عدم ذكر اسمه بسبب التهديدات».

التقرير يهتم أيضاً بالإشارة إلى أن النظام الإيراني تهاون في التعامل مع الفيروس واعتبر نفسه قادراً على مواجهته رغم معرفته بأنه لا يمتلك أدوات المواجهة التي تضمن له الانتصار في مثل هذه المعركة، بل أنه قام بإرسال جزء من مخزون الكمامات إلى الصين !

معلومة أخرى خطيرة يذكرها الصحافيان في تقريرهما هي أن السلطات قامت «يوم الثلاثاء الماضي بإطلاق سراح 54 ألف سجين لم تبدُ عليهم أي أعراض، وذلك في محاولة لمنع تفشي العدوى في السجون المكتظة، إلا أنه لم يكن من الواضح من الإعلان عدد السجناء الذين تم فحصهم» الأمر الذي يؤكد تخبط النظام وعدم معرفته كيفية التعامل مع الأزمة، ويعني أيضاً أنه السبب وراء تفشي الفيروس في كل الأقاليم وانتقاله إلى الدول المجاورة عبر قاصدي السياحة الدينية بشكل خاص، من دون أن يتعلم من خطئه الأول والأكبر وهو عدم منع السفر إلى الصين ومنها فور علمه بوجود إصابات بالفيروس تتزايد في بعض مدنها.

تقرير «نيويورك تايمز» قال أيضاً «ليست هناك أجهزة فحص ولا معقمات وأجهزة وقاية موجودة في البلد بما تقتضيه سرعة انتشار هذا المرض.. وهذا هو السبب بأن الواقع أسوأ بكثير مما تعكسه الأرقام الرسمية».

الوضع الذي فيه النظام الإيراني اليوم يقلق كل دول المنطقة، فتمكن الفيروس من إيران يعني احتمالية انتقاله لها بشكل أكثر فحشاً، والظاهر أنه لا مفر من إقدام العالم على التدخل للمساعدة، فالسبت الذي وعد به روحاني لم يأتِ.. والأكيد أنه لن يأتي لو استمر النظام الإيراني في عناده واعتقاده بأنه سيجعل الفيروس يولي الدبر.