نعيش في حياة ملؤها الخداع، فالحكومات حول العالم تخدعنا في بعض الأمور، والإعلام يخدعنا لصالح غاياته ومموليه، والناس تخدع بعضها البعض. لعلك توافقني الرأي، لكن هل خطر ببالك عند قراءة مقدمتي تلك أنها خدعة هي الأخرى؟! وهل تعتقد أنك أحد ممارسي الخداع؟ إن لم يكن مع الآخرين فمع نفسك. تُرى.. أيمكن للمرء منا أن يخدع نفسه؟!! لم لا؟!! ربما بلا وعي.!!!
يشير علماء النفس إلى «الإسقاط» كخدعة نفسية نمارسها تجاه أنفسنا، تتلخص بهجومنا على الآخرين أو ما نوجهه لهم من اتهامات سلبية على شكل لوم أو استنقاص من نقاء الآخرين، والطعن في سلوكهم وممارساتهم ونواياهم بإلصاق العيوب والنقائص فيهم. يأتي ذلك على هيئة أحكام نحو «فلان: كاذب/ سارق/ خبيث/ قبيح» أو على هيئة ممارسة دور الضحية وتجريم الآخر «فلان يكرهني/ تسبب لي في كذا/ حال دون حدوث أمر ما لي»، والحقيقة أننا نمارس ذلك لنواري أخطاءنا وعيوبنا الداخلية، وما هو إلا انعكاس لما نحن عليه، فنلصق عيوبنا ونقائصنا ودوافعنا المكبوتة في الآخرين أو نوجهها لهم على هيئة هجوم.
هل لاحظت يوماً أن الناجحين هم أكثر من يصب عليهم جام غضب الناس من حولهم وتكثر حولهم الأحاديث وتروج حولهم القصص والنقائص؟ ما ذلك إلا تعبير عن نقيصة الفشل لدى هؤلاء الغاضبين، ولعلك لمست تحويل الإيجابيات الشخصية إلى سلبيات في المجتمع «فالناجح دراسياً معقد، والناجح مهنياً يدعي المثالية، والناجح في زواجه محتال كبير، والجميلة «مليقة»، والذكي المحاور متفلسف.. والقائمة تطول».
في كتابه «السماح بالرحيل» يشير د.ديفيد ر. هاوكينز إلى موضوع الإسقاط في إطار حديثه عن قمع المشاعر وكبتها وكيف تتعامل معها عقولنا، مبيناً أن ما نكبته من مشاعر الخوف والذنب يختزن لدينا ثم نسقطه على العالم من حولنا، «فنعيش تجربة الشعور وكأنه ينتمي «لهم» وبهذا يصبحون «هم» العدو»، وأن عقولنا في رحلة بحثها عن مبررات لتلك الحالة تتوجه إلى «لوم الناس والأماكن والمؤسسات والطعام والأحوال المناخية والأحداث الفلكية والقدر والإله والحظ والشيطان والأجانب والجماعة الإثنية والخصوم السياسيين»، إلخ.
ومما أثارني في حديث هاوكينز مسألة ربما عشتها واختبرتها في وقت سابق عندما كنت أكتب في المجال السياسي، إذ يعتبر الإسقاط تفسيراً لـ«كل الحروب والصراعات، والشغب المدني. وحتى التشجيع على كره العدو صار سبباً كي تصبح «مواطناً صالحاً»، فنحن نحافظ على احترامنا لذواتنا على حساب الآخرين». ولو تمعنت في كلماته تتساءل بحق، هل نحن ملزمون أن نتجرد من إنسانيتنا ومن محبتنا للبشرية وسلامنا لنتعاطى مع العدو بأحقاد وضغينة للقول بصلاح مواطنيتنا أو نزاهتنا كشعب على حساب الآخر؟!! ذلك السؤال يأتي بعيداً عن كل الاعتبارات السياسية أو الاقتصادية القائمة التي قد لا يكون لنا شأن مباشر فيها كشعوب.
* اختلاج النبض:
إنما هي دعوة للتفكر في طريقة تعاطينا مع الآخرين والغوص في أعماقنا لاختبار تجارب إسقاطنا على العالم من حولنا وإصلاح الخلل من الداخل بدلاً من إثارة الفوضى والأحقاد والغضب خارجياً.
{{ article.visit_count }}
يشير علماء النفس إلى «الإسقاط» كخدعة نفسية نمارسها تجاه أنفسنا، تتلخص بهجومنا على الآخرين أو ما نوجهه لهم من اتهامات سلبية على شكل لوم أو استنقاص من نقاء الآخرين، والطعن في سلوكهم وممارساتهم ونواياهم بإلصاق العيوب والنقائص فيهم. يأتي ذلك على هيئة أحكام نحو «فلان: كاذب/ سارق/ خبيث/ قبيح» أو على هيئة ممارسة دور الضحية وتجريم الآخر «فلان يكرهني/ تسبب لي في كذا/ حال دون حدوث أمر ما لي»، والحقيقة أننا نمارس ذلك لنواري أخطاءنا وعيوبنا الداخلية، وما هو إلا انعكاس لما نحن عليه، فنلصق عيوبنا ونقائصنا ودوافعنا المكبوتة في الآخرين أو نوجهها لهم على هيئة هجوم.
هل لاحظت يوماً أن الناجحين هم أكثر من يصب عليهم جام غضب الناس من حولهم وتكثر حولهم الأحاديث وتروج حولهم القصص والنقائص؟ ما ذلك إلا تعبير عن نقيصة الفشل لدى هؤلاء الغاضبين، ولعلك لمست تحويل الإيجابيات الشخصية إلى سلبيات في المجتمع «فالناجح دراسياً معقد، والناجح مهنياً يدعي المثالية، والناجح في زواجه محتال كبير، والجميلة «مليقة»، والذكي المحاور متفلسف.. والقائمة تطول».
في كتابه «السماح بالرحيل» يشير د.ديفيد ر. هاوكينز إلى موضوع الإسقاط في إطار حديثه عن قمع المشاعر وكبتها وكيف تتعامل معها عقولنا، مبيناً أن ما نكبته من مشاعر الخوف والذنب يختزن لدينا ثم نسقطه على العالم من حولنا، «فنعيش تجربة الشعور وكأنه ينتمي «لهم» وبهذا يصبحون «هم» العدو»، وأن عقولنا في رحلة بحثها عن مبررات لتلك الحالة تتوجه إلى «لوم الناس والأماكن والمؤسسات والطعام والأحوال المناخية والأحداث الفلكية والقدر والإله والحظ والشيطان والأجانب والجماعة الإثنية والخصوم السياسيين»، إلخ.
ومما أثارني في حديث هاوكينز مسألة ربما عشتها واختبرتها في وقت سابق عندما كنت أكتب في المجال السياسي، إذ يعتبر الإسقاط تفسيراً لـ«كل الحروب والصراعات، والشغب المدني. وحتى التشجيع على كره العدو صار سبباً كي تصبح «مواطناً صالحاً»، فنحن نحافظ على احترامنا لذواتنا على حساب الآخرين». ولو تمعنت في كلماته تتساءل بحق، هل نحن ملزمون أن نتجرد من إنسانيتنا ومن محبتنا للبشرية وسلامنا لنتعاطى مع العدو بأحقاد وضغينة للقول بصلاح مواطنيتنا أو نزاهتنا كشعب على حساب الآخر؟!! ذلك السؤال يأتي بعيداً عن كل الاعتبارات السياسية أو الاقتصادية القائمة التي قد لا يكون لنا شأن مباشر فيها كشعوب.
* اختلاج النبض:
إنما هي دعوة للتفكر في طريقة تعاطينا مع الآخرين والغوص في أعماقنا لاختبار تجارب إسقاطنا على العالم من حولنا وإصلاح الخلل من الداخل بدلاً من إثارة الفوضى والأحقاد والغضب خارجياً.