هنا جانب من المعلومات التي تعين بعد تبينها على معرفة العقلية التي تحكم إيران من 41 عاماً: المصابون بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) في إيران حتى يوم الاثنين الماضي أكثر من 23 ألف شخص والمتوفون بسببه أكثر من 17 ألف شخص. النظام الإيراني يقف عاجزاً أمام الفيروس فطلب المساعدة وحصل على بعض الأموال. النظام رفض العرض المقدم من الولايات المتحدة إيماناً منه بنظرية المؤامرة، وبدلاً من قبولها ومن دون معرفة تفاصيلها قال المرشد الأعلى للنظام علي خامنئي في كلمة له قبل أيام بمناسبة العام الإيراني الجديد والمبعث النبوي الشريف بأن الأمريكان «كاذبون ووقحون وطامعون وظالمون وتجتمع فيهم كل الصفات السيئة» وقال بثقة «خلال 40 عاماً تبين لنا بأن للبلاد إمكانات تمكنه من الوقوف بوجه التحديات... وبإمكاننا اليوم أن نصل بإيران إلى قمة العلم والسياسة والصناعة في العالم» أي أن النظام سينتصر على الفيروس القاتل من دون الاستعانة بأحد، رغم أن هذا يتناقض مع تحرك المسؤولين الإيرانيين الذين عمدوا إلى الحصول على المساعدات بما فيها الكمامات وأجهزة التنفس والملابس الخاصة التي يرتديها الأطباء الذين يقومون بعلاج المصابين بالفيروس.

هذا التناقض الذي يعيشه النظام الإيراني يكشف العقلية التي تحكم إيران، والمثال الآخر عليه بعد الذي قاله خامنئي هو ما قاله قبل يومين الرئيس حسن روحاني وملخصه أن الفيروس سينتهي بعد أسبوع أو أسبوعين، وهو ما لا يمكن لأحد من الإيرانيين أن يصدقه، فقد قال قبل عدة أسابيع بأن «السبت المقبل» ستكون نهاية الفيروس!

واقع الحال يؤكد بأن النظام الإيراني يعيش ورطة كبيرة وأنه لم يتوقع أن يأتي اليوم الذي يعاني فيه بهذا الشكل، والمثير أنه يعتقد بأن التصريحات النارية من مثل «معجزة الثورة الإسلامية أصبحت واقعاً على الأرض» و«العديد من البلدان اليوم تتعاون وتتواطأ مع بعضها ضد إيران» التي ركز عليها خامنئي في خطابه الأخير لا تزال قادرة على القيام بدور المخدر للشعب الإيراني الذي هو اليوم أكثر وعياً ويدرك أن كل ما يقوله مسؤولوه مشكوك في صحته وأن كل ما يرفضونه من عروض لإنقاذه من الفيروس القاتل سببه الخوف على النظام من الزوال وليس الخوف عليه.

بغية التغطية على عجز النظام الإيراني في مواجهة الفيروس الذي يحصد الإيرانيين عمد مسؤلوه إلى الترويج لفكرة أن الأمريكيين متهمون بأنهم هم من أنتج الفيروس، وهو ما قاله خامنئي في الخطاب نفسه واعتبر ذلك مبرراً كافياً لرفض عرض المساعدة الأمريكية، وزاد «عندما يكون هناك مثل هذا الاتهام، فأي عاقل سيثق بكم كي تزودوه بالدواء؟.. أنتم لا تتحلون بالمصداقية.. وقد يكون دواؤكم أداة تساهم في انتشار المرض أكثر» ! قال ذلك رغم أنه قال أيضاً بأن لدى النظام الإيراني علماء وأطباء على مستوى عالٍ وامتدحهم. فأي قيمة لهؤلاء إن لم يتمكنوا من اكتشاف «المؤامرة» في الدواء الأمريكي؟!

النظام الإيراني يغطي على فشله في مواجهة الفيروس القاتل بالترويج لتلك الفكرة بل والقول بأن الفيروس «مصمم لإيران»! من دون أن ينتبه مسؤولوه إلى أن الفيروس فتك حتى الآن بالآلاف في الصين وإيطاليا وإسبانيا وينتشر في كل العالم وأنه لم يقصر مع الأمريكان فأصاب في يوم واحد فقط نحو 5000 أمريكي في ولاية نيويورك وحدها.

العالم يتألم وهو يشاهد الإيرانيين وهم يفقدون أرواحهم بسبب عقلية النظام الحاكم في إيران وإصراره على أن ما يحدث مؤامرة المراد منها إحراجه والتمهيد لإسقاطه، ويتألم أكثر وهو يقرأ ويسمع عن رفض النظام لعرض دولة متقدمة مثل الولايات المتحدة للمساعدة بالربط بين ذلك العرض والعقوبات الاقتصادية التي لا تخص إيران وحدها!