حينما أعلن عن إطلاق الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة «بحريننا»، وتحديداً عندما دشنت قبل عام بالضبط في مارس من العام 2019، كتبت هنا مقالاً ابتدأته بتساؤل عام مفاده: هل نحتاج في البحرين إلى خطة لتعزيز الانتماء الوطني؟!

لم يكن سؤالاً ينتقد، بل كان سؤالاً يتضمن أبعاداً لما بعده، فبعد ما حصل في عام 2011، واتضاح التصاق عشرات الآلاف من غالبية شعب البحرين المخلص بأرضهم ونظامهم، وبيان كيف أن الوطنية كانت ركيزة أساسية في حماية الوطن، باتت عملية تعزيز المواطنة والأهم «نقلها» و«تشريبها» للأجيال القادمة «مهمة أساسية»، فعملية حماية الوطن والالتصاق به، واعتباره أحد المقدسات الأساسية في تركيبة الشخص وقناعته لا بد من أن تكون عبر عملية «تأسيس» لصغار السن، وعملية «تعزيز» للأعمار الأخرى.

قد أفكر مع نفسي وأقول إنني «وطني» و«محب لأرضي» حتى النخاع، «موالٍ» لنظامي وقائده جلالة الملك، فهل هذا يكفي؟! كفرد أنا ملتزم بثوابتي وواجباتي، لكن دوري لم ينتهِ عندها، فأنا أحمل مسؤولية نقل هذه «الأمانة الوطنية» لأبنائي ومحيطي والمجتمع، فالمجتمع الراسخة دعائمه والمبنية على الوطنية والانتماء هو مجتمع من الصعب هزه أو اختراقه أو اختطافه.

لذلك الخطة الوطنية «بحريننا» والتي جاءت بمبادرة من أحد أبرز الرجال الوطنيين الأقوياء في الدفاع عن البحرين، معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية، وبمتابعته كرئيس للجنة تنفيذها، دخلت الذكرى الأولى لتأسيسها محققة للعديد من أهدافها، وتاركة بصمات واضحة ومؤثرة في المجتمع، ونجحت في وضع «غراس طيب» لدى أجيال البحرين باختلاف أعمارهم وتنوعهم.

هذه الخطة التي انبثقت من روح المشروع الإصلاحي لجلالة الملك ومبادئه وأسسه، أبرز أرقامها الضخمة المؤثرة مثلما بين وزير الداخلية في كلمته بالأمس، تمثلت بمبادرة أبناء البحرين للتطوع للعمل ضمن الخطة الوطنية لمواجهة إنتشار فيروس كورونا، إذ أكثر من 30 ألف تطوع في خلال وقت قصير جداً، وهذا بحد ذاته مؤشر يكشف لكم «حجم الحب» و«حجم الالتصاق» و«حجم الانتماء الوطني» وحجم «الإحساس بالمسؤولية» تجاه هذا الوطن العزيز، هذا الوطن الذي هو أغلى ما نملك.

هذه الخطة ضمت 105 مبادرات، وتم تنفيذ 82 منها في زمن قياسي، مع قياس أثرها الإيجابي في الفئات المنخرطة في هذه المبادرات، وعدد الجهات الرسمية التي شاركت فيها مشكورة، وضمت خمسة مسارات أساسية، نذكر بها وهي كالتالي:

* أولاً: برامج الانتماء: برامج تهدف إلى تكوين الشعور الفردي بالانتماء الوطني من خلال تفاعل كافة مكونات المجتمع والشركاء، وتشمل 13 مبادرة.

* ثانياً: حملات العلاقات العامة: برامج وأنشطة منظمة تهدف إلى تعزيز القيم البحرينية لدى الجمهور بالتعاون مع كافة الشركاء، وتشمل 12 مبادرة.

* ثالثاً: مبادرات الإعلام: تشمل مجموعة من الأنشطة الإعلامية المختلفة التقليدية وغير التقليدية التي تهدف إلى تعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة، وتشمل 16 مبادرة.

* رابعاً: مبادرات المناهج والمقررات: مبادرات تستهدف تطوير المناهج التعليمية والأنشطة في مؤسسات التعليم المختلفة من أجل ضمان تعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة، وتشمل 14 مبادرة.

* خامساً: مبادرات التشريعات والأنظمة: تقوم هذه المبادرات على مراجعة كافة القوانين والأنظمة الوطنية في مملكة البحرين للتأكد من عدم وجود ما يتعارض مع تعزيز الانتماء الوطني ونشر القيم البحرينية. إضافة إلى إصدار تشريعات وأنظمة جديدة تحمي المجتمع من التحديات. وتشمل 15 مبادرة.

كبحريني أنا فخور جداً بما أراه، فخور بهذه الخطة، وانعكاساتها الإيجابية على الفئات المختلفة، خاصة فيما يرتبط بالتصاقهم أكثر بوطنهم، فلقد رأيت بعيني ولمست بروحي وكياني، مثلما فعل كثيرون غيري كانوا على الخط الأول للخطر في 2011، كيف أن الوطن كاد أن يضيع ويختطف لولا هذا الولاء والارتباط والانتماء الذي «اتقد» بداخل كيان كل بحريني غيور، كيف برز وانفجر كما البركان في وجه التهديدات للبحرين.

ولن أجد أفضل تأكيداً على ما قاله وزير الداخلية بالأمس، بأن تعزيز الولاء والانتماء الوطني، وتقوية أركانه، هو ما يصنع حائط الحماية الأول للمجتمع.

حفظ الله البحرين وشعبها من كل شرّ وكيد.