البحرين حالها حال أكثر من 200 دولة ومقاطعة على هذه الأرض، تغلغل فيها الوباء وأصاب ناسها، لكن الفرق بين البحرين وأغلب الدول التي وصلتها الجائحة أن الرحمن حباها بقيادة عرفت بالإيثار وحريصة على صحة شعبها والمقيمين على أرضها مهما كانت التكلفة ومهما اضطرت أن تقدم من تضحيات.

فقبل الإعلان عن أولى حالات الإصابة بفيروس كورونا في ٢٤ فبراير وحتى اليوم وهذه القيادة التي يمثلها خير تمثيل، صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد، نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، حفظه الله وسدد خطاه، وهي تبذل الغالي والنفيس من أجل أن يبقى أهل هذا البلد وضيوفها بخير وعافية. حيث قاد «بوعيسى» حالة استنفار قصوى على أعلى المستويات بعيداً عن الأضواء، ومنذ يناير - أي قبل شهر كامل من أول إصابة - شكل اللجان ذات الخبرة والفرق من مختلف التخصصات واستعان بالخبراء من داخل وخارج البلاد كي تكون البحرين جاهزة طبياً ومالياً وأمنياً لاستقبال «الزائر الشرير».

ولم يتردد هذا الرجل القائد في اتخاذ القرارات الضرورية والصعبة قبل «الزيارة» وخلالها، فأمر بتجهيز المحاجر الصحية وتوفير كافة الاحتياجات لها كما أمر بإغلاق المدارس والجامعات حرصاً على فلذات الأكباد مع أول ظهور لفيروس كورونا وبعدها أطلق «حزمة إنقاذ» سخية أراحت المواطن وخففت عليه آثار دخول الوباء حدود البلد، فأسقط رسوم الكهرباء وكبح جماح الأقساط وتكرم بدفع راتب المواطن داخل وخارج الحكومة.

إدارة سموه للأزمة لاقت إعجاب العالم، فأشادت منظمة الصحة العالمية بالجهود التي قادها في مكافحة فيروس كورونا. والسفير الأمريكي السابق آدم إيرلي، في مقال مطول، أشاد بقدراته القيادية وبخطواته الاستباقية التي جعلت البحرين تحتوي الوباء بسرعة. والسفير الأمريكي الحالي عبر عن تقديره لأداء البحرين في التعامل مع المرض المعدي وأشاد بالنسبة العالية من الفحوصات. ودول الجوار الشقيقة طلبت التعرف على تجربة البحرين الناجحة في منع انتشار الوباء.

ومع وصولنا إلى منتصف الشهر الثاني من تعاملنا مع فيروس كورونا نشهد يومياً تحركات تصب في مصلحة الناس يقوم بها الفريق المكلف بمواجهة الوباء، وبإشراف مباشر من سمو ولي العهد رعاه الله. فالطاقم الطبي يطوف المدن والقرى ليفحص المواطن والمقيم ويطمئن عليهما «وهي خطوة حظيت بإعجاب المتابعين». وطاقم الشرطة يزور الأسواق ليخاطب المقيمين بلغتهم ويدعوهم بكل رقي واحترام للالتزام بالتعليمات الصحية. والطاقم العسكري يشرف على المحاجر الصحية باقتدار وبشهادة من هم في الحجر أنفسهم ويتحمل مسؤولية تشييد وتشغيل مشفى ميداني مجهز بأحدث الأجهزة والأدوات. وطاقم المفتشين يتابع حركة السوق ويضمن حماية المستهلك من جشع بعض التجار. والطاقم الإعلامي ينقل المؤتمرات الصحفية وينتج البرامج التوعوية ويبث التنبيهات ليل نهار. وطاقم السفارات والشؤون الخارجية ينظم عمليات الإجلاء الواحد تلو الآخر للعالقين في الخارج. كل الطواقم والفرق تعزف معزوفة عنوانها التكاتف والاجتهاد بقيادة الأمير سلمان.

ولعل أحد أسرار القيادة الناجحة لصاحب السمو الملكي ولي العهد، هو إيمانه بفكرة تشكيل الفرق التي تتجاوز تعقيدات البيروقراطية وتحقق الأهداف في وقت أسرع لأنها لا تعمل حسب التراتبية التقليدية. والمعروف في علم الإدارة الحديثة أن محاسن تشكيل الفرق كثيرة خاصة في المؤسسات الضخمة مثل الحكومات وأبرزها أنها تعطي مساحة للإبداع والابتكار وتشجع على التعاون وتلغي بعض الأساليب الإدارية الجامدة والأكيد أن الفرق هي الحل الأذكى والأمثل في أوقات الصعوبات.

ما يقوم به صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير سلمان خلال أزمة فيروس كورونا، يعد إنجازاً يحق لنا أن نفخر به، فبحسن إدارته وحرصه على سلامة أهله وأبناء وطنه وكذلك ضيوف بلده استطاع أن يجعل البحرين تتفوق على دول كبيرة كنا نظن أنها أكثر جهوزية واستعداداً للتصدي للأمراض.

وقد أوصانا سيد الخلق صلى الله عليه وسلم بشكر الناس حيث قال «لا يشكر الله من لا يشكر الناس»، لذلك لا يسعنا سوى أن نشكر القائد الأمير المحنك الذي بفضل حكمته نبتعد شيئاً فشيئاً عن مخاطر انتشار العدوى ونرفع القبعة احتراماً وتقديراً لفريقه - فريق البحرين - الذي أبهرنا أداؤه وأثبت لنا وللعالم كفاءته.