الحاجة أم الاختراع، مقولة تصدق دائماً، حينما يحس الإنسان أنه بحاجة لابتكار أمور تسهل عليه حياته، وأحياناً لابد له من القيام بشيء، لأن الوضع الحرج يحتم عليه التحرك، والتاريخ يثبت بأن إبداعات البشر طوال العصور كانت من خلال ابتكارات خلقتها الحاجة.

في وضع مثل الذي نعايشه اليوم، هناك حاجة ملحة لابتكار حلول ومعالجات بإمكانها المساهمة في التعامل مع وباء كورونا، سواء للحد منه، أو التشافي منه، أو القضاء عليه نهائيا.

الكل يبحث اليوم عن «مصل» أو «علاج» معتمد، من خلاله تتم معالجة الحالات المصابة، أو يمكن من خلال حقنه للناس أن يجنبهم خطر الإصابة، وهذا هو الابتكار أو الاختراع الأول الذي يبحث عنه الجميع حول العالم.

لكن هناك حاجات ملحة معنية بعملية إنقاذ المصابين، ومعالجة الناس، ولو رأينا اليوم ما يحصل حول العالم سنجد أن الحاجة الملحة تتمثل في مقام أول في عملية توفير الأجهزة الطبية المساعدة على إنقاذ الناس، وتحديداً أجهزة التنفس الصناعي، خاصة في ظل خطورة الفيروس على الجهاز التنفسي لدى المصاب، والحاجة لأعداد كبيرة من هذه الأجهزة لإنقاذ الناس.

إحصائيات الوفيات حول العالم بسبب فيروس كورونا تشير إلى أن السبب الأول يعود لفشل الجهاز التنفسي على مقاومة تأثيرات الفيروس، وعدم القدرة على توفير أجهزة التنفس الصناعي للحالات المصابة، بحيث عددها أقل بكثير عن أعداد المصابين، وهذا الأمر برز للسطح بشكل كبير وبات مادة إعلامية يومية، ولعل أشهر ما أبرزه الإعلام هو الجدل الدائر بين عدد من حكام الولايات الأمريكية مع الرئيس الأمريكي نفسه بشأن نقص أجهزة التنفس الصناعي.

وسط هذه المعمعة، شهدت البحرين مبادرة تحولت إلى إنجاز جميل نفتخر به، جاء من منطلق الحاجة لمجابهة تفشي فيروس كورونا، وعبر تصميم أول جهاز تنفس صناعي بحريني، وأبطال هذا الإنجاز مهندسان يعملان في حلبة البحرين الدولية، هما كامل الطعان وطارق التاجر.

هذا إنجاز مهم لابد وأن يسلط عليه الضوء، وأن نفتخر به في البحرين، إذ رغم توفير حكومة البحرين لكافة المتطلبات والاحتياجات المعنية بمكافحة المرض ومعالجة المصابين به «مجاناً»، وإجراء الفحوصات الطبية هائلة العدد «مجاناً»، إلا أن الرغبة في المساهمة والبذل والعطاء وترك بصمة مؤثرة، هي سمات يتميز بها الإنسان البحريني، وهي ما أفرزت لنا جهوداً عديدة ومبادرات إيجابية مثل هذه المبادرة، في وقت تقدر فيه البلد كل جهود أبنائها.