يبدو أن مسلسل الدراجات النارية في البحرين، كما حال بقية المسلسلات المكسيكية أو التركية، لا نعرف بدايتها من نهايتها، فكل يوم نسمع بحوادث جديدة، واستعراضات بهلوانية مميتة، ومخالفات خطيرة لا حصر لها من بعض الشباب المستهتر في شوارعنا.

ففي آخر قصة اشتهرت بها هذه الظاهرة وانتشرت بشكل كبير، هو قيام بعض المستهترين من الشباب بقيادة مجموعة من الدراجات النارية بشكل خطير للغاية في أحد أهم الشوارع العامة ازدحاماً في البحرين، وصادف مرور إحدى الفتيات الغيورات في ذلك الوقت، فقامت بتصويرهم، مما أدى إلى وقوع الشاب المخالف في قبضة المرور.

ليس هذا بالمستغرب، وليس «هذا مربط الفرس» كما يقولون، بل كل الاستغراب يقع في ردود أفعال بعضهم من هذه الممارسات المشينة والخطيرة. إذ إن الكثير من التعليقات وردود الأفعال المصاحبة لهذا الخبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، كانت ضد تصوير الفتاة للشاب المخالِف، وعدم التفاتهم للمخالف نفسه، وكأنها ارتكبت جرماً برصدها أحد أهم المخالفات المميتة التي يحاسب عليها قانون المرور في البحرين.

حجة هؤلاء، بأن الفتاة هي المخالِف في هذا المشهد، لأنها قامت بتصوير المخالِفين باستخدام هاتفها الجوال أثناء السّواقة، وهذه مخالفة أشد من مخالفة أصحاب «المواتر سيكل»!!

ولتوضيح زاوية الفكرة والصورة أكثر، سنضرب لهؤلاء مثالاً حيَّاً حول هذا الموضوع. فلو رأينا أحدهم يشهر سكيناً مثلاً لقتل أحدهم في الشارع، وصادف أثناء ذلك مرورنا بالسيارة، فقمنا بتصوير المشهد مضطرين لرفعه للعدالة أو للجهات المختصة، فهل سنُلام حينها بسبب التصوير؟ أم سنكون أبطال المشهد، لأننا ساعدنا العدالة، حين قمنا بتصوير الجريمة لإثباتها؟

قد يقول بعضهم أن هناك فرقاً شاسعاً بين القتل وبين سياقة الدراجات النارية بشكل مخالِف. ونحن نقول، بأنه لا يوجد أي فرق، فمن يقوم بحركات مميتة أثناء السياقة تعرضه للموت أو تعرض مرتادي الشارع للموت أيضاً، بنسبة تقترب من اليقين، فهنا لا فرق بين هذا المخالف وبين من يشهر السكين لقتل أحدهم، ففي كلتا الحاليتن، فإن احتمالية وقوع القتل المتعمد أو حتى المحتمل واردة في المشهدين. ومن هنا فإن تصوير «الفتاة الشجاعة» أثناء السياقة لمخالفة مميتة لإنقاذ من يسير في الشارع، وحفاظاً على أرواح الناس في المستقبل -حتى ولو كانت مضطرة للمخالفة- تعتبر مخالفتها «المجبورة عليها» حافظة لأرواح العشرات، وحتى أرواح أولئك الشباب أنفسهم.

إننا نرجو من كل شخص يقوم بالتعليق، مدافعاً عن المخالفين الصريحين، أن يكف عن هذا الأمر، لأنهم يحرضون الشباب بشكل مستتر على المخالفة، كما أنهم يحْرِفون الرأي العام عن الواقع، لتُتَّهم الفتاة الغيورة التي لولاها لما عرفنا الحقيقة، ولما استطاع رجال المرور القبض على المخالفين. نحن لا نشجع أبداً على استخدام الهاتف أثناء السياقة، إلا إذا كان في ذلك حفظ أرواحٍ محترمة.