تتلبسني فكرة، وأنا أتابع ما يكتب في الصحافة العربية، مفادها أن من يكتب هو «ضميرنا المستتر» إن صح التعبير. أو هو ضميرنا الغائب على الأرجح، فلكل واحد منا ضميره المستتر الذي يحركه وينوب عنه، ليس في الكتابة فحسب، بل حتى في الحفلات و«العزائم» وتبادل الأحاديث. فلا أحد تقريباً يكتب بنفسه، قد يفكر بـنفسه، نعم، ولكنه عندما يكتب فإنه يضطر إلى اللجوء إلى ضميره المستتر. وهذا الضمير قد يكون تقديره نحن أو أنت «الآخر» أو أنتم أو هم أو هي، ولكنه لا يكون إلا فيما ندر هو نفسه، هو ذاته. ومن أمثلة ذلك الكاتب الناصري الذي لا يجد ضميره الغائب أي حرج في الدفاع عن التطبيع، والكاتب الماركسي الذي يتعاطف ضميره المستتر مع الأصولية الدينية الطائفية، في أكثر تجلياتها انغلاقاً، والكاتب المتشدد الذي لا يرى ضميره المستتر أي مندوحة في التجليات المضادة لقناعاته. ولكن الذي بقي يفاجئ حقيقة هو أن يكون منظور التطبيع والنكوص عن الثوابت عندنا على هذه الدرجة من الضحالة في التفكير والتحليل والرؤية، وعلى هذه الدرجة من انعدام الإرادة وفقد الأمل الذي يترجمونه يومياً بضرب الثوابت الجامعة. فإذا كانت السياسة هي فن إدارة «اللحظة»، فلا عيب في أن يكون لكل واحد منا رأيه و«سياسته»، ولكن للسياسة وجهين، وجه يعني الوعي والتقدم ومحاولة الإسهام في كل ما هو حضاري، ووجه يسوده التلون والاضطراب وعدم الثبات والانتهازية والمتاجرة بكل شيء تقريباً. وانطلاقاً من المعنى الأول يكون المثقف غارقاً في السياسة فاعلاً فيها، ومساهماً في التقدم.. ويكون في الثاني مجرد لاعب قمار، يبحث عن لحظة ربح خاسرة. بما يمتلك من استعدادات متضاربة قابلاً للتلون والانتقال في المواقف باسم الحاجة حيناً وباسم الأمن الذاتي حيناً آخر، وبسبب ضعف في الموهبة غالباً.
* همس:
في الطريق إلى الحلم،
يزاحمني ضيق المكان،
وحصار اللحظة.
الوردة البيضاء،
وأجنحة الحمام
تراودني بلا جدوى.
أمشي في الشارع الطويل،
وحيداً،
أتحسس ما بقي من وجهي،
فلا أجد ما بقي من بقاياي،
سوى قلبي.
* همس:
في الطريق إلى الحلم،
يزاحمني ضيق المكان،
وحصار اللحظة.
الوردة البيضاء،
وأجنحة الحمام
تراودني بلا جدوى.
أمشي في الشارع الطويل،
وحيداً،
أتحسس ما بقي من وجهي،
فلا أجد ما بقي من بقاياي،
سوى قلبي.