التلازم بين المواطنة والديمقراطية كثقافة وكممارسة، أمر ضروري وأساسي، ويعد الضمانة الأساسية لاستقرار المجتمع. ولكن للأسف هنالك من يحاول جاهداً، وبلا هوادة، استبعاد المواطنة كأساس للتعايش، ويقترح في المقابل حلولاً بديلة يحتمون بها، ولذلك يعمدون، في سبيل تكريس مصالحهم الضيقة، إلى تخويف الناس من أن يكونوا أفراداً أحراراً، يتمتعون بحرية فكرهم واختيارهم، إنهم لا يريدون «مواطنية» بل يريدونها فئوية محصنة ضد «دولة المواطنة»، وحين تبدأ المجتمعات بالتعبير عن نفسها بهويات فئوية، فهذا يعني بداية انتهاء الدولة والدخول في نفق مظلم من الانقسامات والصراعات والمواجهات. فمهما بالغنا في الحديث عن التعايش والتسامح، فإننا في ظل هذه البنى الصاعدة التي تعمق أسباب التصنيف الفئوي، فلن نجد قاعدة للمساواة بين المواطنين على أساس هوياتهم الوطنية الجامعة، في مفارقة بين رفع شعارات الدولة المدنية الديمقراطية، وبين تكريس الفئوية فكراً وشعاراً وممارسة وانعزالاً، من دون الشعور باحتمالات الوقوع في مأزق فكري وأخلاقي وسياسي.
ولذلك من الطبيعي أن تظهر بعض الممارسات غير السوية، مثل التقليل من مواطنة الآخرين، وامتهان كرامتهم ومعتقداتهم باسم حرية التعبير، ونشر الصور النمطية عنهم، بما يتجاوز القيم والمبادئ الديمقراطية نفسها. بذلك تتكشف حقيقة مفزعة هي وليدة الإفلاس الفكري والسياسي، بأن نسق القيم الثقافي الذي نشأ ونما مع نشوء الشعور الوطني والقومي والإنساني التحرري، يتعرض اليوم إلى التآكل والانهيار في الحياة العامة، وفي الإعلام، في لغة التخوين والتخويف والتحقير والسباب، نتيجة لانفصال المعرفة عن الأخلاق وعن قضايا الناس والمجتمع، وعن العقلانية والثوابت الجامعة للأوطان وللبشر في كل مكان.
ولا شك هنا أن الأمر له علاقة بثقافة الشعوب والتي تعد من العوامل الرئيسية، في تكريس وتجسيد المواطنة المتساوية كقيمة وكفعل، أو الحد من هذا الاتجاه، ولكن الديمقراطية كفكر وكممارسة في أجهزة الدولة والمجتمع، تكسب هذه المواطنة فرصة أكبر للبروز والتجسد على صعيد الواقع، حتى وإن كانت تركيبة المجتمع على درجة كبيرة من التنوع والتعدد الاجتماعي والاثني والثقافي.
ولكن، للأسف، فمثلما أفرغت الدولة العربية، نفسها من أهم مضامينها التحررية، ونكصت عن التعبير عن التطلعات التحررية في التقدم والعدالة والحداثة والوحدة، فإن بعض الجماعات نكصت هي الأخرى عن الثوابت، وحولت الفكر إلى شعار عدمي، مستعيضة به عن الانخراط فيما هو عقلاني وواقعي، ضمن الأفق الإنساني.
* همس:
أبحث عن نفسي
تاهت في ثنايا الطريق،
أناطح سماء غربتي،
في محراب الأناشيد.
وفي لحظة العقم الأبدي،
أقرع باب حيرتي،
دون اشتهاء،
فلا أعثر على الزنبقة،
خلف بقايا الحلم.
ولذلك من الطبيعي أن تظهر بعض الممارسات غير السوية، مثل التقليل من مواطنة الآخرين، وامتهان كرامتهم ومعتقداتهم باسم حرية التعبير، ونشر الصور النمطية عنهم، بما يتجاوز القيم والمبادئ الديمقراطية نفسها. بذلك تتكشف حقيقة مفزعة هي وليدة الإفلاس الفكري والسياسي، بأن نسق القيم الثقافي الذي نشأ ونما مع نشوء الشعور الوطني والقومي والإنساني التحرري، يتعرض اليوم إلى التآكل والانهيار في الحياة العامة، وفي الإعلام، في لغة التخوين والتخويف والتحقير والسباب، نتيجة لانفصال المعرفة عن الأخلاق وعن قضايا الناس والمجتمع، وعن العقلانية والثوابت الجامعة للأوطان وللبشر في كل مكان.
ولا شك هنا أن الأمر له علاقة بثقافة الشعوب والتي تعد من العوامل الرئيسية، في تكريس وتجسيد المواطنة المتساوية كقيمة وكفعل، أو الحد من هذا الاتجاه، ولكن الديمقراطية كفكر وكممارسة في أجهزة الدولة والمجتمع، تكسب هذه المواطنة فرصة أكبر للبروز والتجسد على صعيد الواقع، حتى وإن كانت تركيبة المجتمع على درجة كبيرة من التنوع والتعدد الاجتماعي والاثني والثقافي.
ولكن، للأسف، فمثلما أفرغت الدولة العربية، نفسها من أهم مضامينها التحررية، ونكصت عن التعبير عن التطلعات التحررية في التقدم والعدالة والحداثة والوحدة، فإن بعض الجماعات نكصت هي الأخرى عن الثوابت، وحولت الفكر إلى شعار عدمي، مستعيضة به عن الانخراط فيما هو عقلاني وواقعي، ضمن الأفق الإنساني.
* همس:
أبحث عن نفسي
تاهت في ثنايا الطريق،
أناطح سماء غربتي،
في محراب الأناشيد.
وفي لحظة العقم الأبدي،
أقرع باب حيرتي،
دون اشتهاء،
فلا أعثر على الزنبقة،
خلف بقايا الحلم.