لم يكن هناك داعٍ لأن يستدرك رئيس غرفة تجارة و صناعة البحرين أمس الأول وينوه أن الدراسة التي نشرتها أخبار الخليج السبت لم تنشرها الغرفة! وهي دراسة خاصة عن آثار تدفق الاستثمار الأجنبي على السوق البحرينية، فنشرها حق عام وهي ليست سراً من أسرار الدولة القومية.

وليس هناك داعٍ أن يتعذر بأنها صدرت العام الماضي، لأننا نتحدث عن فارق عدة أشهر.

أو أن يضطر أن يمدح الإجراءات الحكومية لإنعاش القطاع الخاص في زمن فيروس كورونا فذلك مديح كلنا نمدحه وفعلاً تستحقه الحكومة عن جدارة. فقد فعلت حكومة البحرين ما لم تفعله دول عظمى في هذا الوقت، ولكن محور الدراسة مختلف تماماً عن إجراءت الدعم الاقتصادي، ولا يعني أنها نجحت في سياسة أما أنها لتفشل في أخرى.

وحسناً فعلت الغرفة بإجرائها تلك الدراسة وبعرضها على النواب وكان حرياً بها أن تنشرها هي لا أن تحصل عليها الصحيفة بطريقتها الخاصة!

وحتى نكون موضوعيين جداً سنترك الآراء المطروحة لحل الإشكالية أو التوصيات أو عدد المشاركين لإبداء الرأي في هذه الدراسة جانباً، فالرأي يختلف عليه، إنما ما يهمنا فيها ولن نختلف عليه هو ما ورد فيها من أرقام ونسب وإحصائيات، ومن بعدها ليكن الباب مفتوحاً لرأي الحكومة أولاً فهي المعنية والتي نود سماعه ومن ثم الباب مفتوح لجميع الذين يهمهم وضع السوق وإصلاحه.

والمعلومات التي نشرتها الدراسة كالتالي:

أولاً: أظهرت الدراسة زيادة في معدلات تحويلات الأجانب والتي كانت 890.1 مليون دينار في 2016 ووصلت إلى 1229.1 مليون دينار في 2018 أي بزيادة قدرها 339 مليون دينار بحريني.

ثانياً: تم استحداث 92 ألف وظيفة بين 2014-2018. حصل الأجانب على 88 ألف وظيفة. في حين حصل البحرينيون على 4 آلاف وظيفة في الفترة نفسها أي بنسبة 3.5% فقط للبحرينيين.

ثالثاً: زيادة ملحوظة في عدد شركات الشخص الواحد، فكانت 586 شركة أجنبية و705 شركات بحرينية قبل 2016. وزادت بعد قرار زيادة تملك الأجانب إلى 3618 شركة أجنبية حتى 2019 بمعدل نمو 517%، وعدد 1091 شركة بحرينية بمعدل نمو 55% لصالح الأجانب.

رابعاً: زاد عدد الشركات ذات مسؤولية محدودة خلال الفترة نفسها، فزادت من 2991 شركة أجنبية قبل 2016 إلى 7361 حتى 2019 بواقع 146%، فيما زادت الشركات البحرينية من 2778 إلى 5427 بواقع 95%.

أخيراً رصدت الدراسة وجود 18 قطاعاً اقتصادياً يسمح به بتملك الأجانب بنسب كبيرة فمثلاً، قطاع الأنشطة المهنية والعلمية والتقنية مسموح فيه بتملك الأجانب 80%.

قطاع الأعمال الإدارية تملك 50% للأجانب.

قطاع المعلومات والاتصالات مفتوح للأجانب 80%.

قطاع الفنون والترفيه والرياضة 73%.

قطاع السياحة والضيافة والمطاعم 62%.

قطاع الصناعة 92%.

قطاع الخدمات المالية والتأمين والضرائب مفتوح 100%.

قطاع التعدين واستغلال المحاجر مفتوح 50%.

القطاع العقاري مفتوح 50%.

قطاع التعليم مفتوح 100%

قطاع الصحة والأنشطة الاجتماعية مفتوح 100%.

هذه الأرقام هي ما يهمنا الآن حتى نبني نقاشنا على قواعد مشتركة فلا تكون مجرد آراء قابلة للتداول والاختلاف، فإن اتفقنا على صحتها فبناء عليها نفتح باب النقاش ونسأل الحكومة ما الفائدة التي عادت على المواطن البحريني إن كان موظفاً في القطاع الخاص أو كان تاجراً أو صاحب رأس مال من هذه القرارات والقوانين وهذه السياسة الاقتصادية؟

ثم ما الفائدة التي عادت على دخلنا القومي وعلى نمونا الاقتصادي؟

ثم أخيراً ما هو انعكاس هذه السياسة على نوعية الخدمات والسلع المقدمة وانعكاسها على موردنا واستدامتها؟

لسنا أعداء هنا مع الحكومة حتى نوجه لها السؤال ولا نترصد الأخطاء أبداً أننا جميعاً في مركب واحد ونجاح الحكومة من نجاحنا الذي نفاخر به الأمم، إنما نحن نسير كالقطار الذي لا يتوقف في محطة التقييم والمراجعة والصيانة ولا نريد أن نرى آثاراً مدمرة وخطيرة وخللاً في السوق تراه العين المجردة حتى قبل هذه الأرقام الخطيرة، ومع ذلك كلنا آذان صاغية لنرمي الآراء والتوصيات التي جاءت بها الدراسة بعرض الحائط، ونأخذ بغيرها إن كانت أفضل، إنما لا يمكن الصمت أو التجاهل ولا الاعتذار عن نشر معلومات هامة وخطيرة كتلك التي جاءت في الدراسة... وكلنا الآن آذان صاغية.