أدت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في تسهيل العمل الخيري و قطعت أشواطاً تخطت فيها بيروقراطية الجمعيات الخيرية وبطء تجاوبها.
فانتشرت مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي تجمع التبرعات وتوصلها للمحتاجين حيث تصل الحاجة في نفس اليوم أحياناً، إن كان طعاماً أو كان جهاز تكييف أو فرناً أو ثلاجة أو غيره.
وتعددت سبل التبرعات فهناك مجموعات لا تقبل أموالاً بل ترشدك إلى المحتاج وترشدك لمكان التبرع وعليك أن تذهب بنفسك وتوصل الحاجة لهم، وهناك من يجمع المال ويرمم بيوت الفقراء ويبحث عن أرخص الأسعار في مواد البناء وفي المقاولين الذين يتساهلون إن كان العمل فعل خير، وهناك من يستلم من الكاش ويبحث لك عن أرخص الأسعار من قطع الأثاث ويشتري الحاجة ويوصلها ويرسل لك الرصيد والصور قبل وبعد، وهناك من يشتري كوبونات الأكل من المحلات الهايبر الكبيرة ويوزعها على الأسر بحيث لا يسمح باستبدالها لشراء أي شيء آخر، وتوزع الكوبونات على الأسر المحتاجة وتصلهم لبيوتهم.
وزاد عدد المتطوعين في هذه المجموعات، وأصبح لديهم باحثون اجتماعيون يدرسون الحالة ويحددون احتياجاتها، وأصبح لديهم قاعدة بيانات كونوها عن الأسر التي تحتاج إلى دعم متواصل، بل إن العديد من المجموعات تتبادل المعلومات حتى لا تتكرر الازدواجية بين أعمالهم.
يتميز عمل هذه المجموعات بالسرعة وبإيصال الحاجة لبيوت المحتاجين والجميل أن الناس بدؤوا يثقون بهذه المجموعات لأنها ترى تبرعاتها وقد وصلت للمحتاجين فوراً بلا تأخير.
حتى المحتاجون يبحثون عن تلك المجموعات بعد أن تتأخر المساعدات عليهم إن هم سعوا للجمعيات الخيرية، وتوطدت علاقات شخصية بين الأسر المحتاجة والقائمين على تلك المجموعات لأنهم يتواصلون معهم مباشرة.
إلى أن تحركت الحكومة وقالت إن هناك البعض يستغل هذه الوسائل لجمع تبرعات ربما لجهات مشبوهة وإن تلك المجموعات لا تخضع للرقابة وليس هناك تتبع للأموال التي تجمعها، فأرسلت في طلب القائمين على تلك المجموعات (مدير أو مديرة الجروب) وأخضعتهم للتحقيق - وهذا حقها - فنحن مع مخاوف وهواجس الحكومة، ونتفق على أن العملية بحاجة إلى تنظيم ورقابة مالية حتى لا يندس بين هؤلاء من له مآرب أخرى.
إنما على الحكومة أن تمارس دورها الرقابي والتنظيمي بما لا يفسد آلية ومرونة حركة هذه المجموعات وسرعتها فهو ما يميزها، بمعنى أنه صحيح ألا تعمل أي مجموعة أو فرد بجمع المال إلا بترخيص، إنما لتخضع لرقابة لاحقة لا سابقة، بمعنى أن تلزم تلك المجموعات على أخذ ترخيص لجمع المال من أي جهة رسمية كوزارة العدل باعتبارها أموال صدقات وزكاة، وألا يجمع أي مبلغ عبر وسائل التواصل إلا مرفقاً برقم الترخيص، ثم بعد ذلك تخضعها لتفتيش دوري أكثر من مرة في السنة للتأكد من سلامات التعاملات المالية، وأن يدرب من يرأس المجموعة على مسك دفاترة والاحتفاظ بأرصدته... ولن أدخل في التفاصيل أكثر فتلك أمور إدارية، ولكن المطلوب سرعة البت بهذا الأمر فنتيجة هذا التأخير وتلك القيود أن تعطلت العديد من أنشطة فاعلي الخير، ومنعت الحاجة عن الكثير من المحتاجين... وكل ذلك في ذمتكم يا حكومة.
على الهامش
هذه رسالة غير مباشرة إلى ما آلت إليه العديد من الجمعيات التي كبرت وتوسعت وأصبحت جهازاً بيروقراطياً يصرف على عدد من الموظفين وعلى بناء المقرات وعلى تحمل تكاليف التشغيل الكثيرة، فتحولت إلى جهاز حكومي بطيء، وضاعت بوصلتها وخسرت طعم وحلاوة العطاء المباشر.
{{ article.visit_count }}
فانتشرت مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي تجمع التبرعات وتوصلها للمحتاجين حيث تصل الحاجة في نفس اليوم أحياناً، إن كان طعاماً أو كان جهاز تكييف أو فرناً أو ثلاجة أو غيره.
وتعددت سبل التبرعات فهناك مجموعات لا تقبل أموالاً بل ترشدك إلى المحتاج وترشدك لمكان التبرع وعليك أن تذهب بنفسك وتوصل الحاجة لهم، وهناك من يجمع المال ويرمم بيوت الفقراء ويبحث عن أرخص الأسعار في مواد البناء وفي المقاولين الذين يتساهلون إن كان العمل فعل خير، وهناك من يستلم من الكاش ويبحث لك عن أرخص الأسعار من قطع الأثاث ويشتري الحاجة ويوصلها ويرسل لك الرصيد والصور قبل وبعد، وهناك من يشتري كوبونات الأكل من المحلات الهايبر الكبيرة ويوزعها على الأسر بحيث لا يسمح باستبدالها لشراء أي شيء آخر، وتوزع الكوبونات على الأسر المحتاجة وتصلهم لبيوتهم.
وزاد عدد المتطوعين في هذه المجموعات، وأصبح لديهم باحثون اجتماعيون يدرسون الحالة ويحددون احتياجاتها، وأصبح لديهم قاعدة بيانات كونوها عن الأسر التي تحتاج إلى دعم متواصل، بل إن العديد من المجموعات تتبادل المعلومات حتى لا تتكرر الازدواجية بين أعمالهم.
يتميز عمل هذه المجموعات بالسرعة وبإيصال الحاجة لبيوت المحتاجين والجميل أن الناس بدؤوا يثقون بهذه المجموعات لأنها ترى تبرعاتها وقد وصلت للمحتاجين فوراً بلا تأخير.
حتى المحتاجون يبحثون عن تلك المجموعات بعد أن تتأخر المساعدات عليهم إن هم سعوا للجمعيات الخيرية، وتوطدت علاقات شخصية بين الأسر المحتاجة والقائمين على تلك المجموعات لأنهم يتواصلون معهم مباشرة.
إلى أن تحركت الحكومة وقالت إن هناك البعض يستغل هذه الوسائل لجمع تبرعات ربما لجهات مشبوهة وإن تلك المجموعات لا تخضع للرقابة وليس هناك تتبع للأموال التي تجمعها، فأرسلت في طلب القائمين على تلك المجموعات (مدير أو مديرة الجروب) وأخضعتهم للتحقيق - وهذا حقها - فنحن مع مخاوف وهواجس الحكومة، ونتفق على أن العملية بحاجة إلى تنظيم ورقابة مالية حتى لا يندس بين هؤلاء من له مآرب أخرى.
إنما على الحكومة أن تمارس دورها الرقابي والتنظيمي بما لا يفسد آلية ومرونة حركة هذه المجموعات وسرعتها فهو ما يميزها، بمعنى أنه صحيح ألا تعمل أي مجموعة أو فرد بجمع المال إلا بترخيص، إنما لتخضع لرقابة لاحقة لا سابقة، بمعنى أن تلزم تلك المجموعات على أخذ ترخيص لجمع المال من أي جهة رسمية كوزارة العدل باعتبارها أموال صدقات وزكاة، وألا يجمع أي مبلغ عبر وسائل التواصل إلا مرفقاً برقم الترخيص، ثم بعد ذلك تخضعها لتفتيش دوري أكثر من مرة في السنة للتأكد من سلامات التعاملات المالية، وأن يدرب من يرأس المجموعة على مسك دفاترة والاحتفاظ بأرصدته... ولن أدخل في التفاصيل أكثر فتلك أمور إدارية، ولكن المطلوب سرعة البت بهذا الأمر فنتيجة هذا التأخير وتلك القيود أن تعطلت العديد من أنشطة فاعلي الخير، ومنعت الحاجة عن الكثير من المحتاجين... وكل ذلك في ذمتكم يا حكومة.
على الهامش
هذه رسالة غير مباشرة إلى ما آلت إليه العديد من الجمعيات التي كبرت وتوسعت وأصبحت جهازاً بيروقراطياً يصرف على عدد من الموظفين وعلى بناء المقرات وعلى تحمل تكاليف التشغيل الكثيرة، فتحولت إلى جهاز حكومي بطيء، وضاعت بوصلتها وخسرت طعم وحلاوة العطاء المباشر.