حينما تتعرض الدولة لأزمة، فإن الجميع لا بد من أن يمتثل بدوره ويكون على قدر المسؤولية، وعليه فإن من يحب بلاده، ويسعى للصالح العام لا يمكن أن يتناسى أهمية دوره الفردي، بالتالي «الاستهتار» و«اللامبالاة» هما جريمة ترتكب بحق واجبك الوطني في ظل أي أزمة.

أكتب هذا وقد أحزنني ما قرأته عن دخول أحد المصابين بفيروس «كورونا» لأحد المستشفيات ومحاولته نقل المرض بشكل متعمد للأطباء، عبر السعال مباشرة عليهم، والسعال في يده ومحاولة إمساكهم.

ما هذا التصرف؟! ولماذا حصل؟! ولماذا هذا الأسلوب المليء بالجحود تجاه كوادر طبية تخاطر بنفسها حتى تهتم بالمصابين وتعالجهم؟!

في بداية ظهور هذا الفيروس انتشرت عدة مقاطع لأشخاص حول العالم أصيبوا بالـ«كورونا»، وصوروا أنفسهم وهم يضعون لعابهم أو يعطسون على عملات ورقية ومعدنية والهدف مداولتها لاحقاً بين الناس ليصابوا، وكذلك فيديوهات لأشخاص يحاولون نشر اللعاب أو رذاذ عطاسهم في مرافق عامة، مثل القطارات ووسائل المواصلات المشتركة والهواتف العمومية، وحتى وصلت المسألة لتلويث أزرار الضغط على الأرقام في أجهزة الصرافة الآلية.

يومها العالم بأسره استنكر مثل هذه التصرفات «غير السوية» والتي لا تصدر عن شخص «يتمثل بالمسؤولية»، بل أشخاص غير مستقرين نفسياً أو عقلياً لدرجة تدفعهم لإيذاء الآخرين.

في شأن «كورونا» الشعور السائد عند الناس «منطقياً» يكون عبر تمني الشفاء للآخرين، ومساعي تجنب الإصابة، ونسبة التوعية المكثفة بشأن الفيروس كانت تؤكد للناس بأن هذا المرض غير قاتل لكنه سريع الانتشار، ومن يصاب به لديه نسب عالية للتعافي بناء على مناعة الجسم، والتحدي كان «منع انتشاره» و«السيطرة عليه»، لذلك كانت آليات التعامل من خلال «التباعد الاجتماعي».

لكن مثل هذه الأمثلة من البشر الذين يتصرفون وكأنهم يريدون نقل العدوى للآخرين، بل وصلت فيهم لمحاولة إصابة الأطباء الذين يعالجون الناس، أمثلة تجعل المجتمع يقلق أكثر من وجود أشخاص لا تهمهم «المصلحة العامة» المعنية بالوطن وأهله ومن يقيم فيه، بل تدفع الناس للتوجس من محاولة العودة لحياتهم الطبيعية شيئاً فشيئاً، لأن مثل هذه الحالات قد توقعك في خطر الإصابة حتى لو كنت متخذاً لأقصى درجات الحيطة والحذر.

الأخبار بالأمس أشارت للقبض على الشخص ومعاقبته بالقانون، وهنا لا بد من التأكيد على أهمية العقوبات المغلظة بحق أي شخص يتصرف بلا مسؤولية وباستهتار ولا مبالاة مما يعرض المجتمع للخطر.