نعم تحصل، ويمكن لشخص واحد أن يؤزم الوضع الداخلي في وزارة أو مؤسسة، أو يجعلها على الصعيد الخارجي عرضة للانتقادات القاسية من قبل الناس.

هنا أتحدث عن نوعية من الموظفين تعمل بأسلوب «أنا ومن بعدي الطوفان»، بحيث لا تعنيهم صورة المؤسسة أو الوزارة، لا تعنيهم سمعتها ولا نظرة الناس والمجتمع لها، ولا يهمهم أبداً إن كان عملها في اتجاهات صحيحة أو خاطئة، تهمهم مصلحتهم فقط، بالتالي لا يكترث الفرد منهم إن كان هو بنفسه من يشوه صورتها في الخارج، يذم كل شيء، ولا يمدح أي شيء، وفي النهاية ينتظر راتبه منها آخر الشهر، بل ويريد زيادات وعلاوات!

لذلك وجدت مصطلحات مثل «الولاء المؤسسي» و«حفظ أسرار العمل» و«الالتزام الوظيفي» لتحاول عبر ممارساتها أن تخلق «الارتباط الصحي» المطلوب بين الشخص والمكان الذي يعمل فيه، بحيث يعتبره كبيته مثلاً، وعليه يهمه شكل هذا القطاع ويدفعه للتمثل بصورة «السفير الإيجابي» له في الأوساط المجتمعية.

أتفهم بعض المشكلات والمعوّقات والظواهر الخاطئة التي تحصل في بعض الوزارات أو المؤسسات، وقد يكون كثير منها بسبب أساليب إدارية غير صحيحة بالتالي يتولد شعور سلبي لدى الأشخاص العاملين في هذه القطاعات، لكن ما يصعب تفهمه «نسبة القبول» بتحول الشخص إلى «عدو» لمكان عمله.

كثير من الحالات التي وصلتني من شكاوى لموظفين في مواقع عمل، حاولت تفكيك أصل هذه المشكلات، وبصراحة أقول إن كثيراً منها عبارة عن «مشكلات شخصية» مبعثها الإحساس بالظلم أو الكره تجاه المسؤول، أو ادعاء الأحقية في التقدير دون إنتاجية عمل أو استحقاق، بالتالي هذه النوعية هي من تهدم سمعة قطاعات حين تتحدث عنها بالسوء في الخارج، سوء نسبة الحقيقة فيه معدومة!

هي نصيحة من باب تأصيل الأخلاقيات في مواقع العمل، إذ مهما وجدت من نواقص ومشكلات في المكان الذي تعمل فيه، فإن طريقة حلها لا تكون عبر الحديث عنها ونشرها في الأوساط الاجتماعية وإثارة الفوضى وأنت محسوب على هذا المكان، وإن كنت لا تستطيع تغييرها من موقعك ولا عبر مواجهة المسؤول المباشر ومصارحته، فإن تركها لمن هو أعلى سلطة لملاحظتها ورصدها وحلها هو الأسلوب الأمثل، لأن الحديث عن خصوصيات مواقع العمل في خارج هذه المواقع مسألة يمكن تحويرها لتتحول إلى إفشاء أسرار عمل أو مساع لتشويه سمعة المكان أو أفراد فيه.

طبعاً النصيحة أعلاه للأشخاص العقلاء حتى لا يتضرروا نتيجة التهور، لكن في المقابل هناك أشخاص يتعاملون مع أعمالهم ومسؤوليهم بأساليب شخصية انتقائية «أنانية» ترتبط بهم فقط، وإن لم يتحقق لهم ما أرادوا، لديهم القدرة ببساطة لتصوير الجنة على أنها «جهنم الحمراء»، فما بالكم بموقع عمل!