من يعرف البحرين ويعرف طبيعة أهاليها منذ مئات السنين يعرف أنها تمثل بحق مقولة الجسد الواحد والبيت الواحد، من يعرف البحرين يعرف كم هي الطيبة المتجذرة في قلوب أبنائها، ويعرف كيف يحترم كل فرد فيها الآخر.

شخصياً كنت شاهداً على تلك الأخلاق، وعلى تلك العادات التي كانت ومازالت بين العوائل ووسط الفرجان والأزقة في مختلف مدن وقرى المملكة، فلا تعرف بيت من من تلك البيوت ينتمي للمذهب السني وبيت من ينتمي للمذهب الشيعي، بل لم يكن لفظ الطائفية لفظاً دارجاً في كثير من الحقب وعبر العديد من الأزمنة.

في أيام المناسبات الدينية للطائفة الشيعية الكريمة كانت توزع الأكلات الشعبية على جميع المنازل دون استثناء، ودون النظر لملة أصحاب تلك المنازل سواء كانوا من طائفة أخرى أو حتى معتقد آخر غير الدين الإسلامي الحنيف.

كانت البحرين ومازالت تحظى بقيادة حكيمة تؤمن بحرية الأديان والمعتقدات، وتمنح الحرية لممارسة كافة الشعائر، وهو ما جعل من البحرين أنموذجا في التعايش السلمي منذ القدم حتى يومنا هذا.

كنا متكاتفين ومازلنا وسنبقى، ولكن علينا أن نعترف لكي نبقى كما كنا بأن هناك دائما من يعمل ويحاول لكي يعكر ذلك الصفو، هناك من يتربص، وهناك من يدس السم في العسل، إذًا ندائي للعقلاء يكون للجميع، ندائي لإخواني من السنة ألجموا من يعمل على زرع بذور الفتنة وإذكاء نار الطائفية.

وندائي لإخواني الشيعة هو النداء نفسه، ألجموا من يجعل المذهب مطية لأهداف نتنة، ووسيلة للتفريق وهدم بناء الحب والتسامح والتعايش، وتأكدوا أن مقتل الحسين عليه السلام هو مصاب جلل على جميع المسلمين، ولا وجود لقاتله بيننا لا في البحرين ولا خارجها.

ندائي لجميع أهالينا، تلك المناسبات الدينية كانت سببا للترابط والتآزر والوحدة، فلتبقَ كذلك مثلما كانت، فلا خير في أمة يحارب بعضها بعضًا.

إذا كانت الفتنة نائمة في دول أخرى، فهي لم تخلق بعد لدينا، ولن تخلق في قادم الأيام، وإن حاول بعض الأصوات النشاز من هنا وهناك مجرد المحاولة، فسيئدها السني قبل الشيعي، وسيلجمها الشيعي قبل السني.

وستبقى البحرين تحت قيادة آل خليفة تقدم النماذج الواحد تلو الآخر على طيب القلوب، وعلى محبة الجميع للجميع، وعلى فكر أبنائها العالي والراقي، وعلى تقبل الآخر، وعلى عدم التفرقة.