ما هذه (الهبه) الجديدة التي تنتشر في البحرين، حيث الشكوى من وجود العقوبات على المخالفات، أكثر من الشكوى على المخالفات، والتظلم والتحسب على الدولة لأن الغرامة (كبيرة)، وكأن القاعدة هي أن الغرامة تقدر كي تتناسب وتتلاءم مع قدرات الناس على دفعها لا أن تقدر بحسب ضررها على المجتمع!!
لا أسمع شكوى من الوقوف الخاطئ، ومن التجاوز في مكان ممنوع، ومن البناء المخالف، ومن العديد من المخالفات، ولكن أسمع الشكوى من مقدار المخالفات، الأدهى أن الجهر بهذا الفهم المغلوط ونشره وتعميمه وانتشاره وقبول الناس له وتأييده يدل على أنه فهم سائد، حيث يعتقد الناس أنه من العدل والإنصاف أن تقدر الغرامة بحسب قدرة الناس على الدفع، أصبحنا ندعو إلى تقليل الغرامات كي نستطيع أن ندفعها، لا أن ندعو إلى عدم المخالفة من الأصل!!
بمعنى دعوني أعطل السير وأوقف طابور السيارات خلفي؛ لأني لا أريد أن أسير قليلاً بعد أن أوقف سيارتي في المكان المخصص لمواقف السيارات، دعوني أعطل مصالح الناس حين أسد الطريق أمام غيري في مكان ممنوع أن أتواجد فيه، دعوني أستهِن بوقت الآخرين، دعوني أعرض حياتهم للخطر، دعوني أوسخ بلدي وأترك مخلفات البناء، دعوني أشوه صورتها دعوني أنشر المرض دعوني .. ودعوني .. فإن فعلت فلتكن المخالفة بحسب قدرتي على الدفع كي أدفع وأكمل (المسيرة) فهذا هو العدل والإنصاف!!
المشكلة أن هذا الطرح يلقى تجاوباً، بل إن مقالي هذا يمكن أن يثير الناس ضدي، إذ كان من المفروض أن أدعو للتساهل مع المخالفين وأتنكر للملتزمين بالقانون الذين يأخذون المسار الصحيح ويتحملون أحياناً بعض الصعوبات على أن يتسببوا في تعطيل مصالح الآخرين، هؤلاء لا حقوق لهم إنما الحقوق والتساهل للمخالفين، أي منطق هذا؟
أصبحت الجماهير هي التي تقرر تطبيق القانون من عدمه، والتساهل مع المخالفين لم يعد سلطة تقديرية في يد القضاء كما هو المفروض كي تمنح وفقاً لتقدير القاضي الذي يلم بكافة ملابسات المخالفة، بل أصبح التساهل سلطة إجبارية في يد المجتمع يفرضها على القضاء، فالناس أصبحوا يتعاطفون مع المخالف، ويلتمسون له الأعذار ويلومون القانون إن طبق.
المفارقة أننا ننظر للدول النظيفة والمنظمة على أنها نموذج نتمنى أن تكون البحرين مثله، ونتساءل لماذا ليست البحرين نظيفة ومرتبة هكذا؟ كيف بالله عليكم ونحن من نشجع على المخالفات، ونحن من نلتمس الأعذار للمخالف ونحن من نطالب بتخفيض العقوبات كي يتمكن المخالف من دفعها بسهولة.
المشكلة حين تتساهل جهات إنفاذ القانون وهي عديدة نتيجة ضغط جماهيري ولا تترك التقدير للقضاء أن يحدد ظروف المخالف أننا امام فوضى تتمثل في آلاف المخالفات التي نراها في الشارع كل يوم لقانون المرور والصحة والبلدية والتجارة والأمن و و و، نحن لا نساعد الدولة بل نرهقها، فلسنا المؤهلين أو المخولين بتقدير استحقاق المخالف للعقوبة أو العفو عنه، القاضي هو الذي سيعرف لماذا خالف بعد التحقيق هو الذي سيرى إن كانت المخالفة هي الأولى أم هي مكررة وهو الذي سيقرر أنه سيتساهل معه هذه المرة على ألا يعيدها فتسجل عليه مخالفة حتى إذا ما عاد غلظت له العقوبة، ولكن حين تضغط الجماهير وتصور الأمر أن احتساب المخالفة ظلم وأن فرض العقوبة اضطهاد وتعسف فهذه هي الفوضى بأم عينها، وما عليك سوى أن تنظر حولك لترى لماذا لن نكون سنغافورة الخليج.
لا أسمع شكوى من الوقوف الخاطئ، ومن التجاوز في مكان ممنوع، ومن البناء المخالف، ومن العديد من المخالفات، ولكن أسمع الشكوى من مقدار المخالفات، الأدهى أن الجهر بهذا الفهم المغلوط ونشره وتعميمه وانتشاره وقبول الناس له وتأييده يدل على أنه فهم سائد، حيث يعتقد الناس أنه من العدل والإنصاف أن تقدر الغرامة بحسب قدرة الناس على الدفع، أصبحنا ندعو إلى تقليل الغرامات كي نستطيع أن ندفعها، لا أن ندعو إلى عدم المخالفة من الأصل!!
بمعنى دعوني أعطل السير وأوقف طابور السيارات خلفي؛ لأني لا أريد أن أسير قليلاً بعد أن أوقف سيارتي في المكان المخصص لمواقف السيارات، دعوني أعطل مصالح الناس حين أسد الطريق أمام غيري في مكان ممنوع أن أتواجد فيه، دعوني أستهِن بوقت الآخرين، دعوني أعرض حياتهم للخطر، دعوني أوسخ بلدي وأترك مخلفات البناء، دعوني أشوه صورتها دعوني أنشر المرض دعوني .. ودعوني .. فإن فعلت فلتكن المخالفة بحسب قدرتي على الدفع كي أدفع وأكمل (المسيرة) فهذا هو العدل والإنصاف!!
المشكلة أن هذا الطرح يلقى تجاوباً، بل إن مقالي هذا يمكن أن يثير الناس ضدي، إذ كان من المفروض أن أدعو للتساهل مع المخالفين وأتنكر للملتزمين بالقانون الذين يأخذون المسار الصحيح ويتحملون أحياناً بعض الصعوبات على أن يتسببوا في تعطيل مصالح الآخرين، هؤلاء لا حقوق لهم إنما الحقوق والتساهل للمخالفين، أي منطق هذا؟
أصبحت الجماهير هي التي تقرر تطبيق القانون من عدمه، والتساهل مع المخالفين لم يعد سلطة تقديرية في يد القضاء كما هو المفروض كي تمنح وفقاً لتقدير القاضي الذي يلم بكافة ملابسات المخالفة، بل أصبح التساهل سلطة إجبارية في يد المجتمع يفرضها على القضاء، فالناس أصبحوا يتعاطفون مع المخالف، ويلتمسون له الأعذار ويلومون القانون إن طبق.
المفارقة أننا ننظر للدول النظيفة والمنظمة على أنها نموذج نتمنى أن تكون البحرين مثله، ونتساءل لماذا ليست البحرين نظيفة ومرتبة هكذا؟ كيف بالله عليكم ونحن من نشجع على المخالفات، ونحن من نلتمس الأعذار للمخالف ونحن من نطالب بتخفيض العقوبات كي يتمكن المخالف من دفعها بسهولة.
المشكلة حين تتساهل جهات إنفاذ القانون وهي عديدة نتيجة ضغط جماهيري ولا تترك التقدير للقضاء أن يحدد ظروف المخالف أننا امام فوضى تتمثل في آلاف المخالفات التي نراها في الشارع كل يوم لقانون المرور والصحة والبلدية والتجارة والأمن و و و، نحن لا نساعد الدولة بل نرهقها، فلسنا المؤهلين أو المخولين بتقدير استحقاق المخالف للعقوبة أو العفو عنه، القاضي هو الذي سيعرف لماذا خالف بعد التحقيق هو الذي سيرى إن كانت المخالفة هي الأولى أم هي مكررة وهو الذي سيقرر أنه سيتساهل معه هذه المرة على ألا يعيدها فتسجل عليه مخالفة حتى إذا ما عاد غلظت له العقوبة، ولكن حين تضغط الجماهير وتصور الأمر أن احتساب المخالفة ظلم وأن فرض العقوبة اضطهاد وتعسف فهذه هي الفوضى بأم عينها، وما عليك سوى أن تنظر حولك لترى لماذا لن نكون سنغافورة الخليج.