لم أربِ حيواناً أليفاً في بيتي طوال حياتي، ولا أرى في أي حيوان أنه يمكن أن يكون أليفاً أصلاً (كلهم يعضون)، ولم أرث حب الحيوانات من جدتي رحمها الله، فقد ربت الغنم والدواجن في منزلنا في المحرق في ما يسمى (بالحوطة) وهو حوش ملحق بالبيت وله باب يحفظها داخله، لذلك لم أضطر إلى التعامل مباشرة مع حيواناتها إلا في الشديد القوي حين كانت جدتي تصر أحياناً أن أطعمها بقايا غدائنا، حتى تكسر هذا الخوف عندي، فكنت أفتح الباب وألقي بالطعام على الأرض وأغلقه بسرعة، وأسمع صراخ جدتي الغاضبة على هذا الفعل الشنيع (لا تقطين النعمه على الأرض) ما يضطرها إلى تنظيف الحوطة بعدي.
عجزت جدتي رحمها الله وهي تحاول أن تزرع في نفسي حب الحيوانات وتقلل من خوفي منها، كانت رحمها الله تدلل (البيتس) حقتها، أقصد حيواناتها الأليفة، فتسمي الغنمة الشقراء صباحاً والسمراء شادية، وتقص القصص عن الحب المتبادل بين الإنسان والحيوان، أما دواجنها فلا أحد ينافسها على محبتها لها أكثر من محبتها لهم حتى إنها تحلف أن ديكها يصيح (الله الله) كلما سعلت!!
ولا أنسى يوم مرضت إحدى دجاجاتها فكانت تسقيها الماء بعد أن تقوم بإذابة حبة بندول فيه، وأعتقد والله أعلم أن الدجاجة ماتت من البندول لا من مرضها، لكنه كان يوماً حزيناً على جدتي ورأيتها وهي تسير إلى (درام الخمام) لترمي جثة الدجاجة الميتة فيه كمن يسير في جنازة عسكرية، الله يرحمها.. أقصد جدتي لا الدجاجة.
ما علينا.. ومن ثم عجز أبنائي بعد ذلك عن إقناعي بتربية حيوان أليف في بيتنا، فكان ذلك خطاً أحمر إن دخل كلب بيتنا خرجت أنا من الباب، ثم وبالتي واللتيا أقنعوني بوجود طير صغير في قفص مقفل جاء هدية من خال ابنتي لها في عيد ميلادها وقبلت على مضض، على ألا يفتح باب القفص وأن تتحمل هي مسؤوليته.
النتيجة أنها كانت (طربه) أي رغبة مؤقتة ونسيته والتهت بشيء آخر، واضطررت أن أتحمل مسؤولية إلقاء الطعام له في القفص وهو مغلق كما كنت أفعل مع دجاجات جدتي، وبقي هذا الطير عدة أشهر كائناً مزعجاً بصراخه وصينية قفصه المقرفة التي أضطر أن أخرجها وأنظفها بين الحين والآخر، إلى أن توفاه الله نتيجة جريمة قتل عن طريق الخطأ ارتكبتها دون قصد.. وانتوا و(فهامتكم)!!
حصل ذات يوم أن تلقيت اتصالاً على هاتفنا الثابت (خط أرضي) قبل زمن الموبايل، وكان المتحدث أحد الوزراء يعاتبني على مقال لي في صحيفة الأيام آنذاك، واشتد النقاش بيننا فتجاوب الطائر مع حدته وبدأ يصرخ أي يغرد، وفشلت كل محاولاتي لإسكاته عن بُعد، رقصت الدبكة وأنا أدق الأرض عله يسكت. أشحت بيدي يميناً ويساراً ولو كنت في مدرج للطائرات لأنزلت الطائرة لكثرة إشاراتي، كل التعابير في الوجه استخدمتها ولا فائدة، ثم دون تفكير خلعت نعال البيت (أعزكم الله) وكانت سميكة وقذفتها على القفص وفجأة سكت الطير، دون مقدمات (جاءه صاروخ أرض أرض) وحين أنهيت المكالمة وقد نشف ريقي من الاثنين (الوزير والطير) ذهبت أتفقده فإذا به يشيح بوجهه عني (عشتوا) كرامته انجرحت.
وبقي على هذه الحال ثلاثة أيام لا يأكل الطعام ولا يشرب الماء، حتى أنبني ضميري، نعم أكره الحيوانات لكنني لا أجرؤ على إيذائها، وذنب هذا الطائر في رقبتي، لذلك اتصلت بالطب البيطري وكلمني دكتور ظريف من إخواننا المصريين، شرحت له الحالة وختمتها (دكتور الطير حي يرزق لكنه مزوزي) فرد علي (بقالي ثلاثين سنة في هذه المهنة أول مرة أسمع بهذه الأعراض يعني إيه مزوزي) قلت يعني (مالوش مآآه) أقصد مالوش نفس.
الشاهد لم تنفع استشارته الطبية فقد رفض تناول الطعام والشراب حتى بعد أن أضفت العسل للماء كما قال لي الدكتور، وبقي الطيرعدة أيام مضرباً عن الطعام ثم مات شهيداً للكرامة، فقد أبت مروءته أن يقذف بنعال وهو المعزز المكرم والمسمى «طائر الحب».
وكان ذلك آخرعلمي بحيوان منزلي أليف.
عجزت جدتي رحمها الله وهي تحاول أن تزرع في نفسي حب الحيوانات وتقلل من خوفي منها، كانت رحمها الله تدلل (البيتس) حقتها، أقصد حيواناتها الأليفة، فتسمي الغنمة الشقراء صباحاً والسمراء شادية، وتقص القصص عن الحب المتبادل بين الإنسان والحيوان، أما دواجنها فلا أحد ينافسها على محبتها لها أكثر من محبتها لهم حتى إنها تحلف أن ديكها يصيح (الله الله) كلما سعلت!!
ولا أنسى يوم مرضت إحدى دجاجاتها فكانت تسقيها الماء بعد أن تقوم بإذابة حبة بندول فيه، وأعتقد والله أعلم أن الدجاجة ماتت من البندول لا من مرضها، لكنه كان يوماً حزيناً على جدتي ورأيتها وهي تسير إلى (درام الخمام) لترمي جثة الدجاجة الميتة فيه كمن يسير في جنازة عسكرية، الله يرحمها.. أقصد جدتي لا الدجاجة.
ما علينا.. ومن ثم عجز أبنائي بعد ذلك عن إقناعي بتربية حيوان أليف في بيتنا، فكان ذلك خطاً أحمر إن دخل كلب بيتنا خرجت أنا من الباب، ثم وبالتي واللتيا أقنعوني بوجود طير صغير في قفص مقفل جاء هدية من خال ابنتي لها في عيد ميلادها وقبلت على مضض، على ألا يفتح باب القفص وأن تتحمل هي مسؤوليته.
النتيجة أنها كانت (طربه) أي رغبة مؤقتة ونسيته والتهت بشيء آخر، واضطررت أن أتحمل مسؤولية إلقاء الطعام له في القفص وهو مغلق كما كنت أفعل مع دجاجات جدتي، وبقي هذا الطير عدة أشهر كائناً مزعجاً بصراخه وصينية قفصه المقرفة التي أضطر أن أخرجها وأنظفها بين الحين والآخر، إلى أن توفاه الله نتيجة جريمة قتل عن طريق الخطأ ارتكبتها دون قصد.. وانتوا و(فهامتكم)!!
حصل ذات يوم أن تلقيت اتصالاً على هاتفنا الثابت (خط أرضي) قبل زمن الموبايل، وكان المتحدث أحد الوزراء يعاتبني على مقال لي في صحيفة الأيام آنذاك، واشتد النقاش بيننا فتجاوب الطائر مع حدته وبدأ يصرخ أي يغرد، وفشلت كل محاولاتي لإسكاته عن بُعد، رقصت الدبكة وأنا أدق الأرض عله يسكت. أشحت بيدي يميناً ويساراً ولو كنت في مدرج للطائرات لأنزلت الطائرة لكثرة إشاراتي، كل التعابير في الوجه استخدمتها ولا فائدة، ثم دون تفكير خلعت نعال البيت (أعزكم الله) وكانت سميكة وقذفتها على القفص وفجأة سكت الطير، دون مقدمات (جاءه صاروخ أرض أرض) وحين أنهيت المكالمة وقد نشف ريقي من الاثنين (الوزير والطير) ذهبت أتفقده فإذا به يشيح بوجهه عني (عشتوا) كرامته انجرحت.
وبقي على هذه الحال ثلاثة أيام لا يأكل الطعام ولا يشرب الماء، حتى أنبني ضميري، نعم أكره الحيوانات لكنني لا أجرؤ على إيذائها، وذنب هذا الطائر في رقبتي، لذلك اتصلت بالطب البيطري وكلمني دكتور ظريف من إخواننا المصريين، شرحت له الحالة وختمتها (دكتور الطير حي يرزق لكنه مزوزي) فرد علي (بقالي ثلاثين سنة في هذه المهنة أول مرة أسمع بهذه الأعراض يعني إيه مزوزي) قلت يعني (مالوش مآآه) أقصد مالوش نفس.
الشاهد لم تنفع استشارته الطبية فقد رفض تناول الطعام والشراب حتى بعد أن أضفت العسل للماء كما قال لي الدكتور، وبقي الطيرعدة أيام مضرباً عن الطعام ثم مات شهيداً للكرامة، فقد أبت مروءته أن يقذف بنعال وهو المعزز المكرم والمسمى «طائر الحب».
وكان ذلك آخرعلمي بحيوان منزلي أليف.