طوال الشهور الماضية حاولت الحكومة وحاول معها كثير من الناس العودة شيئاً فشيئاً للحياة الطبيعية رغم استمرارية وجود فيروس كورونا (كوفيدـ19) في الأجواء.

خيار العودة التدريجية أو العودة بحذر اتخذته البحرين وهي ضمن دول عديدة حول العالم قررت «استعادة» حياتها وحراكها الاقتصادي والمهني وحتى الاجتماعي، لأن الاستمرار في وضعية «تشل» أغلب القطاعات الهامة والحيوية لا تعني إلا «الخسائر» الاقتصادية والمالية المتتالية، وهذه نتائج لا يمكن لها أبداً خدمة الناس في حال استمرار هذا الفيروس لوقت أطول.

لذلك خيار العودة التدريجي كان لا بد منه، لكنه كان خياراً مشروطاً، والشرط فيه يتمثل برفع درجة المسؤولية والوعي لدى الفرد الواحد، ما يعني ضرورة التزام كل شخص، يعني التزام المجتمع كله، وهذا كان الهدف، فلا علاج يصفه الطبيب يمكن أن يشفي مريضاً طالما الأخير لا يتناوله ولا يلتزم به.

رغم وجود التزام وحذر من الكثيرين، إلا أن الحالات مازالت ترتفع، وتسطيح منحنى الانتشار والإصابة وإنزاله لحده الأدنى مازال يمثل حلماً صعب المنال، فالناس بالفعل ملت وتريد استعادة حياتها، لكن المطلوب منها الحذر والالتزام والبقاء في المنازل كخيار أمثل، وفي نفس الوقت حاولت الدولة إعادة فتح كثير من المجالات، منها السماح بعودة صالات الرياضة والمطاعم وأوجه السياحة من شواطئ وبرك، والسماح أيضاً للفعاليات المختلفة، ما يعني أن كثيراً من الناس بين الرغبة العودة المندفعة للحياة الطبيعية وبين محاذير وهواجس الإصابة وزيادة الأعداد.

بالتالي ما شهدناه في الأيام الأخيرة قد يكشف عن دخولنا مرحلة متقدمة من «التعايش» مع الوباء، مرحلة يتصرف فيها كثيرون وكأن «كورونا» اختفى تماماً وانتهى، إذ التهاون وصل حتى لدرجة نسيان «لبس الكمامات» و «الالتزام بالتباعد الاجتماعي»، ويمكن أن ترصدوا مشاهد عديدة ومستمرة لهذه الحالات، وآخرها شهدته بنفسي يوم أمس في مصعد أحد المجمعات الكبيرة حيث دخل شخصان دون كمامات، والتي لبساها فقط حينما وصلا لمدخل المجمع حيث لن يسمح لهما بدخوله دون تغطية فميهما وأنفيهما، وقيسوا على مثل هذه الشواهد.

لذلك حينما خرج سمو ولي العهد حفظه الله قبل أيام ليؤكد على ضرورة تحمل المسؤولية والالتزام فإنما هو يشير لدور المواطن في مساعدته للحكومة ولفريق البحرين في سعيهم لاستعادة حياتنا بالكامل والعودة كما كنا سابقاً، إذ هاهي المدارس تحاول فتح أبوابها وكنا نترقب، ونظراً لزيادة الأرقام تأجلت الدراسة، وحتى المدارس الخاصة التي بدأت دروسها الإلكترونية لا بد من أن يعود التلاميذ لصفوفها، والأعمال لا بد من أن تستأنف في الوزارات والهيئات، وأصحاب المشاريع والمطاعم لا يعقل أن تستمر خسائرهم، وهكذا تكثر الأمثلة.

بالتالي نسيان أن «كورونا» مازالت بيننا، و التقليل من أهمية «الالتزام الشخصي» بالاحترازات، أمور قد تضيع جهود الفرق التي تعمل بكد وتعب ونال منها الإرهاق ما نال، أمور قد تجعلنا نعاني أكثر، وقد تجعل يوم «القضاء» على «كورونا» بعيداً جداً.