أرقام الإصابات بفيروس «كورونا» ازدادت في الأيام الأخيرة بشكل غير مسبوق، حتى أن آخر الأرقام اعتبرت «قياسية» ولم تسجل فيما سبق!

هذا مؤشر غير إيجابي على الإطلاق، والأسباب تم إيضاحها والإسهاب فيها، لكنها جميعاً تتلخص تحت عنوان رئيس واحد هو «التساهل وانعدام الحذر» وهذا تجلى في اندفاع الناس لاستعادة أنماط حياتهم المعتادة عبر التجمعات والمخالطات بأعداد كبيرة، رغم النداءات الموجهة ورغم الدعوات التي ترجوهم الالتزام.

الحالات التي تنشرها الصحافة ووسائل الإعلام الرسمية نقلاً عن القنوات الرسمية طبعاً تكشف قصصاً يندى لها الجبين، بحيث ترون أن حالة واحدة تنقل المرض لعشرات، وكيف أن المخالطة سبب أساس للإصابة.

هذه الأرقام مؤشراتها خطيرة وقد لا يدرك أبعادها كثيرون ممن يريدون العودة لحياتهم الطبيعية، وأهمها أن هدفهم هذا لن يتحقق، إذ كلما قل الالتزام وزاد التساهل فإن الوضع شبه المشلول هذا سيستمر ولربما يتصاعد لندخل مرحلة إغلاق كثير من الأمور، وحتى تطبيق الحظر الذي لم نلجأ له في السابق، إذ كل شيء وارد.

هذه الأرقام ستعني تضرر أبنائكم فيما يتعلق بدراستهم وتحصيلهم العلمي، إذ مهما فعلت وبذلت وزارة التربية والتعليم من جهود فإن الاستهتار وعدم المبالاة سيعني استمرار الدراسة عن بعد وأنه لا عودة للمدارس، وفي هذا الجانب يجب استيعاب تأثير الدراسة غير المباشرة بالنسبة للأطفال الصغار في الروضات أو المرحلة الابتدائية.

هذه الأرقام ستعني أضراراً وخسائر أكبر لأصحاب الأعمال بالأخص الصغيرة والمتوسطة، وبشكل أدق أصحاب المطاعم والمقاهي، وهذه الفئة خسرت كثيراً وتضررت حتى في ظل وجود تعويضات لن تغطي الخسائر ولا الأرباح المتوقعة.

هذه الأرقام ستعني أن الأعمال سيظل وضعها كما هي عليه، بالتالي تضرر عجلة الاقتصاد الوطني لامحالة من خلال تراجع الإنتاجية والعمل بشكل استثنائي بقوة بشرية أقل.

هذه الأرقام ستعني أن كافة الأمور التي فتحت سواء مجمعات ومطاعم وحتى رحلات الطيران قد تواجه سيناريو الإغلاق مجدداً أو وضع قيود أكبر عليها، بالتالي الناس هم متضررون في مقام أول.

باختصار هذه الأرقام ستعني أن الدولة ستتكبد خزينتها مبالغ كبيرة جداً، أي أن خطط إصلاح الميزان الاقتصادي والمالي ستتأخر وتحقيق التوازن المالي سيتأثر والدين العام سيزيد، وهي وضعية قد تفرض حلولاً صعبة سيتأثر بها الناس أنفسهم، ولنذكركم بأمثلة رفع الدعم عن اللحوم وزيادة سعر المحروقات والقيمة المضافة وأخيراً التقاعد، وهنا الحقيقة المرة ستكون بأن المستهترين سيكونون سبباً في هذه التداعيات.

تريدون استعادة حياتكم؟ التزموا، وليترك البعض العناد والتحدي و«العنتريات»، فزيادة الإصابات ستضر الجميع، وستأتي على الجميع بالمصائب، الدولة واقتصادها، والبشر في معيشتهم ودخلهم وأرواحهم.